- الصفقة تعكس رغبة بايدن في تعزيز الدعم لإسرائيل وسط ضغوط من السفير الإسرائيلي واللوبي الإسرائيلي، وتواجه انتقادات من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين.
- الجدل حول الصفقة يسلط الضوء على التوترات في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل والحرب على غزة، مع استمرار العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل رغم الانقسامات الداخلية.
تنوي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن طلب موافقة الكونغرس على تزويد إسرائيل بصفقة أسلحة إضافية بقيمة 1.16 مليار، تشمل 700 مليون لذخائر الدبابات و500 مليون لعربات عسكرية و60 مليون لقذائف هاون. طرحها في هذا التوقيت ولو من غير الإعلان عنها رسمياً بعد، أثار تساؤلات لكونها تأتي بعد ثلاثة أسابيع من منح إسرائيل مساعدة عسكرية ومالية بـ26 مليار دولار، لتعويضها كلفة حربها على غزة. خاصة وأن هذه الأسلحة والذخائر لن تكون جاهزة للتسليم قبل سنتين أو ثلاث.
من الدوافع على ما بدا من حيثيات الصفقة، إظهار حرص الإدارة وبالتحديد الرئيس جو بايدن على توفير الفائض المستدام من السلاح لإسرائيل وذلك كرد على حملة الجمهوريين ضده بأنه أوقف تزويد "الحليف" الأهم ببعض الأسلحة "في لحظة حاسمة" من حربه على غزة. وقد اندفع أحدهم في مجلس الشيوخ (السناتور ليندسي غراهام) إلى حد التلويح بالسلاح النووي في غزة. وقد انضم إليهم بعض الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ بتأثير دخول اللوبي الإسرائيلي على الخط ورفع عيار التعبير عن قلق الكونغرس من خطوة الرئيس بايدن في استخدام ورقة التسليح ضد إسرائيل.
كما تدخل السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل هيرتزوغ من خلال رسائل توبيخ أرسلها إلى عدد من النواب الديمقراطيين وصلت إلى حد اتهامهم "بمساعدة حماس"، زاعما أنهم حاولوا التأثير على الرئيس بايدن عندما طالبوه بالتحرك لوقف انتهاكات إسرائيل في استعمالها للسلاح الأميركي خلافاً للقانون. وبذلك حوّلت جماعات إسرائيل موضوع التسليح إلى أداة سياسية لضرب عصفورين بحجر واحد: حمل البيت الأبيض على التراجع عن لعب هذه الورقة ومحاولة النيل من رصيده الانتخابي الذي يقف على حافة الهاوية. أو في أقله لقطع الطريق على تكرار هذا الإجراء الذي سبق لأكثر من رئيس أن لجأ اليه في أوقات معينة من التباين مع إسرائيل حول التفاصيل الإجرائية وبصورة أكثر فعالية من تلك التي مارسها بايدن. فكل ما فعله هذا الأخير أنه أوقف مؤقتاً تسليم إسرائيل شحنة قنابل الألفي باوند، مع ترك حنفية تزويدها بكافة الأسلحة الأخرى مفتوحة على مداها.
وبالرغم من رمزية الخطوة، سارع الكونغرس إلى تضخيمها ومحاولة تصويرها "انحيازاً لحماس". كلاهما، الكونغرس والإدارة، غارق بالتخبط وبحسابات الانتخابات ويمارس لعبة المبالغة. الإدارة تعمل على نفخ موضوع القنابل وفي ذات الوقت تمعن في دفق المساعدات والتسليح. والكونغرس غارق في المزايدات لإطلاق يد إسرائيل في غزة بلا حساب كما في مشاريع إعادة تعريف اللاسامية ومحاولة قوننتها (في مشروع قانون أمام مجلس الشيوخ) وبما يجعلها رديفا لانتقاد إسرائيل.
ويذكر في هذا الصدد أن حوالي 1200 أستاذ جامعي يهودي وقعوا على بيان يرفض المحاولات الجارية في الكونغرس بهذا الاتجاه وتم تسليمه إلى قيادات الحزبين في مجلسي الشيوخ والنواب، محذرين من موازاة اللاسامية بانتقاد إسرائيل وربطها بسياساتها. كما تجدر الإشارة إلى توالي الاستقالات من إدارة بايدن اعتراضا على دعمها لإسرائيل في حربها على غزة. قبل ثلاثة أيام سجل مثل هذا الموقف أحد مسؤولي المخابرات العسكرية في البنتاغون. وأمس تخلت مسؤولة يهودية كبيرة عن منصبها الرفيع في وزارة الداخلية وكانت محسوبة في تعيينها على الرئيس بايدن.
وسط هذه الأجواء بدا أن مشروع الـ1.16 مليار تأكيد على هامشية الخلافات والتوترات بين بايدن ونتنياهو وبأنها لا تطول جوهر العلاقات ولو أن كليهما يتربص بالآخر كل لحساباته. وفي ذات الوقت أتى ليكشف مرة أخرى مدى التخبط في تعاطي الإدارة مع موضوع الحرب وقضية رفح. ففيما يعترف الوزير أنتوني بلينكن بأن "الأداء الإسرائيلي كانت نتيجته خسائر مخيفة في الأرواح" وبأن "إسرائيل استخدمت السلاح الأميركي في بعض الحالات بطريقة لا تتفق مع القانون الدولي"، إلا أن البيت الأبيض لم يتردد في المضي بصفقة تسليح جديدة للحليف الذي تقول سوابقه بأنه لن يراعي أحكام هذا القانون.