العراق: أول اجتماع سياسي لبحث إجراء الانتخابات المحلية وسط تشكيك بقدرة الحكومة

07 فبراير 2023
نظم العراق آخر انتخابات لمجالس المحافظات في 2013 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

عقدت قوى سياسية عراقية اجتماعاً في بغداد، ليلة أمس الإثنين، هو الأول من نوعه بعد أكثر من مائة يوم على منح الثقة للحكومة الجديدة، برئاسة محمد شياع السوداني، بحث تنظيم الانتخابات المحلية الخاصة بمجالس المحافظات العراقية في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، في حال تمكن البرلمان من تمرير القانون الخاص بعملية الاقتراع.

ونظم العراق آخر انتخابات لمجالس المحافظات في عام 2013، والتي تتنافس فيها الأحزاب والقوى السياسية على حكومات 15 محافظة إلى جانب العاصمة بغداد، حيث يجري انتخاب مجلس في كل محافظة ويكون عدد أعضائه وفقا لعدد سكان المحافظة الواحدة، ويكون المجلس مسؤولاً عن انتخاب محافظ جديد ونائبين له، وله صلاحيات واسعة، من بينها إقالة المسؤولين، وتنظيم الموازنة المالية المخصصة لكل محافظة.

وفي عام 2019، صوّت البرلمان العراقي على حل مجالس المحافظات، ضمن حزمة قرارات اتخذها لتنفيذ مطالب المحتجين الذين اعتبروا تلك المجالس غير شرعية، بسبب انتهاء ولايتها من أربع سنوات، وتعذر تنظيم انتخابات جديدة، فضلاً عن اتهامات لاحقت بعضها بالفساد.

وليلة أمس الاثنين، أصدر ائتلاف "إدارة الدولة"، الذي يضم القوى السياسية المشاركة بالحكومة الحالية، وأبرزها تحالفات "الإطار التنسيقي"، و"السيادة"، وقوى سياسية كردية أخرى، بياناً عقب اجتماع عقده في منزل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، قال فيه إن اجتماعه الاعتيادي جرى بحضور رئيس الوزراء، لـ"بحث آخر المستجدات على الساحة الوطنية والإقليمية والدولية".

وأشار البيان إلى أنه جرى خلال الاجتماع استضافة اللجنة المختصة بالانتخابات "لحسم قانون الانتخابات تمهيداً لإجراء الانتخابات المحلية"، كما بحث "أهم التحديات التي يتوقعها المختصون وآليات حلها". ونقل البيان أيضاً عن رئيس الحكومة تأكيده استعدادها الكامل لـ "إجراء الانتخابات في بيئة أمنية مناسبة".

ويعتبر الاجتماع الأول من نوعه الذي يبحث تفاصيل إجراء الانتخابات، عبر استضافة مستشارين وخبراء قانونيين، شاركوا في الإشراف والمراقبة على عمليات اقتراع سابقة.

ولم يشر البيان إلى موعد مبدئي لإجراء الانتخابات التي يتوقع أن يشارك فيها أكثر من 20 مليون ناخب، لكن اجتماعاً سابقاً عقد في ديسمبر/ كانون الأول 2022، لقوى "ائتلاف إدارة الدولة"، تحدث عن موعد شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023 لإجراء الانتخابات المحلية في البلاد، وهو ما يعني أن الحكومة والبرلمان أمامها 7 أشهر فقط لإقرار قانون الانتخابات، والمضي بإجراءات تنظيم عملية الاقتراع.

"عقدة المنشار"

وحول ذلك قال الناشط السياسي العراقي، أحمد حقي، لـ"العربي الجديد"، إن القانون يتوقع أن يأخذ وقتاً طويلاً في التعديل قبل الذهاب إلى التصويت عليه في البرلمان، كما أن مشكلة التيار الصدري تعتبر عقدة المنشار، حيث يرفض الصدريون إجراء أي تعديلات على قانون الانتخابات تعيده لنظام الدائرة الواحدة، أو تعتمد طريقة سانت ليغو في حساب الأصوات، والتي أثبتت أنها تصب بصالح الأحزاب الكبيرة".

و"سانت ليغو" هي طريقة رياضية في توزيع أصوات الناخبين على القوائم الانتخابية المشاركة، فتقسم الأصوات على 1.3 تصاعديّاً، حينها تحصل القوائم الصغيرة على فرص أكبر للفوز بمقاعد برلمانية. وكلما ارتفع القاسم الانتخابي إلى 1.6 أو أكثر قلّت فرص تلك القوائم وزادت مقاعد الائتلافات الكبيرة.

وتابع حقي "هذا يعني أن الصدريين قد يعارضون أو حتى يتحركوا من خلال الشارع (احتجاجات) في حال حاولت قوى الإطار التنسيقي، رسم قانون على مقاس مصالحها، كما أن مسألة مطالبة بعض القوى السياسية بتغيير مفوضية الانتخابات وانتخاب مجلس أمناء جديد لها، تمثل مشكلة أخرى، في حال جرى اختيار المجلس الجديد بطريقة المحاصصة الحزبية والطائفية".

واعتبر أن موعد منتصف أكتوبر/ تشرين الأول القادم الذي يجري الحديث عنه قد لا يكون متاحاً مع كل هذه التحديات السياسية وحتى اللوجستية منها.

في المقابل، قال أحمد العيساوي، عضو "تيار الحكمة"، بزعامة عمار الحكيم، إن "ائتلاف إدارة الدولة يقترح إجراء انتخابات مجالس المحافظات في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والانتخابات البرلمانية عند انتهاء الدورة الحالية وليس مبكراً"، وفقاً لما أوردته محطة تلفزيون محلية عراقية، اليوم الثلاثاء.

التأجيل وارد

لكن عضو البرلمان عن "الحزب الديمقراطي الكردستاني" شيروان الدوبرداني، قال اليوم الثلاثاء، إنه من الصعوبة إجراء انتخابات مجالس المحافظات في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، مرجحاً تأجيلها إلى العام المقبل 2024، بسبب عدم استكمال مستلزمات إجرائها.

وقال الدوبرداني في تصريحات للصحافيين إنه "لغاية الآن لا جديد فيما يخص انتخابات مجالس المحافظات، والمفوضية قدمت احتياجاتها، وإذا لم تتحقق هذه الاحتياجات لن تستطيع إجراء الانتخابات في شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، والمقرر حسب البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لذا فإن هنالك احتمال بتأجيل هذه الانتخابات إلى العام المقبل 2024".

وأشار الدوبرداني إلى أن "مفوضية الانتخابات لا تستطيع خلال ستة أشهر فقط تأمين إجراء الانتخابات ومستلزماتها، بل تحتاج إلى أكثر من 8 أشهر وربما سنة كاملة"، لافتاً إلى أن "الاتفاق لم يتم لحد الآن على قانون الانتخابات، ولا سيما أننا لا نعرف هل سيقبل الصدريون بتغيير المفوضية وإجراء الانتخابات في دائرة واحدة، وليس في دوائر متعددة، وهو الشيء المختلف عليه بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري".

وأوضح الدوبرداني أن الوقت يمضي ولم يجر حل العديد من القضايا الخلافية، مردفاً أنه "لا يلوح شيء إيجابي في الأفق لحد الآن، ونحن كأعضاء مجلس النواب لا نلمس شيئاً حقيقياً".

وينص المنهاج الوزاري لحكومة محمد شياع السوداني، الذي صوت عليه مجلس النواب (27 أكتوبر/ تشرين الأول 2022)، على "التزام الحكومة بالقيام بواجبها بدعم المفوضية العليا للانتخابات في جميع المجالات لتمكينها من القيام بإجراء الانتخابات القادمة لمجلس النواب وانتخابات مجالس المحافظات، وذلك بتوفير التخصيصات المالية، وتهيئة الأجواء الآمنة والمستقرة لإجراء الانتخابات لضمان نجاحها ونزاهتها".