أطلقت جمعية "تقاطع من أجل الحقوق والحريات" صرخة تنبيه حول موجة الانتهاكات التي تعصف بحقوق وحريات الأفراد في تونس بعد انقلاب 25 يوليو/تموز 2021. المعرض الذي قدمته هذه الجمعية قدم صوراً تعكس الواقع لشخصيات سياسية وحقوقية ومواطنين تعرضوا للقمع والعنف والمحاكمات، فقط لأنهم كانوا معارضين للنظام.
شعار المعرض "وجوه الحرية" يبرز ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في تونس، من مواطنين ومواطنات، ونشطاء وسياسيين وسياسيات، الذين تعرضوا للتعنيف من قبل قوات الشرطة. ويشمل المعرض حالات الإيقاف والسجن التي طاولت فئات مختلفة من المواطنين بسبب نشاطهم السياسي أو ممارستهم حقهم في حرية التعبير. وقد تضمن المعرض 43 شخصية من ضحايا الانتهاكات في تونس، بما في ذلك الشاب عمر العبيدي الذي قتل على يد الشرطة والناشط السياسي عبد السلام زيان وشكري مفتاح، وغيرهم من السياسيين الذين اعتقلوا.
وفي السياق، قالت المسؤولة عن الإعلام في جمعية "تقاطع" مي العبيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "إن الجمعية تسجل انتهاكات حقوق الإنسان في تونس وقد جمعت معطيات حول الضحايا، سواء أكانوا ضحايا لأمن الدولة أم لانتهاكات ذات طابع سياسي، وذلك لأنهم معارضون للنظام". وأكدت أن "هناك تهماً تستند إلى قوانين قمعية قديمة تعود إلى عام 1913، وتُستغل اليوم لاتهام الرئيس بأمور موحشة".
وأضافت المتحدثة أن "استخدام القوانين يجرى وفقاً لرغبة السلطة، حيث تجرى المحاكمات فقط بسبب معارضة البعض للنظام"، واصفة هذا التطور بأنه "تراجع خطير وكارثي". ولفتت إلى أن "تونس، التي عاشت ثورة وكانت تتسم بروح الحقوق والحريات، تعيش اليوم تلك الانتهاكات، ما يمثل تراجعاً مثيراً بالرغم من النجاح الذي حققته بعد الثورة".
من جهته، أكد عضو جمعية "تقاطع" غيلان الجلاصي أن المعرض الذي قدمته الجمعية هو نتاج لجهود مستمرة ودقيقة خلال سنوات من العمل في دراسة وتوثيق الانتهاكات. وأشار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى "وجود أشكال متنوعة من الانتهاكات التي أثرت على المواطنين، بما في ذلك التعذيب والقتل وحالات الاعتقال". وأكد أن "العديد من حالات الاعتقال جرت بسبب حرية الرأي والتعبير، حيث اعتُقل سياسيون بسبب نشاطهم السياسي ومعارضتهم الأحداث التي وقعت في 25 يوليو".
وشدد على أهمية "المعرض كوسيلة للحفاظ على الذاكرة وتوجيه الضوء على حقيقة الانتهاكات". وأشار إلى "ضرورة تكاتف الجهود لحماية حقوق الضحايا"، معرباً عن الحاجة إلى المزيد من العمل للدفاع عن حقوق الإنسان في تونس.
وأوضح أن "وتيرة الانتهاكات منذ 25 يوليو 2021 شهدت تصاعداً غير مسبوق، مع محاكمات عسكرية ومراسيم أثرت سلباً على حقوق الفرد، بما في ذلك المرسوم رقم 54 الذي أسفر عن اعتقال العديد من السياسيين والنشطاء". وأشار إلى "زيادة حالات العنف واعتقالات لا تحترم حقوق الموقوفين".
بدورها، قالت فداء الهمامي، عضو منظمة العفو الدولية وابنة الوزير السابق والمناضل عياشي الهمامي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "إن هناك تدهوراً واضحاً في حقوق الإنسان في تونس، حيث يشهد البلد عودة لأنماط من الانتهاكات التي غابت لسنوات، تشمل حقوقيين وسياسيين فُتحت ضدهم قضايا، وتظهر تهمًا خطيرة بالتآمر والإرهاب غير مدعومة قانونياً".
وأضافت المتحدثة أن "هناك محاكمات لنشطاء وسياسيين ومدونين على أساس فصول مختلفة، مع وجود إجحاف كبير، وأن الهدف من ذلك هو زرع الخوف، مع تصاعد هذه الانتهاكات وتزايد التهديدات الجادة التي تستهدف حرية التعبير".
وفي رأي عضو في المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب أسامة بوعجيلة، فإن "مبادرة جمعية تقاطع تعرض الانتهاكات التي تحدث في تونس وهي موجهة للعديد من الحساسيات من مختلف الانتماءات". وأشار إلى أن "الخطير في الأمر هو تصاعد وتسارع وتيرة الانتهاكات في عدة فئات، في وقت كانت فيه حقوق الإنسان تعد مكسباً بعد الثورة".
وأكد بوعجيلة، لـ"العربي الجديد"، أن هذا "المناخ يبتعد تماماً عن الأجواء الديمقراطية التي تضمن حرية التعبير، وأصبح يثير الخوف ويعيق مشاركة منظمات المجتمع المدني في الحياة العامة، ما يؤدي إلى تثبيت وجهة نظر واحدة في وقت نحتاج فيه إلى التضامن".