تتجه مدينة جرجيس (جنوب غرب تونس) نحو إضراب عام ثانٍ ليومين، احتجاجاً على التصعيد الأمني ضد المسيرة السلمية لأهالي المنطقة وعائلات ضحايا ومفقودي مركب الهجرة غير النظامية الذي غرق في سبتمبر/أيلول الماضي.
وأعلن الاتحاد المحلي للشغل، اليوم السبت، أن الهيئة الإدارية قررت تنفيذ إضراب عام شامل في المدينة يومي 24 و25 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
وقال رضا بوزميطة، وهو عضو جمعية البحارة التي تقود الحراك المجتمعي في جرجيس، إن الاتحاد المحلي للشغل قرر الإضراب الثاني في المدينة، ليشمل كل المؤسسات الناشطة، بما في ذلك الصناعية والميناء التجاري، عقب الأحداث التي شهدتها المدينة أمس الجمعة.
وأكد بوزميطة في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الاتحاد المحلي للشغل بجرجيس ناقش التحركات الاحتجاجية التي ستقررها الهيئة الإدارية المنعقدة بشكل متواصل منذ أكتوبر الماضي. ولفت إلى أن أهالي جرجيس وعائلات ضحايا ومفقودي المركب تعرّضوا أمس الجمعة إلى عنف شديد في مواجهتهم مع الأمن، ما تسبب في حالات هلع لدى التلاميذ والأطفال والنساء الذين تعرّضوا للرشق المكثف بالغاز المسيل للدموع، كما سُجلت حالات اختناق.
وأشار في سياق متصل، إلى أن جميع المصابين الذين جرى نقلهم إلى المستشفى الجهوي بجرجيس تلقوا الإسعافات الأولية، وغادروا الوحدة الصحية، غير أن حالة الغضب لا تزال تخيّم على المدينة التي تتّحد حول مطلب واحد، وهو كشف حقيقة غرق المركب ومصير الضحايا المفقودين.
وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نفّذ أهالي المدينة إضراباً عاماً، دعا إليه الاتحاد المحلي للشغل، وجمعية البحارة، ومنظمات مدنية محلية، وخرج حينها آلاف المواطنين في مسيرة بالمدينة احتجاجاً على ما وصفوه بـ"التقصير الحكومي" في التعامل مع حادثة غرق مركب الهجرة.
وأكد رئيس الاتحاد المحلي للشغل الهادي الحميدي، في فيديو مباشر نقلته الصفحة الرسمية لجمعية البحارة، ليل أمس الجمعة، أن الحراك الاجتماعي السلمي في جرجيس لن يهدأ، ما لم تكشف السلطات الرسمية عن حقيقة غرق المركب.
كذلك، دانت حركة النهضة، في بيان لها، الجمعة، ما وصفته بـ"اللجوء بشدّة للمقاربة الأمنية في التعامل مع التحرك الاجتماعي المشروع لأهالي مدينة جرجيس بعد عجز السلطة وفشلها عن التواصل والحوار معهم".
وعبّرت الحركة "عن تضامنها مع المطالب المشروعة للمواطنين بمدينة جرجيس المكلومة"، مستنكرة "سلوك السلطة الذي لا يعبّر عن شعور بهول الفاجعة التي حلّت بالمدينة، ولا ينهض بواجب التخفيف من آلام ذوي الضحايا وأهالي الجهة، ومشاركتهم في هذا المصاب الجلل، ومساعدتهم على كشف حقيقة ما جرى، وتحميل المسؤوليات، ومن ثم تجاوز هذه المرحلة الدقيقة".
كذلك، قال الحزب الجمهوري، في بيان له مساء أمس، الجمعة، إن "سلطة الانقلاب، جابهت المسيرة السلمية لأهالي جرجيس بالقمع وإطلاق كثيف للغاز المسيل للدموع عليهم، بينما يوجد وزراء الحكومة على بعد أميال منهم لحضور مهرجان الفرنكوفونية في جزيرة جربة، دون تكليف أنفسهم عناء التوجه إلى مدينة جرجيس، والاستماع إلى مشاغل المواطنين هناك".
وعبّر الحزب الجمهوري عن "تضامنه الكامل مع أهالينا في مدينة جرجيس ومطالبهم المشروعة في معرفة مصير أبنائهم المفقودين، ورفض واقع التهميش الذي تعيشه الجهة".
وندد بلجوء "سلطة الانقلاب مرة أخرى الى القمع كخيار وحيد في التعاطي مع مطالب التونسيين والتونسيات أينما كانوا، وبعجزها التام عن إدارة الدولة، والوصول بالبلاد إلى حافة الهاوية".
ودخل أهالي مدينة جرجيس، منذ ما يقارب من 60 يوماً، في حراك اجتماعي متواصل دعت إليه جمعيات المجتمع المدني، وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل وجمعية البحارة، مع استمرار محاولات البحث عن حقيقة غرق المركب وجثث 9 من المهاجرين فُقدوا خلال محاولتهم الهجرة إلى إيطاليا.