هل يستجدي حفتر الأميركيين والأوروبيين؟

23 مايو 2024
خليفة حفتر خلال عرض عسكري لقواته، مايو 2024 (فيسبوك)
+ الخط -
اظهر الملخص
- خليفة حفتر، اللواء المتقاعد والشخصية البارزة في الصراع الليبي، يُعتبر حليفًا لروسيا لتعزيز نفوذها في ليبيا وأفريقيا، لكنه يسعى لجذب دعم الغرب، خاصة الولايات المتحدة.
- يستخدم حفتر خطابات تركز على مكافحة الإرهاب وقضية المهاجرين غير النظاميين للفت انتباه أوروبا والولايات المتحدة، رغم تغاضي الغرب عن تحركاته التوسعية ومحاولته للسيطرة على طرابلس.
- مع تزايد اعتماده على الدعم الروسي، يحاول حفتر استخدام الوجود الروسي في شمال أفريقيا كضغط على الغرب لإعادة التفكير في دعمه، مع العلم بأن روسيا قد تبحث عن بدائل له.

يُصنف اللواء المتقاعد خليفة حفتر كطرف في خريطة الصراع الليبي، كونه حليف روسيا ورجُلها الأول في ليبيا وطريقتها لتنفيذ سياساتها الرامية إلى التمركز في البلاد، واتخاذها قاعدة للتمدد نحو أفريقيا. وفيما يبدو هذا التصنيف صحيحاً في ظاهره إلا أن الواقع غير ذلك، وحفتر يدرك أن موسكو لن تعوّل عليه على المدى الطويل، فلا بد وأنها تملك أوراقاً بديلة عنه في المراحل المتقدمة من مشروعها الأفريقي.

يحمّل حفتر خطاباته ومواقفه في الآونة الأخيرة الكثير مما هو موجّه إلى أوروبا، وإلى واشنطن خصوصاً، للفت أنظار الأخيرة فيما يبدو، ودفعها نحو التقارب والتعامل معه، لا سيما أنه رجل يدين بالفضل للجانب الأميركي الذي احتواه لقرابة 25 عاماً، مقدماً له المأوى والحماية والجنسية الأميركية. يعود الدعم الأميركي الواضح لحفتر في بنغازي، إلى ما يشيره شعار مكافحة الإرهاب كعنوان لحروبه عام 2014، فهو الملف الأهم بالنسبة للأميركيين، خصوصاً أن وقع مقتل السفير الأميركي كريس ستيفنز بمدينة بنغازي عام 2012، كان لا يزال وقتها قاسياً عليهم. يتبع تالياً تغاضي واشنطن عن كل تحركات حفتر التوسيعية، بدعم أوروبي أيضاً، في اتجاه مواقع النفط في الجنوب ووسط شمال البلاد، حيث الموانئ ومنابع النفط. أما في عدوانه على طرابلس يأتي اتصال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بحفتر عام 2019، في سياق الانعكاس الواضح لموافقة ضمنية أميركية على سيطرة حفتر على العاصمة.

ويبقى حفتر حتى تلك اللحظة في مأمن من الغضب الأميركي، لكن غرقه في مستنقع الحرب على طرابلس يؤدي إلى غرقه أكثر في مستنقع روسيا بمدّها يد العون له، واستثمار لحظات ضعفه بالتمدد في مفاصل مناطق يسيطر عليها حينها. ويصبح بعدها من العسير على حفتر التخلص من سيطرة روسيا التي تتحوّل أخيراً إلى مراحل متقدمة تغضب واشنطن والأوربيين بشكل صريح. وفي الواقع، يبدو أن استخدام حفتر ورقة المهاجرين غير النظاميين باتجاه شواطئ أوروبا، وتحديداً إيطاليا وفرنسا، وتضمينه في خطاباته خلال الاستعراضات العسكرية في سرت وبنغازي أخيراً من تهديدات بأنه لن يفسح المجال أكثر للحوار السياسي، في إشارة لإرجاع البلاد إلى دائرة الحرب مجدداً، والكثير من المواقف آخرها إعلان الحكومة التي تخضع لأوامره في بنغازي عن اتصالات تجريها في موسكو من أجل دعوتها لبناء مصافي لتكرار النفط الليبي في بنغازي وطبرق، وبناء مشروع قطار يربط طبرق بمناطق الجنوب الليبي، كلها رسائل تحمل في مضامينها خطاباً موجهاً للدول الغربية للفت أنظارها إلى ضرورة التوجه نحوه وأنه لا يزال عاملاً فاعلاً يمكن التعامل معه.

يدرك حفتر جيداً أن واشنطن وأوروبا لن تسمح بوجود روسي في شمال أفريقيا مهما كلّف الأمر، وهي موجودة فعلياً في غرب البلاد، ولذا فرسائله التي تحمل في طياتها تهديداً مبطناً، وآخرها السماح لروسيا ببناء مصاف لتكرير النفط في طبرق وبنغازي، وبناء خط للقطار من طبرق إلى فضاء الجنوب، قد تحمل معاني أخرى على صلة بأن ركونه لموسكو يأتي بسبب التفات الغرب عنه. مما لا شك فيه أن حفتر يعلم جيداً أنه يقع في أوحال مستنقع الصراع الدولي الذي يتجاوز قدراته بمراحل كبيرة، وعليه أن يعجل بالسعي للخروج منه، خصوصاً أنه يعلم أن موسكو لا تحصر تحالفها واتصالها به فقط في الساحة الليبية، بل لها تواصلها برموز النظام السابق النافذين في الجنوب الليبي أكثر من نفوذه. 

المساهمون