مدّعي المحكمة الجنائية الدولية يطلب إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو

مدّعي عام المحكمة الجنائية الدولية يطلب إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

20 مايو 2024
بنيامين نتنياهو خلال اجتماع للحكومة، 7 يناير 2024 (رونين زفولون/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية يسعى لإصدار مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت وقادة حماس بتهم جرائم حرب وضد الإنسانية في غزة، مما يشكل سابقة في ملاحقة شخصيات إسرائيلية رفيعة.
- الاتهامات تشمل الإبادة واستهداف المدنيين، مع ردود فعل إسرائيلية غاضبة ترفض القرار، بينما يؤكد خان على أهمية الالتزام بالقانون الدولي.
- حماس تستنكر محاولات المساواة بين الضحية والجلاد، والقرار يثير جدلاً واسعاً دولياً، مع تأكيدات على أن مذكرات الاعتقال قد تؤثر على مكانة إسرائيل الدولية وحرية تنقل مسؤوليها.

ستنظر لجنة من قضاة المحكمة في طلب خان إصدار أوامر الاعتقال

تشمل التهم الموجهة لنتنياهو وغالانت التسبب في الإبادة والمجاعة

نصح خان إسرائيل بالطعن أمام المحكمة إذا لم تتفق مع قرارها

أعلن مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، اليوم الاثنين، أن المحكمة تسعى إلى إصدار مذكرتي اعتقال بحقّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة. وقال خان، في حديث إلى شبكة "سي أن أن" الأميركية، إن مذكرات الاعتقال ستشمل أيضاً قائد حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، وقائد كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.

وتُعتبر مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو المرة الأولى التي تستهدف فيها المحكمة الجنائية الدولية الحليف الوثيق للولايات المتحدة الأميركية. وبحسب "سي أن أن"، فإن لجنة من قضاة المحكمة الجنائية الدولية ستنظر في طلب خان إصدار المذكرتين. وتشمل التهم الموجهة لنتنياهو وغالانت "التسبب في الإبادة، التسبب بالمجاعة كوسيلة من وسائل الحرب، بما في ذلك منع إمدادات الإغاثة الإنسانية، بالإضافة إلى استهداف المدنيين عمداً في النزاع".

واعتبر نتنياهو، في وقت سابق، أن أي أحكام تصدرها المحكمة الجنائية الدولية لن يكون لها تأثير على تصرفات إسرائيل، لكنها "ستشكل سابقة خطيرة". ورداً على تصريحات نتنياهو، شدد خان للشبكة الأميركية على أن "لا أحد فوق القانون"، قائلاً إنه إذا لم تتفق إسرائيل مع المحكمة الجنائية الدولية، "فهم أحرار (...) في رفع الطعن أمام قضاة المحكمة وهذا ما أنصحهم به".

أمّا التهم الموجهة لقادة حركة حماس، فتشمل "الإبادة، والقتل، واحتجاز رهائن، والاغتصاب والاعتداء الجنسي أثناء الاحتجاز"، بحسب خان. وقال خان إن العالم صُدم في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، "عندما تمّ انتزاع الناس من غرف نومهم، ومن منازلهم، ومن الكيبوتسات المختلفة في إسرائيل"، وفق قوله.

ردود فعل إسرائيلية غاضبة بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية

وتوالت ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة على طلب خان إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى جانب قادة في حركة حماس، إذ قال نتنياهو، في بيان، إن قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحقه "عبثي وخطوة غرضها استهداف إسرائيل بأكملها". وأضاف: "أرفض مقارنة المدعي العام في لاهاي المثيرة للاشمئزاز بين إسرائيل الديمقراطية والقتلة الجماعيين بحماس"، بحسب زعمه. وتابع: "بأي جرأة تقارن حماس بجنود الجيش الإسرائيلي".

ودان الوزير في مجلس إدارة الحرب (كابينت الحرب) بني غانتس قرار المحكمة. وكتب غانتس عبر حسابه على منصة إكس: "لقد شرعت دولة إسرائيل في الحرب الأكثر عدلاً، بعد المذبحة التي ارتكبتها منظمة إرهابية ضد مواطنيها. دولة إسرائيل تقاتل بأكثر الطرق أخلاقية في التاريخ، وحريصة على الالتزام بالقانون الدولي، ولديها نظام قضائي مستقل وقوي. إن وضع قادة دولة دخلت المعركة لحماية مواطنيها في نفس الصف مع إرهابيين متعطشين للدماء هو عمى أخلاقي ومس بواجبها وقدرتها على حماية مواطنيها. إن قبول موقف المدعي العام سيكون جريمة تاريخية لن تُمحى"، وفق ادعاءاته.

بدوره، ندد زعيم المعارضة الإسرائيلية يئير لبيد بإعلان مدعي المحكمة الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير الأمن الإسرائيليين بوصفه "كارثة". وقال لبيد لأعضاء حزبه في الكنيست إنه يأمل أن ينعقد الكونغرس الأميركي ويندد بالإعلان. أما وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش فقال من جهته، وفق "رويترز": "ينبغي لجميع الإسرائيليين أن يشعروا بصدور أوامر اعتقال ضدهم بعد إعلان المحكمة الجنائية الدولية".

وهاجم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، عبر حسابه على منصة إكس القرار زاعمًا أنه "منذ الدعاية النازية، لم نشهد مثل هذا العرض من النفاق والكراهية لليهود، مثلما شهدناه في محكمة لاهاي. لقد تحدّث النازيون أيضاً باسم (الأخلاق)، وحتى في ذلك الوقت لم يكن هناك سوى معاداة للسامية (…) مذكرات الاعتقال هذه ستشكّل المسمار الأخير في تفكيك هذه المحكمة السياسية والمعادية للسامية".

أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير فطلب من نتنياهو وغالانت تجاهل الأوامر والإيعاز بزيادة الهجوم ضد حركة حماس "حتى القضاء عليها نهائيًا"، زاعمًا أن تصريح خان ووضع رئيس الوزارء ووزير الأمن على "نفس السطر مع قادة حماس" يظهران أن إرسال ممثلين عن إسرائيل إلى مناقشات المحكمة كان خطأ فادحًا منذ البداية، متهمًا المحكمة بأنها معادية للسامية.

كما هاجم الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، القرار، واصفًا إياه بأنه "أكثر من شائن، وسيشجع الإرهابيين" في جميع أنحاء العالم، بحسب زعمه.

حماس: مدعي عام الجنائية الدولية يحاول المساواة بين الضحية والجلاد

وفي سياق متصل، استنكرت حركة حماس بشدَّة، في بيان: "محاولات المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مساواة الضحيَّة بالجلّاد عبر إصداره أوامر توقيف بحقّ عدد من قادة المقاومة الفلسطينية، من دون أساس قانوني، مخالفًا بذلك المواثيق والقرارات الأممية التي أعطت الشعب الفلسطيني وكل شعوب العالم الواقعة تحت الاحتلال الحقّ في مقاومة الاحتلال بكافة الأشكال بما فيها المقاومة المسلحة، خاصَّة ميثاق الأمم المتحدة بحسب ما نصَّت عليه المادة(51)".

وقالت الحركة في البيان إن "مذكرات  التوقيف والاعتقال بحقّ قادة الاحتلال جاءت متأخرة سبعة أشهر، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي خلالها آلاف الجرائم بحقّ المدنيين الفلسطينيين من الأطفال والنساء والأطباء والصحافيين، ودمر خلالها الممتلكات الخاصة والعامَّة والمساجد والكنائس والمستشفيات".

وتابعت "لقد كان يتوجَّب على المدّعي العام (مدعي عام الجنائية الدولية) إصدار أوامر توقيف واعتقال ضدّ كل المسؤولين من قادة الاحتلال الذين أعطوا الأوامر، والجنود الذين شاركوا في ارتكاب الجرائم طبقاً للمواد 25 و27و28 من نظام روما الأساسي، التي أكّدت المسؤولية الجنائية الفردية لكلّ مسؤول أو قائد أو أيّ شخص أمر، أو حثّ، أو ارتكب، أو ساعد، أو قام بتقديم العون على ارتكاب الجرائم، أو لم يتخذ الإجراءات لمنع ارتكاب الجرائم". 

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، مطلع الشهر الحالي، عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع قوله إن نتنياهو يشعر بتوتر كبير وضغط هائل إزاء احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات ضد مسؤولين إسرائيليين، ويضغط بنفسه على المؤسسة الأمنية من أجل إدخال كميات أكبر من الغذاء والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وأضاف المسؤول الأمني: "نفس الشخص (نتنياهو)، الذي ضغط علينا طوال الوقت لتفجير المعابر (الحواجز) المؤدية إلى غزة في بداية الحرب، يطلب الآن العكس، وفتح معبر إيريز في أسرع وقت ممكن". إلى ذلك، نقل موقع واينيت العبري، عن مسؤول إسرائيلي قوله إن نتنياهو يتخوّف على مصيره الشخصي، "وفي حال صدرت مثل هذه المذكرات، فإن حرّية التنقّل الدولية لنتنياهو ستكون مساوية لحرية (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين، ويبدو أنه (نتنياهو) يدرك ذلك".

وصدرت مذكرة اعتقال بحق بوتين من المحكمة الجنائية في لاهاي منذ مارس/آذار 2023. كما تعتبر عدة أوساط إسرائيلية أنه بعيداً عن المصير الشخصي لنتنياهو، فإن إصدار مذكرات اعتقال ضد مسؤولين اسرائيليين سيشكّل خطراً عليهم، وكذلك على مكانة إسرائيل وعلى المؤسسة الأمنية بأسرها، وعلى جنود الاحتلال الذين شاركوا ويشاركون في الحرب على قطاع غزة.