جدد الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، موقفه الصارم من حركة "طالبان"، التي سيطرت على معظم أفغانستان منذ منتصف أغسطس/ آب الماضي، قائلاً إنه "سيتحاور مع طالبان لكن بشروط صارمة"، إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى أنه سيحافظ على وجود في كابول إذا سمحت الظروف الأمنية بذلك.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل، خلال مؤتمر صحافي اليوم بعد اجتماع لوزراء الخارجية الأوروبيين، إن "التكتل سيتحاور مع طالبان لكن بشروط صارمة"، مضيفاً أن هذا لا يعني الاعتراف بالحكومة الجديدة التي ستشكلها الحركة.
وتابع موضحاً، بحسب ما أفادت "رويترز": "من أجل دعم الشعب الأفغاني سيكون علينا الحوار مع الحكومة الجديدة، وإنما سيكون حواراً عملياً".
كما أضاف أن هذا الحوار سيزيد وفقاً لسلوك الحكومة، مع مراقبة عدم تحول أفغانستان إلى "قاعدة لتصدير الإرهاب إلى بقية البلدان"، واحترام حقوق الإنسان وحكم القانون وحرية الإعلام.
وجود الاتحاد في كابول
إلى ذلك، أشار إلى أن الاتحاد سيحافظ على وجود في كابول إذا سمحت الظروف الأمنية بذلك، قائلاً: "قررنا العمل بطريقة منسقة لتوحيد اتصالاتنا مع طالبان، بما في ذلك الحفاظ على وجود لنا في العاصمة، إذا سمحت الظروف الأمنية بذلك"، مضيفاً أن الهدف هو السماح باستمرار عمليات إجلاء الراغبين في مغادرة البلاد.
وكان بوريل قد أكّد أمس أيضاً، بعد انتهاء اجتماع وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي في سلوفينيا، أن الدول الأوروبية تراقب تصرفات وسلوك الحركة وليس الأقوال لتبني على الشيء مقتضاه.
كذلك شدّد على أن الدول الأوروبية تتجه إلى استخلاص العبرة من ملف أفغانستان من أجل تشكيل قوة ردع عسكرية مشتركة، مضيفاً أن الإعلان عن القدرات العسكرية الضرورية لتلك المهمة أو القوة سيكون في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
يذكر أنه منذ منتصف أغسطس/ آب الماضي، بعيد سيطرة الحركة على العاصمة كابول، ارتفعت التحذيرات الدولية لقيادات "طالبان"، مشددة على ضرورة الحفاظ على حقوق الإنسان، وعدم تحويل البلاد إلى ملجأ للإرهاب، وضرورة تشكيل حكومة جامعة لا تستثني مختلف الأطياف.
بريطانيا لن تعترف بطالبان
من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، اليوم الجمعة، إن بريطانيا لن تعترف بحكومة "طالبان" الجديدة في كابول، لكن سيتعين عليها التعامل مع الواقع الجديد في أفغانستان، مضيفاً أنها لا تريد أن تشهد انهيار النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
وصرح راب، خلال زيارة إلى باكستان، بأنه لم يكن ممكناً إجلاء نحو 15 ألفاً من كابول من دون بعض التعاون مع "طالبان".
وقال "ندرك بالفعل أهمية أن نظل قادرين على الحوار ووجود خط مباشر للاتصالات".
وتعكس تصريحات راب التوازن الذي تسعى بلدان مثل الولايات المتحدة وبريطانيا لتحقيقه في أعقاب انتصار "طالبان" وانهيار الحكومة المدعومة من الغرب.
وتخشى الدول الغربية أن تخلف أزمة إنسانية وشيكة في أفغانستان وانهيار اقتصادي مئات الآلاف من اللاجئين.
كما أنها قلقة أيضاً من عدم التزام "طالبان" بتعهداتها بعدم إعادة أفغانستان إلى النظام المتشدد، الذي طبقته في فترة حكمها السابقة قبل 2001.
وقال راب "قطعت طالبان سلسلة من التعهدات، بعضها إيجابي على مستوى الكلمات. نحن في حاجة لاختبارها ومعرفة إن كانت ستترجم إلى أفعال".
وأضاف "من المهم في هذه المرحلة أن نقيم أو نحكم على طالبان بهذه الاختبارات المبدئية وربما المتواضعة للغاية، لمعرفة مدى التزامها بتعهداتها".
وأشار إلى أن بريطانيا أفرجت عن شريحة أولى قيمتها 30 مليون جنيه إسترليني (41.5 مليون دولار) من مساعدات إنسانية للدول المجاورة لأفغانستان، التي قد تتحمل وطأة أي نزوح كبير للاجئين.
وذكر أن ميزانية المساعدة المقدمة لأفغانستان زادت إلى 286 مليون جنيه (الدولار = 0.7229 جنيه)، لكن المدفوعات المستقبلية ستكون عبر جماعات إغاثة.
بوتين يأمل أن تتصرف "طالبان" بشكل "متحضر"
من جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، إنه يأمل أن تتصرف حركة "طالبان" بطريقة "متحضرة" في أفغانستان، كي يتمكن المجتمع الدولي من الحفاظ على علاقات دبلوماسية مع كابول.
وخلال جلسة عامة لمنتدى الشرق الاقتصادي في مدينة فلاديفوستوك بأقصى الشرق الروسي، قال بوتين إن "روسيا مهتمة بعدم تفكك أفغانستان. إذا حصل هذا، فلن يكون هناك أي طرف للتفاوض معه".
وأضاف: "كلما أسرعت طالبان في الانضمام إلى أسرة الشعوب المتحضرة، إذا جاز التعبير، سيكون من الأسهل التواصل معها والتأثير عليها نوعا ما وطرح أسئلة".
وقال الرئيس الروسي إن انسحاب القوات بقيادة أميركية من أفغانستان، الذي استكمل الشهر الماضي، انتهى بـ"كارثة". وأوضح "أنفقوا 1,5 تريليون دولار على هذه الحملة والنتيجة؟ لا نتيجة".
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، إن هناك فرصا لحل المسائل العالقة في أفغانستان، معرباً، في كلمة بفعالية تعليمية بالعاصمة موسكو، عن أمله في عودة المحادثات بين حركة "طالبان" والأفغان الطاجيك في ولاية بانشير، شمالي أفغانستان.
وبعدما لفت إلى انتهاء المحادثات بين "طالبان" والأقلية الطاجيكية في بانشير، قال لافروف: "ثمة فرص لحل مسألة أفغانستان بالطرق السلمية".
وأكد أن روسيا على تواصل مع كافة القوى السياسية في أفغانستان، وبينها "طالبان"، وأن موسكو بادرت من أجل الحوار بين الأطراف المتصارعة، موضحاً أن"الحل السياسي يجب أن يشمل التوافق بين البشتون مُمثّلين بطالبان، والطاجيك والأوزبك والهزارة".
حلف شمال الأطلسي يسعى لإجلاء المزيد من أفغانستان
وعلى الصعيد ذاته، أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج، اليوم الجمعة، إن الحلف يسعى لإجلاء المزيد من المواطنين المهددين من أفغانستان والإبقاء على الاتصالات مع "طالبان"، لكن على الحركة أن تظهر أنها "جديرة بالمساعدة والاعتراف بها".
وأضاف أنه ناقش الأمر مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. وأشار إلى أن الكثير من الأفغان تعاونوا مع القوات الدولية، وقد يكونون في خطر إن ظلوا في أفغانستان.
(رويترز، فرانس برس)