استمرار هجمات الصواريخ والمسيّرات في العراق: رسائل بأبعاد سياسية

استمرار هجمات الصواريخ والمسيّرات في العراق: رسائل بأبعاد سياسية

16 يناير 2022
جندي عراقي في شوارع بغداد (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

لم تتوقف الهجمات بالطائرات المسيّرة وصواريخ "كاتيوشا" التي تستهدف المصالح الأجنبية في العراق، على الرغم من مرور أكثر من أسبوعين على خروج القوات القتالية التابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش"، من العراق نهاية العام الماضي.

وكان لافتاً أنّ الهجمات شملت أيضاً قواعد عسكرية عراقية خالية من وجود القوات الأجنبية، مثل قاعدة "بلد" الجوية في محافظة صلاح الدين، شمالي البلاد، التي تعرضت أمس السبت، إلى هجوم بطائرات مسيّرة تمكنت الدفاعات الجوية التابعة للقاعدة من إحباطه.

ويوم الخميس الماضي، تعرضت السفارة الأميركية في العراق الواقعة في المنطقة الخضراء الحكومية المحصنة في بغداد، إلى هجوم بصواريخ "كاتيوشا"، لم تصل إلى أهدافها بسبب اعتراضها من قبل منظومة "سي. رام" المخصصة لحماية السفارة.

وقبل ذلك تعرضت قاعدتا "فكتوريا" المحاذية لمطار بغداد الدولي، و"عين الأسد" بمحافظة الأنبار غربي البلاد، التي تضم مستشارين أميركيين، إلى هجمات مماثلة.

تكرار استهداف قواعد ومصالح

 

ودفع تكرار استهداف قواعد عسكرية ومراكز تابعة لمصالح أجنبية، على الرغم من تأكيد انسحاب القوات الأجنبية القتالية، مسؤولين عسكريين وسياسيين إلى الحديث عن أنّ هذه الهجمات تحمل رسائل سياسية.

وفي السياق، أشار مسؤول حكومي رفيع في حديث مع "العربي الجديد"، إلى خطورة هذه الهجمات التي تستهدف مواقع مدنية وقواعد عسكرية، أصبحت خالية من القوات القتالية الأجنبية منذ مطلع العام الحالي.

وأكد أن السلطات ستتعامل بحزم مع هذه الهجمات التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار. ولفت المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أن الأجهزة الحكومية ستتخذ عدة إجراءات لحماية المناطق التي تتعرض للاستهداف، من بينها تفعيل منظومة الرادارات، والانتشار الأمني المكثف في محيطها، فضلاً عن تفعيل الجهد الاستخباري الذي يمكن أن يوصل إلى منفذيها.

وأوضح أن هذه الهجمات بدأت تأخذ منحى خطيراً، إذ أصبحت تستهدف قواعد عسكرية عراقية ليس فيها أيّ وجود أجنبي حتى على مستوى المستشارين، كما حدث في قاعدة "بلد" الجوية التي تعرضت إلى هجوم بثلاث طائرات مسيّرة.


طائرات مسلحة ومسيّرة ستشارك في تأمين أجواء قاعدة "بلد"

وقال قائد قاعدة "بلد"، اللواء ضياء محسن، إن طائرات مسلحة ومسيّرة ستشارك في تأمين أجواء القاعدة، لافتاً في حديث لوكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع" إلى وجود أسلحة دفاع جوي ستستخدم لصد أي هجوم جديد.

وكانت قاعدة "بلد" تضم جناحاً مخصصاً للقوات الأميركية المنضوية ضمن التحالف الدولي التي أعلنت انسحابها من القاعدة منتصف العام الماضي.

وتصاعدت الهجمات ضد القواعد التي يوجد فيها مستشارون أجانب ومصالح أجنبية، بما فيها السفارة الأميركية في بغداد، منذ مطلع العام الحالي.

وسبق أن تحدث وزير الدفاع جمعة عناد سعدون، في وقت سابق من الشهر الحالي، عن الاعتداءات، معتبراً أن أسباباً سياسية تقف وراء استهداف القواعد العسكرية العراقية، التي تضم مستشارين تابعين للتحالف الدولي على الرغم من انسحاب القوات القتالية للتحالف.

ولفت إلى أنّ "استهداف القواعد وهجمات الطائرات المسيّرة هي قضية سياسية لا علاقة لها بالانسحاب من العراق".

بدوره، أكد العضو السابق في اللجنة الأمنية البرلمانية حامد المطلك، في حديثٍ مع "العربي الجديد" أنّ السلاح المنفلت ما زال يعمل. وقال: "ليس المهم الإعلان عن خروج القوات الأميركية، بل المهم كيف يتم التعامل مع الجانب الأميركي بعد ذلك، وفق ما تم الاتفاق عليه". وشدّد على أهمية العمل وفقاً لما تم الاتفاق عليه بين العراق والولايات المتحدة، وليس وفقاً لمزاج بعض الأطراف.

وكانت السلطات العراقية قد أعلنت انسحاب جميع القوات الأجنبية القتالية التابعة للتحالف الدولي في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، مع الإبقاء على عدد محدود من المستشارين، لتولي مهام محددة تتعلق بتقديم النصح والمشورة للقوات العراقية.

وجرى الانسحاب بعد أربع جولات من الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن التي تقود التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش". ولفت عضو البرلمان العراقي ماجد شنكالي إلى وجود اتفاق بين العراق وأميركا على بقاء مستشارين، موضحاً في حديثٍ مع "العربي الجديد" أنّ المستشارين سيبقون في قواعد محددة.

وأشار إلى وجود حاجة للمستشارين لأن الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق والمنطقة غير مستقرة، مبيناً أن وجود مستشارين والدعم الأجنبي الجوي للقوات العراقية مهم جداً.

وبشأن احتمال حدوث هجمات جديدة، قال إنّ "الهجمات بالصواريخ والمسيّرات كانت موجودة حتى في ظل وجود القوات الأجنبية"، مؤكداً أن منفذي تلك الهجمات يريدون إيصال رسالة مفادها أنهم قادرون على زعزعة الأمن والاستقرار.

رسائل سياسية بأبعاد تخريبية

 

واتفقت المتحدثة باسم "الحزب الديمقراطي الكردستاني" فيان دخيل مع هذا الرأي، إذ ذكرت في بيان، أن الهجمات التي شهدتها البلاد أخيراً تحمل رسائل سياسية وأبعاداً تخريبية، مضيفة أن "هذه الهجمات غير مبررة، وتهدد السلم الأهلي والمجتمعي والعملية الديمقراطية برمتها".

وخاطبت منفذي تلك الهجمات بالقول: "على من يقف خلف هذه الأعمال أن يراجع نفسه ويتيقن أن هذه التصرفات الطائشة تسيء له قبل أن تسيء للآخرين"، داعية الأجهزة الأمنية المختصة إلى ملاحقة ومعاقبة من يقف خلف هذه التصرفات غير المسؤولة والتي ستؤدي لتردي الأوضاع الأمنية بشكل مؤسف.


الخزعلي: نؤكد قرار المقاومة بعدم استهداف السفارة الأميركية حالياً

ولا تعلن السلطات العراقية عن هوية الجهات المتورطة باستهداف المصالح الأجنبية في العراق، إلا أن واشنطن سبق أن اتهمت فصائل مسلحة مقربة من إيران بالوقوف وراء هجمات استهدفت السفارة الأميركية في بغداد، أو قواعد عسكرية كانت تتواجد فيها قوات أميركية.

من جهتها، حاولت الفصائل المسلحة وجهات سياسية مقرّبة منها، النأي بنفسها عن الهجمات الأخيرة التي استهدفت السفارة الأميركية وقواعد عسكرية.

ودان رئيس تحالف "الفتح" (الجناح السياسي لفصائل منضوية ضمن الحشد الشعبي) هادي العامري، في بيان الهجمات الأخيرة التي استهدفت المنطقة الخضراء ومقرات بعض الأحزاب، مشيراً إلى أن "هذه الأعمال غير مبررة، وعلى الأجهزة الأمنية أن تقوم بواجباتها في ضبط الأمن".

كما قال زعيم فصيل "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، إنّ "استهداف المنطقة الخضراء في هذا التوقيت، وبنفس الأسلوب القديم، هو محاولة لخلط الأوراق"، مضيفاً: "لذا نؤكد قرار المقاومة بعدم استهداف السفارة الأميركية حالياً".

يذكر أنّ أغلب الفصائل العراقية المسلحة منضوية ضمن "الإطار التنسيقي" الذي يضم قوى وفصائل رافضة لنتائج الانتخابات العراقية التي أُجريت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وسبق أن شارك عناصر بهذه الفصائل في احتجاجات واعتصامات واسعة في بغداد استمرت شهرين، وحاولت اقتحام المنطقة الخضراء كتعبير عن رفضها للنتائج.

المساهمون