يتوقع أن تتكثف اقتحامات المستوطنين المسجد الأقصى المبارك، غداً الثلاثاء، بعد اقتحامات اليوم الإثنين، والدعوات التي أطلقتها، خلال الأيام الماضية، جماعات الهيكل المتطرفة، ودعت فيها أتباعها ومناصريها إلى أوسع اقتحامات بمناسبة رأس السنة العبرية، التي بدأت طقوس الاحتفال بها مساء أمس الأحد وتستمرّ حتى السابع عشر من الشهر المقبل، فيما تأتي هذه الدعوات مقابل دعوات مقدسية للتصدي لاقتحامات المستوطنين.
وقال رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس عكرمة صبري، لـ"العربي الجديد"، إن "ممارسات جنود الاحتلال ومستوطنيه داخل باحات المسجد وعلى أبوابه مستنكرة ومرفوضة، وندعو أبناء شعبنا إلى شد الرحال إلى المسجد الأٌقصى اليوم وغداً، وطيلة الأيام المقبلة، للدفاع عنه وحمايته من الأخطار المحدقة به".
وشدد صبري على أن "المطلوب اليوم من شعوب أمتنا العربية والإسلامية هبة شعبية لنصرة المسجد الأقصى، حيث يواصل الاحتلال والمستوطنون تغولهم على مسجدنا الذي سنفتديه بأرواحنا".
بدورها، عبّرت مرجعيات دينية ونشطاء مقدسيون عن غضبهم وإدانتهم لممارسات قوات الاحتلال القمعية بحق المصلين في المسجد الأقصى، واعتدائها على المعتكفين داخل المصلى القبلي، ثم امتداد هذه الاعتداءات إلى أبواب المسجد، خصوصاً بابي السلسلة والأسباط حيث كان أصيب عدد من المرابطين واعتقل آخرون.
ووجّه مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني نداء للأمتين العربية والإسلامية لتدافع عن المسجد الأقصى الذي يتعرض لعدوان المستوطنين وقوات الاحتلال، مشدداً في حديث لـ"العربي الجديد" على أن ما قام به المستوطنون منذ صباح اليوم الإثنين، بحماية الاحتلال وشرطته، ونفخهم في البوق عند أبواب المسجد، هو استفزاز خطير صاحبه اعتداء على المرابطين والمعتكفين داخل المصلى القبلي واستهدافهم بالرصاص المطاطي، وهو أمر لا يمكن التسليم به.
أما مدير دائرة الوعظ والإرشاد بالأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ رائد دعنا، فأكد لـ"العربي الجديد" أن جموع المسلمين من مرابطين ومعتكفين لن يتركوا الأقصى وحيداً وسيدافعون عنه بأرواحهم". وقال: "إن شبابنا من القدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، الذين منعوا منذ الفجر من دخول الأقصى وتعرضوا للأذى من جنود الاحتلال، مصممون على الدفاع عن مسجدهم".
من جهته، قال المسن أبو بكر الشيمي، من فلسطين المحتلة عام 1948، والذي تعرض لاعتداء بالدفع والضرب أفقده وعيه من قبل جنود الاحتلال، إنه سيواصل رباطه ودفاعه عن الأقصى، مفتدياً إياه بروحه.
ومن على سرير الشفاء في المقاصد، حيث أصيب برضوض في العنق وجروح في الرأس، قال الشيمي لـ"العربي الجديد": "كرمال الأقصى أرواحنا بتهون، وربنا يحيي كل الشباب والأخوات المرابطين والمدافعين عن الأقصى، هذا أقصانا وما بنقبل يدنسوه مهما كان الثمن".
إلى ذلك، أكد ناشطون مقدسيون عزمهم على الدفاع عن الأقصى وصدّ عدوان المستوطنين عليه، رغم آلة القمع التي استهدفت العديد منهم بالضرب والاعتقال والإبعاد عن الأقصى.
وقال الناشط محمد الياسيني، في حديث لـ"العربي الجديد"، "إن جنود الاحتلال أغلقوا جميع المداخل المؤدية إلى المسجد الأقصى اليوم، وحوّلوا محيطه إلى ثكنة عسكرية، بيد أن عشرات النشطاء تمكنوا بالفعل من الدخول إلى المسجد ومشاركة المرابطين في الدفاع عن مسجدهم، كما اصطدم آخرون مع مجموعات من المستوطنين، خصوصاً في منطقة باب السلسلة وشارع الواد".
وكان لافتاً في اقتحامات اليوم الإثنين ارتداء عشرات المستوطنين اللباس الأبيض أو ما يعرف برداء كهنة الهيكل، كما قيامهم بالنفخ في البوق خارج ساحات المسجد، وبالتحديد عند مدخل باب القطانين، أحد أبواب الأقصى، وفي ساحة البراق.
وأوضح الباحث المختص في شؤون الأقصى زياد ابحيص أن "للباس الأبيض طبيعتين: هو من جهة لباس التوبة التوراتي الذي يختص بأيام التوبة العشرة التي تبدأ اليوم وتمتد حتى غروب شمس يوم الغفران في الخامس عشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وهو في الوقت عينه لباس طبقة الكهنة، وهم رجال دين من نسل الكاهن هارون كما تسمي التوراة سيدنا هارون عليه السلام، ومهمتهم قيادة الصلوات اليهودية في الهيكل المزعوم. وهذا لباس ديني توراتي، وإدخاله إلى الأقصى مشابه لإدخال شال الصلاة والبوق والشمعدان، ومجرد اقتحام الأقصى به هو ممارسة لطقس توراتي في أقدس مقدسات المسلمين".
يذكر أن اقتحامات الأقصى ترافقت اليوم مع حصار مشدد على المسجد وأبوابه، حيث منع جنود الاحتلال أعداداً كبيرة من الشبان من الوصول إلى المسجد أو الدخول إلى البلدة القديمة لغير قاطنيها.
وسُجلت عند أبواب الأقصى، خصوصاً باب حطة، باب الأسباط، باب القطانين، وباب السلسلة، نقاط احتكاك مع قوات الاحتلال، التي اعتدت بالضرب والدفع على المواطنين الذين منعوا من الدخول إلى الأقصى، ما أوقع إصابات، بالإضافة إلى اعتقال المزيد من الشبان.
وشهد بابا الأسباط والسلسلة أعنف الاعتداءات من قبل جنود الاحتلال على المرابطين، وعلى النساء والفتيات تحديداً، حيث أصيبت ثلاث مرابطات بعد تعرضهن للضرب العنيف بالهراوات، وتم سحل إحداهن، وسجل اعتقال عدة فلسطينيين، وإصابة خمسة آخرين.
وبالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من قواتها التي انتشرت داخل ساحات الأقصى، كانت شرطة الاحتلال، وعلى مدار جولتي الاقتحام، استعانت بطائرة مسيّرة فوق المسجد الأقصى والبلدة القديمة، إضافة إلى شبكة كاميرات المراقبة المتطورة المنصوبة على السور الغربي للمسجد الأقصى وعلى جميع بواباته، فيما استعانت بعناصر من الأمن والمخابرات بلباس مدني داخل أسوار البلدة القديمة.