دعوات لتشكيل بعثة أممية مستقلة لتقصي الحقائق في انفجار مرفأ بيروت

الذكرى الـ3 لانفجار مرفأ بيروت: دعوات لتشكيل بعثة أممية مستقلة لتقصي الحقائق

03 اغسطس 2023
أشار موقعو البيان إلى التدخل السياسي المستمر في التحقيق الداخلي (أسوشييتد برس)
+ الخط -

دعت منظمات دولية، في الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، إلى تشكيل بعثة أممية مستقلة ومحايدة لتقصّي الحقائق، في ظل التدخل السياسي المستمرّ في التحقيق الداخلي.

وقال أكثر من 300 منظمة وفرد اليوم، منهم، "هيومن رايتس ووتش" وناجون وأسر الضحايا، في بيان اليوم الخميس، إن على الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة "طرح قرار لإرسال بعثة مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق في الانفجار"، الذي وقع في 4 أغسطس/آب 2020.

ووجّه الموقعون رسالة مشتركة إلى الممثلين الدائمين للدول الأعضاء والدول المراقبة في المجلس، تشير إلى "التدخل السياسي المستمر في التحقيق الداخلي لفترة ناهزت ثلاث سنوات".

وقال بول وتريسي نجار، اللذان فقدا طفلتهما ألكسندرا البالغة من العمر 3 أعوام في الانفجار، إنه "مرّت ثلاث سنوات على الانفجار المدمّر الذي أودى بحياة ابنتنا ومنزلنا وأحيائنا، وما زلنا لا نستطيع الوصول إلى الحقيقة والعدالة في بلد مبتلى بالإفلات من العقاب، وقد دعونا كل دولة عضو في مجلس حقوق الإنسان إلى الاستماع إلى صرختنا من أجل العدالة وإنشاء بعثة أممية لتقصي الحقائق".

وقال الباحث في "هيومن رايتس ووتش" رمزي قيس، في بيان، إن "السلطات اللبنانية عرقلت بشكل متكرر ومتعمد التحقيق في الانفجار طوال ثلاث سنوات، متجاهلة تماماً حق الضحايا وعائلاتهم في الحقيقة والعدالة، مشدداً على أن ثمة حاجة إلى تحرك دولي لكسر ثقافة الإفلات من العقاب في لبنان".

ومنذ 23 ديسمبر/كانون الأول 2021، عُلِّق التحقيق المحلي إثر سلسلة من الطعون القانونية التي قدّمها سياسيون متهمون بجرائم متصلة بالانفجار ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، والتي تجاوزت الـ25 طلباً لإقالة الأخير، وقضاة آخرين معنيين بالقضية، متسببين بتعليق التحقيق أكثر من مرة إلى حين البت في الطلبات.

وقرر القاضي البيطار استئناف تحقيقاته في 23 يناير/كانون الثاني 2023، وقيامه بإخلاء سبيل خمسة موقوفين من أصل 17، والادعاء على ثمانية أشخاص جدد في الملف، من ضمنهم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات وقضاة وقادة أمنيون، وتعيين مواعيد لاستجواب مدعى عليهم آخرين، ضمنهم وزراء سابقون وضباط في الجيش.

من جهته، تجاوز النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات قرار محكمة التمييز بقبول تنحّيه عن الملف بفعل صلة القرابة التي تربطه بالمدعى عليه الوزير السابق النائب غازي زعيتر (حركة أمل)، واتخذ عويدات جملة إجراءات بحقه، منها منع جميع الأجهزة الأمنية من تنفيذ قرارات البيطار، إطلاق سراح جميع الموقوفين، وإصدار قرار بمنع سفرهم، وقد اتصل ذلك بفضيحة ترك رئيس مصلحة الأمن والسلامة في مرفأ بيروت، محمد زياد العوف، الذي يحمل الجنسية الأميركية، يغادر عبر مطار بيروت الدولي إلى الولايات المتحدة فور إخلاء سبيله.

ووجد تحقيق معمّق أجرته "هيومن رايتس ووتش"، أن الكارثة التي أودت بحياة قرابة 220 شخصاً، وجرح 7 آلاف آخرين، وألحقت أضراراً جسيمة بالممتلكات، نتجت عن "تقاعس الحكومة عن حماية الحق الأساسي في الحياة"، وأشارت إلى "احتمال تورّط كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين في لبنان".

وشددت المنظمة أن على "الدول التي تعتمد قانون ماغنيتسكي العالمي، وغيره من الأنظمة المتصلة بالفساد وحماية حقوق الإنسان، معاقبة المسؤولين اللبنانيين الضالعين في الانتهاكات الحقوقية المستمرة المتعلقة بالانفجار، والذين يسعون إلى تقويض المساءلة".

من جهتها، قالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية آية مجذوب، إنه مع مرور 3 سنوات على الانفجار، ولغاية اليوم، لم يُحمَّل أحد بتاتاً المسؤولية عن المأساة... وبدلاً من ذلك، استخدمت السلطات كل السبل التي في متناولها لتقويض التحقيق المحلي وعرقلته بوقاحة لحماية نفسها من المسؤولية وترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في البلاد".

وينفذ أهالي الضحايا غداً الجمعة مسيرة بعنوان "من أجل العدالة والمحاسبة مستمرون"، مؤكدين، رفضهم التخلي عن القضية، والتمسّك بها حتى الوصول إلى "العدالة ومحاسبة المسؤولين عن الجريمة الذين كانوا يعلمون بوجود نيترات الأمونيوم في المرفأ، وبمخاطر تخزين المادة، وتسببوا بقتل أكثر من 200 شخص، وتدمير جزء كبير من العاصمة بيروت، ويواصلون جريمتهم، بمحاولة طمس الحقيقة، والإفلات من العقاب".

وعمد ناشطون اليوم إلى نشر صور المتهمين بالانفجار في قصر العدل في بيروت، مشددين على أن "دم الضحايا في رقاب هؤلاء، ولن يستسلموا حتى تحقيق العدالة ومحاسبة جميع المسؤولين عن جريمة 4 آب". 

من جانبه، دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى تخصيص جلسة لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية، لاطلاع الرأي العام على آخر ما توصلت إليه التحقيقات القضائية، والمعطيات الأمنية لإراحة كل اللبنانيين، متسائلاً: "ألا يستحق أهالي الضحايا والجرحى والمتضررون ذلك؟".

وأودى الانفجار، في 4 أغسطس 2020، بحياة أكثر من 200 لبناني، وأصاب نحو 6500 آخرين، وأضر بحوالي 50 ألف وحدة سكنية، وقُدرت خسائره المادية بقرابة 15 مليار دولار.