سد النهضة: اتفاق محتمل بين مصر وإثيوبيا برعاية إماراتية

08 يوليو 2023
سد النهضة في فبراير 2022 (ميناسي وونديمو هايلو/الأناضول)
+ الخط -

كشفت مصادر مطلعة على ملف المفاوضات الخاصة بشأن سد النهضة الإثيوبي أن "هناك مؤشرات جديدة بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد بين القاهرة وأديس أبابا، برعاية إماراتية، يشمل تحديد حصة من مياه النيل لكل طرف".

وأوضحت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "من ضمن المؤشرات الحديث حول تخفيض إثيوبيا ارتفاعات كانت مقررة للسد، بما يسمح بحصول مصر على كمية مياه أكبر". وأعرب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، أمس الأول الخميس، عن استعداد بلاده لاستئناف مفاوضات سد النهضة مع مصر والسودان.

وقال أبي أحمد في اجتماع الدورة العادية 28 لمجلس النواب، إن بلاده تجاوزت المرحلة السابقة لتحديات سد النهضة، وإن حكومته تفكر حالياً ببناء "خطة استراتيجيات مستقبلية مشتركة، ستقوم بعرضها على دولتي المصب (السودان، مصر)، بما سيخدم مصالح الدول الثلاث".


نادر نور الدين: طالما كان الفيضان غزيراً لن تتأثر تدفقات النيل الأزرق إلى السودان ومصر

وأضاف أحمد أن "عملية التخزين بسد النهضة لهذا العام ستتم تدريجياً"، مؤكداً "التزام بلاده بعدم الإضرار بدولتي المصب السودان ومصر". وأوضح أن بلاده "ستقوم خلال موسم الأمطار الحالي بعملية التخزين بسد النهضة تدريجياً بخلاف الأعوام السابقة، من دون الإضرار بالأشقاء في السودان ومصر".

وأشار إلى أن "التخزين التدريجي سيتم بما لا يضر دولتي المصب السودان ومصر حتى نهاية الموسم"، مؤكداً أن إثيوبيا "تقوم بمسؤولية كاملة بالحفاظ على عدم التسبب في أي ضرر كبير لدولتي المصب من عملية التخزين الحالية، حتى لا تتأثر نسب المياه التي تصل إلى دولتي مصر والسودان".

رعاية إماراتية لاتفاق محتمل مصري ـ إثيوبي

وفي السياق، قال أستاذ هندسة السدود محمد حافظ، لـ"العربي الجديد": "قد نرى في الفترة المقبلة الرئيس عبد الفتاح السيسي وأبي أحمد يوقّعان على اتفاقية تتضمن اعتراف مصر بالحصة الإثيوبية، برعاية إماراتية".

وتابع: "ربما هذا الأمر يفسر ظهور بعض الأخبار غير الرسمية بخصوص توقف إثيوبيا عند منسوب 621 متراً فوق سطح البحر بدلاً من 625 متراً للممر الأوسط لإظهار حسن النية تجاه مصر، أو ربما تنفيذاً لشروط الإمارات ومصر، وهكذا تحصل الدولة المصرية في نهاية العام المائي (أغسطس/ آب 2023 – يوليو/ تموز 2024)، على قرابة 10 مليارات متر مكعب من المياه، بدلاً من 6 مليارات متر مكعب في حال الوصول لمنسوب 625 متراً. غير أن هذا الأمر متاح فقط إذا كان منسوب الفيضان متوسطاً أو مرتفعاً، أما في حال وصول الفيضان لأقل من المتوسط، فلن تصل للدولة المصرية 10 مليارات متر مكعب من المياه، حتى ولو توقفت إثيوبيا عن منسوب 621".

وحركت تصريحات لوزير الموارد المائية والري المصري السابق محمد نصر الدين علام، حول تداعيات سد النهضة على مصر، موجة من التفاعل والجدل بين خبراء ومختصين ومواطنين مصريين. وكتب علام منشوراً على "فيسبوك"، الأحد الماضي، بعنوان "سد النهضة الإثيوبي ونقاط توضيحية"، وقال إن ملء السد سيقتطع من حصة مصر المائية التي لا تعترف بها إثيوبيا، مضيفاً: "فواقد التخزين المائية السنوية من السد عن طريق التبخير والرشح ستكون أيضاً من حصة مصر المائية".


محمد نصر الدين علام: أضرار السد الإثيوبي دائمة وليست مؤقتة، وتزداد في فترات الجفاف

وأضاف علام أن "أضرار السد الإثيوبي دائمة وليست مؤقتة، وتزداد في فترات الجفاف، ومن الجهل القول إن الضرر على مصر يأتي أثناء ملء السد فقط. فالسد سيملأ ويفرغ العديد من المرات خلال عمره الافتراضي".

وأوضح أنه "حتى لو تم عقد أي اتفاق للملء والتشغيل، ستكون أيضاً هناك أضرار مائية على مصر ولكنها ستكون محدودة ويمكن التعايش معها وتحمّلها. وسيكون هناك نقص كبير في كهرباء السد العالي".

وأشار إلى أن السد الإثيوبي "سيؤدي إلى تداعيات بيئية سلبية في شمال الدلتا، وسينخفض منسوب المياه الجوفية في الدلتا والوادي، ومشاكل ملاحية بطول النهر، وستتأثر سلباً إنتاجية المزارع السمكية".

حجم الملء الثالث من سد النهضة

بدوره، اعتبر أستاذ الموارد المائية والأراضي في جامعة القاهرة نادر نور الدين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حجم الملء الثالث بلغ 14 مليار متر مكعب في العام الماضي، ليصل إجمالي المخزون إلى 22 مليار متر مكعب، ولكن الفيضان كان غزيراً في الملء الثالث، فخزنت إثيوبيا وامتلأت السدود السودانية الثلاثة، روصيرص وسنار ومروى، كما امتلأت بحيرة السد العالي تماماً".

وتابع نور الدين: "طالما كان الفيضان غزيراً فلتملأ إثيوبيا كما تشاء، ولن تتأثر تدفقات النيل الأزرق إلى السودان ومصر بحجم 50 مليار متر مكعب، وهذا ما سبق أن طلبته مصر والسودان من إثيوبيا، بأن يكون الملء طبقاً لهيدرولوجية المياه".

ولكنه استدرك أن "هذا مستحيل تحقيقه لأن إثيوبيا تبدأ في تعلية الحاجز الأوسط المسؤول عن التخزين وحجز المياه في نهاية إبريل/ نيسان وتنتهي منه في منتصف يونيو/ حزيران من كل عام، قبل أن تظهر ملامح الفيضان في يوليو وأغسطس، وبالتالي ستملأ إثيوبيا ما خططت له بالتعلية سواء كان الفيضان غزيراً أو شحيحاً".

ولفت نور الدين إلى أنه "إذا استمر الفيضان الغزير في أثناء فترات الملء الحالية المقبلة، فلن تتضرر لا مصر ولا السودان، وإذا حدث الملء في أثناء الفيضان الشحيح، فلن تتضرر الشعوب، بل يتضرر مخزون بحيرة السد العالي بحجم الملء".

وتابع: "مثلاً إذا ملأت إثيوبيا 20 مليار متر مكعب في زمن تنخفض فيه تدفقات النيل الأزرق إلى 35 مليار متر مكعب فقط، تقتطع منها إثيوبيا 20 ملياراً فسيصل إلى مصر 15 ملياراً من النيل الأزرق و22 ملياراً من نهري عطبرة والسوباط، ونحو 15 ملياراً من النيل الأبيض، بإجمالي 52 ملياراً، بدلاً من 84 مليار متر مكعب، وبالتالي ينخفض منسوب بحيرة السد العالي 20 - 30 مليار متر مكعب. وإذا كان مخزون بحيرة السد على قمته بسعة 162 ملياراً فستصبح 142 ملياراً، هذا إذا تم اقتطاع الكمية كلها من حصة مصر، ولكن واقعياً ستقتطع 7 مليارات من السودان و13 ملياراً من حصة مصر، بحصتهما نفسها في مياه النيل، ويتحمل البلدان نقص التدفقات، وبالتالي ينخفض منسوب بحيرة السد العالي 13 - 23 ملياراً فقط، ولن يشعر الشعب في قطاعات الزراعة والصناعة والاستعمال المنزلي بهذا النقص لأن مصر ستسحب من مخزون البحيرة إلى أن تعود تدفقات النيل الأزرق كاملة بعد تمام انتهاء التخزين".

 

المساهمون