قطر في يومها الوطني: تضامن مع فلسطين بعد نجاحات دبلوماسية

18 ديسمبر 2023
طفل يحمل العلم القطري في الدوحة، 18 ديسمبر 2022 (Getty)
+ الخط -

تحيي الدوحة، اليوم الإثنين، ذكرى تأسيس دولة قطر على يد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، في 18 ديسمبر/كانون الأول 1878، الذي يحتفل به في 18 ديسمبر من كل عام، فيما تفرض الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة نفسها على الحدث هذا العام.

وتقرر تأجيل المسير الوطني، الذي يقام سنوياً على كورنيش الدوحة، ويعد ذروة الاحتفالات القطرية بالمناسبة، واقتصار الاحتفالات في هذا العام على إحياء الموروث الثقافي والاجتماعي لدولة قطر، والمتمثل بـ"درب الساعي"، الذي يحاكي في الشكل المدينة القطرية القديمة، بهدف ربط الجيل الحالي بحياة الأجداد وتعريفهم بحياة القطريين قديماً.

كما أطلقت هيئة تنظيم الأعمال الخيرية حملة "واجب فلسطين" الإغاثية، لمساعدة المتضرّرين من العدوان على قطاع غزة، بالشراكة مع جمعية الهلال الأحمر القطري وقطر الخيرية، وبالتعاون مع المؤسسة القطرية للإعلام، بهدف تلقي التبرعات من شرائح المجتمع كافة، من قطريين ومقيمين، لشراء ما يلزم من احتياجات عاجلة من دواء وغذاء، وخيام، وكساء، ومياه، ومواد التنظيف، ومستلزمات الأطفال والنساء. كما سيقوم تلفزيون قطر بتغطية مباشرة للحملة، ولمواقع التبرعات من الحي الثقافي "كتارا"، وسوق واقف، ودرب الساعي.

ظروف استثنائية لليوم الوطني القطري

في السياق، قالت نائبة رئيس مجلس الشورى القطري حمدة بنت حسن السليطي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "ذكرى اليوم الوطني لهذا العام تأتي في ظروف استثنائية، يتعرض فيها أشقاؤنا في قطاع غزة لعدوان ممنهج وإبادة جماعية"، مضيفة: "لم تدخر دولة قطر جهداً في دعم صمود إخواننا في فلسطين، عبر سعيها الدؤوب لإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، وقيادتها جهود الوساطة الدولية لوقف إطلاق النار والتوصل إلى هدنة إنسانية حقناً لدماء الأبرياء".

وتابعت: "كانت قطر ولا تزال تقدّم للأشقاء الفلسطينيين كل أشكال الدعم الممكن، انطلاقاً من موقفها الثابت والراسخ من عدالة القضية الفلسطينية وضرورة أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة كاملة غير منقوصة".


السليطي: أكدت دولة قطر مكانتها ودورها كوسيط موثوق وكفاعل رئيسي في جهود تحقيق الأمن والسلم الدوليين

ولفتت السليطي إلى أن "الجهود القطرية بالشراكة مع الدول الفاعلة أسفرت عن هدنة جرى بموجبها وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، كما جرى بموجب الوساطة القطرية بين حركة حماس وإسرائيل تبادل للأسرى، وهو ما قوبل بإشادة دولية واسعة".

وتابعت: "أكدت دولة قطر من خلال تلك الجهود مكانتها ودورها كوسيط موثوق وكفاعل رئيسي في جهود تحقيق الأمن والسلم الدوليين، عبر دعوتها وتمسكها بالحوار كحل لكافة الخلافات والصراعات، ونتطلع إلى أن تحقق تلك المساعي تقدماً في هذا الملف بما يؤدي إلى وقف شامل للعدوان الغاشم".

كما عرضت السليطي لجهود مجلس الشورى، كممثل للشعب القطري، ودوره الرافض لهذا العدوان الهمجي، وتأسيساً على دور البرلمانيات والبرلمانيين في رفض الظلم والسعي إلى رفعه عمن يرزحون تحت وطأته، وذلك "حين اتخذ المجلس عدداً من الخطوات الرامية إلى تثبيت أقدام إخواننا ونصرتهم ورفع الظلم عنهم، عبر التنديد بما تقوم به إسرائيل من مجازر يندى لها الجبين، ومطالبة المجتمع الدولي بالتحرك السريع لوقف آلة القتل والدمار".

تضامن قطري مع غزة

أما الكاتب الصحافي القطري عيسى آل إسحاق فأكد، في حديث مع "العربي الجديد"، أن التكاتف من أبناء الشعب القطري وقيادته تجاه أوضاع غزة، والشعب الفلسطيني عموماً، دليل على افتخار قطر بقوميتها العربية وعقيدتها الإسلامية.

وأضاف أن قرار إلغاء المسير العسكري من الاحتفالات في اليوم الوطني ليس مستغرباً، فأحداث حلب تشهد بذلك، حيث سبق لدولة قطر أن الغت احتفالاتها الوطنية تضامناً مع ما تعرض له الشعب السوري في حلب من مذابح على يد النظام عام 2016.

ولفت آل إسحاق إلى "عدد من النجاحات التي سجلتها الدبلوماسية القطرية في العام الحالي، ومنها نجاح قطر في الوصول إلى هدنة مؤقتة وتبادل الأسرى بين القوات الصهيونية وحركة حماس، والجهود القطرية ما زالت متواصلة بهذا الشأن، والتوصل إلى اتفاق بين كل من الولايات المتحدة وإيران لإطلاق سراح رهائن أميركيين في إيران مقابل إفراج أميركا عن مليارات إيران التي كانت مرهونة لدى كوريا الجنوبية والتي تحولت إلى المصارف القطرية، إضافة إلى نجاح قطر في التوسط لإطلاق سراح الأطفال الأوكرانيين لدى روسيا".

من جهته، اعتبر الكاتب الإعلامي القطري صالح غريب، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "اليوم الوطني يشكل فرحة للجميع، إلا أن فرحة القطريين منقوصة هذا العام وتختلف عن المرات السابقة، بسبب ما يحدث في غزة من حرب تدمي قلوب الجميع، ومن هنا، جاء تأجيل وإلغاء المسير الوطني الذي يقام سنوياً على كورنيش الدوحة كأحد أبرز مظاهر الاحتفال باليوم الوطني".

وتحدث غريب عن أبرز الإنجازات التي حققتها قطر وعلى جميع المستويات، العام الحالي، وأهمها الوساطة التي تقوم بها حالياً لإيقاف إطلاق النار في غزة، ونجاحها في التوصل إلى الاتفاق الأميركي الإيراني، والإفراج عن الأطفال الأوكرانيين، وإثبات قطر، في هذه الملفات وغيرها، أنها وسيط نزيه بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

أما المستشار الإعلامي القطري جاسم فخرو فاعتبر، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتفال بذكرى اليوم الوطني للبلاد مناسبة عزيزة على قلوب القطريين، يؤكدون فيها فخرهم بانتمائهم الوطني واعتزازهم بالسياسة الحكيمة لبلادهم، التي جعلت من قطر وجهة عالمية للحوار وصناعة الحلول والوساطات الناجحة".


آل إسحاق: إلغاء المسير العسكري ليس مستغرباً، إذ سبق لدولة قطر أن قامت بالمثل تضامناً مع حلب في عام 2016

وأضاف فخرو: "كانت قطر سبّاقة في إلغاء المسير العسكري الذي يقام سنوياً بمناسبة اليوم الوطني تضامناً مع أهلنا في غزة، على أن تضامن قطر مع غزة لم ينحصر بهذه النقطة، فهناك عمل متواصل وجهد دؤوب تبذله القيادة القطرية لوقف العدوان على غزة، والدبلوماسية القطرية تعمل كخلية نحل لتحقيق الوساطات الناجحة، التي كان من ثمارها الهدنة الإنسانية وتبادل الأسرى".

ولفت إلى أن "الدور السياسي الناجح لدولة قطر، والإنجازات التي حققتها، جعلتها شريكاً دولياً فاعلاً وموثوقاً للأمم المتحدة في صنع الوساطات الناجحة، وهي مسيرة ممتدة عبر عقدين من الزمن".

وساطات قطرية ناجحة في 2023

شهد العام الحالي سلسلة وساطات ناجحة قامت بها الدبلوماسية القطرية لتفكيك عدد من النزاعات، كان أبرزها، والتي لا زالت مستمرة، التوصل إلى هدنة وتبادل للأسرى بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس في اليوم الـ47 من الحرب العدوانية التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة.

وعلى الرغم من استئناف العدوان، فما زالت الوساطة القطرية جارية بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وتبادل الأسرى. كما توسطت قطر في اتفاق تبادل محتجزين بين الولايات المتحدة وإيران في أغسطس/آب الماضي، وشمل الاتفاق الإفراج عن 5 إيرانيين كانوا محتجزين في الولايات المتحدة، ورفع الحظر عن 6 مليارات دولار من أموال طهران، وإيداع الأموال الإيرانية، التي كانت مجمدة في كوريا الجنوبية، في المصارف القطرية، وفي المقابل، أفرجت إيران عن 5 سجناء أميركيين وصلوا إلى الدوحة في سبتمبر/أيلول الماضي، ونقلوا بعدها إلى الولايات المتحدة.

وأعلنت قطر، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نجاح عملية لمّ شمل أطفال أوكرانيين بعائلاتهم في أوكرانيا، التي توسطت بها، واعتبرتها بداية نحو لمّ شمل بقية الأطفال المتأثرين بالحرب الروسية الأوكرانية بعائلاتهم.

وهذه الوساطة ما زالت مستمرة، إذ أعلنت وزارة الخارجية القطرية، مطلع شهر ديسمبر الحالي، نجاح العملية الثانية للمّ شمل أطفال أوكرانيين مع عائلاتهم. وأوضح مسؤول قطري أن الدوحة تعمل على استعادة المزيد من الأطفال الأوكرانيين من خلال آلية جرى التوافق عليها مع الروس والأوكرانيين.

وكان العام الحالي قد شهد وضع حجر الأساس لتوسعة حقل الشمال للغاز الطبيعي، الذي يعتبر أكبر حقل للغاز في العالم، وانطلق، مطلع أكتوبر الماضي، العمل بالمرحلة الأولى من توسعة حقل الشمال الشرقي، ما سيرفع إنتاج قطر من 77 مليون طن من الغاز المسال سنوياً إلى 110 ملايين طن خلال عام 2026، ويمثل ذلك زيادة بنسبة 43 في المائة.

ومع انتهاء التوسعة في جزئيها الشرقي والغربي عام 2027، سيبلغ إنتاج حقل الشمال، الأكبر في العالم، 127 مليون طن سنوياً. كما شهد العام الحالي افتتاح معرض "إكسبو 2023 الدوحة للبستنة" تحت شعار "صحراء خضراء، بيئة أفضل".

وقال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمته خلال الافتتاح، إن "احتضان دولة قطر معرض "إكسبو 2023 الدوحة للبستنة" ينسجم مع التزاماتها في التنمية المستدامة وطنياً ودولياً"، لافتاً إلى أنه "يشكل إضافة نوعية لمبادرات متنوعة تتبناها قطر لضمان مستقبل أكثر أماناً واستقراراً لشعوب الأرض كافة".