ابتزاز عبر المساعدات الإنسانية

16 يوليو 2023
في أحد مخيمات اللاجئين في إدلب (عز الدين قاسم/الأناضول)
+ الخط -

لا يزال النازحون والمهجرون في شمال غربي سورية الخاضع لفصائل المعارضة السورية، والذي وصل عدد سكانه إلى أكثر من ستة ملايين نسمة، يترقبون توصّل الأمم المتحدة إلى آلية جديدة لإدخال المساعدات الأممية إليهم عبر الحدود. فقد عطّل الفيتو الروسي مشروع قرار تقدّمت به البرازيل وسويسرا، لتمديد آلية إدخال المساعدات، فيما رفضت الدول الغربية الآلية التي عرضتها روسيا، الأمر الذي كانت نتيجته توقف المساعدات عن معدمين هم بأمسّ الحاجة إليها، يعيش مليونا شخص منهم داخل الخيام. هذا الوضع ينذر بالمزيد من الكوارث على المستوى الإنساني في حال تأخر التوصل إلى آلية جديدة لإيصال المساعدات التي تم تحويلها إلى ورقة سياسية تحاول من خلالها روسيا ابتزاز المجتمع الدولي لتحقيق مكاسب سياسية لصالح النظام.

وجاءت رسالة النظام لمجلس الأمن التي أعلن خلالها موافقته على إدخال المساعدات الأممية عبر معبر وحيد هو باب الهوى ولمدة ستة أشهر شرط التنسيق معه في عمليات إدخال المساعدات، استكمالاً للعبة السياسية التي تديرها موسكو لصالح نظام بشار الأسد. ويحاول الأخير من خلال رسالته أن يبيّن للمجتمع الدولي أنه حريص على دخول المساعدات الإنسانية، وفي الوقت نفسه يحاول الظهور وكأنه صاحب السيادة على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا والذي تسيطر عليه فصائل المعارضة من الجانب السوري.

والأهم في رسالة النظام هي وقاحته بالتعامل وكأنه هو المتحكّم بإدخال المساعدات من دون الحاجة لمشروع قرار وتصويت ضمن مجلس الأمن، متناسياً أن التصويت ضمن المجلس هو في حقيقته تصويت على إدخال المساعدات الأممية من دون الرجوع للنظام، وأن هذه الآلية قد تم اعتمادها أصلاً بسبب عرقلة النظام دخول المساعدات الأممية واعتراض قواته لقوافل المساعدات.

أما روسيا التي استخدمت الفيتو للمرة 19 ضد إدخال مساعدات إنسانية للسوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، فهي تسعى من خلال هذه العرقلة إلى ابتزاز المجتمع الدولي الذي لا يزال يرفض الانخراط بمشاريع إعادة إعمار في سورية من دون تحقيق حل سياسي، ودفعه لدعم مشاريع تشبه مشاريع إعادة الإعمار في مناطق سيطرة النظام تحت مسمى مشاريع التعافي المبكر. كما تهدف موسكو إلى زيادة كمية المساعدات التي تدخل عبر مناطق النظام ويوكل له إيصالها إلى مناطق المعارضة عبر خطوط التماس بهدف زيادة تمكينه وحتى تحكّمه بالمساعدات التي تصل إلى معارضيه.

ولكن على الرغم من قناعة جميع الأطراف المتدخّلة بالشأن السوري بأن هناك آلية ما سيتم اعتمادها لاحقاً لإدخال المساعدات، وعلى الرغم من وجود بدائل عديدة قانونية تمكّن المجتمع الدولي من تجاوز الفيتو الروسي، واعتماد آلية لإدخال المساعدات من دون الحاجة للتصويت في مجلس الأمن، إلا أن المستغرب في أداء الدول الغربية التي تندد بالمواقف الروسية، أنها في كل مرة تخضع للابتزاز الروسي وتعتمد في النهاية مشاريع القرارات التي تطرحها موسكو من دون تجريب أي من البدائل الأخرى.

المساهمون