ما تأثير تمرّد "فاغنر" على الدور الروسي في الخارج؟

26 يونيو 2023
تعتبر مجموعة "فاغنر" المسلّحة منذ سنوات الذراع العسكرية لموسكو في الخارج (Getty)
+ الخط -

تعتبر مجموعة "فاغنر" المسلّحة، منذ سنوات، الذراع العسكرية لموسكو في الخارج، خصوصاً في سورية وعدّة دول أفريقية. غير أنّ دورها الآن بات موضع تساؤل بسبب التمرّد الذي قاده رئيسها يفغيني بريغوجين.

بناء على الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في نهاية التمرّد، الذي أوصله إلى بعد أقل من 400 كيلومتر من موسكو قبل أن يتراجع، سيكون على يفغيني بريغوجين الذهاب إلى المنفى في بيلاروسيا، حليفة موسكو، وإعادة صياغة علاقاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ولكن ماذا سيحصل لعمليات فاغنر في الساحات الخارجية، حيث تتفوّق هذه المليشيا الخاصة في استغلال الثروات المحلية وحماية الحكومات وفي حرب المعلومات والعمليات العسكرية الوحشية؟

تأثيرات محتملة في الشرق الأوسط وأفريقيا

يقول روب لي من معهد أبحاث السياسة الخارجية على تويتر: "قد نلمس أكبر تأثيرات هذا الحدث في الشرق الأوسط وأفريقيا"، مضيفاً أنّ "التسوية قصيرة الأمد" تختلف عن "الحل طويل الأمد".

وحاولت موسكو، الاثنين، تبديد الشكوك من خلال التأكيد أنّ فاغنر ستواصل عملها في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، وأنّ تمرّد هذه المجموعة في روسيا لن يؤثّر على العلاقة بين الكرملين وحلفائه.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنّ عناصر "فاغنر" "يعملون هناك بصفة مدرّبين. بالطبع سيتواصل هذا العمل"، مشدّداً على أنّ التمرّد لن يؤثّر على علاقات روسيا مع "شركائها وأصدقائها".

كذلك، أكد لافروف أنّ ما جرى خلال نهاية الأسبوع لن يغيّر أيّ شيء في علاقات روسيا مع حلفائها الأفارقة.

اعتماد متبادل

هناك أمر واحد واضح: كان على بريغوجين وبوتين إثارة الموضوع قبل الاتفاق. لأنّ فاغنر تعتمد بشكل كبير على وزارة الدفاع الروسية التي تسلّمها القوات والمعدّات والأسلحة في مسارح نشاطاتها. كما أنّ موسكو تحتاج إلى فاغنر للحفاظ على السيطرة في هذه المناطق المضطربة، حيث تعمل على تقليص النفوذ الغربي، وفق تعبير "فرانس برس".

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

فاغنر في سورية: "قوات خاصة"

في سورية، يقول "المرصد السوري لحقوق الإنسان" إنّ مرتزقة فاغنر - وهم من الروس ومن محاربي الاتحاد السوفييتي السابقين ومن السوريين - تصرّفوا مثل "قوات خاصّة" في الميدان إلى جانب الجيش الروسي ابتداءً من العام 2015. كما أنّهم موجودون اليوم بأعداد أقل قرب آبار النفط، وكذلك في محافظتي حماة واللاذقية.

فاغنر في أفريقيا: إحضار الذهب والمعادن

في أفريقيا، جرى تحديد وجودهم في ليبيا والسودان وموزامبيق خصوصاً. كما أنّهم موجودون في مالي، على الرغم من أنّ المجلس العسكري ينفي ذلك ويتحدّث عن "مدرّبين روس". أمّا في جمهورية أفريقيا الوسطى، فيدير مسؤول تنفيذي في "فاغنر" أمن الرئيس فوستين أرشانج تواديرا.

ويقول مصدر عسكري أوروبي إنّ المجموعة تُحضِر "الذهب والمعادن من وسط أفريقيا ومن مالي، وهو ما يحتاج إليه بوتين للحفاظ على اقتصاده".

وفي فبراير/ شباط، اتهم الخبير المستقل للأمم المتحدة بشأن وضع حقوق الإنسان في وسط أفريقيا الجيش وحلفاءه الروس بارتكاب انتهاكات، ثمّ أعلن الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة ضدّ فاغنر.

والجمعة، اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون روسيا بأنّها "قوة لزعزعة استقرار أفريقيا عبر مليشيات خاصّة تنكّل بالمدنيين".

 تردّد وترقّب

يعتمد ما سيحدث لاحقًا على المفاوضات بين بوتين وبريغوجين برعاية الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو. ويقول ماكسيم أودينيه من معهد الأبحاث الاستراتيجية في المدرسة العسكرية في باريس: "من الواضح، في بانغي وفي باماكو، أنّ هناك نوعًا من التردّد والترقّب بشأن ما يحدث"، مشيراً إلى أنّه جرى حجب المواقع المرتبطة ببريغوجين، لكن في روسيا فقط.

ويؤكد أودينيه، لوكالة فرانس برس، أنّ "تفويض سلطات سيادية لفاغنر للتدخّل حيث لا ترغب الدولة الروسية في التدخّل منحها مساحة للمناورة أكبر ممّا كان متوقّعاً".

ويضيف: "أتخيّل أنّه في المناقشات، جرى طرح مسألة مستقبل كلّ نشاطاتها الخارجية على الطاولة. أصبحت شبكة بريغوجين اللاعب المهيمن في إطار الحضور الروسي في أفريقيا جنوب الصحراء في السنوات الأخيرة. ستواجه علاقة التوازن الهشّة بين الجهات الفاعلة الروسية الحكومية وغير الحكومية في القارة اضطرابات كبيرة".

مع ذلك، سيستغرق الأمر وقتاً حتّى يتبدّد الضباب.

وتقول بولين باكس، نائبة مدير برنامج أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إنّ "فاغنر كانت تتمتّع بقدر معيّن من الحرية في مشاريعها في أفريقيا"، مضيفة: "من دون التعاون مع وزارة الدفاع، لا أرى كيف يمكن للمجموعة مواصلة العمل هناك".

ولكنّها تشير إلى أنّ بوتين "لا يمكنه إرسال جنود روس مكان فاغنر. لا أتخيّل انسحابه الفوري من القارّة".

(فرانس برس)

 

المساهمون