21 فبراير 2018
رجل السلطة اليوم
ما عادت للسلطة في المجتمعات الحديثة تلك الهيبة والقوة، وذلك الجبروت الذي كان لها في عصور سابقة، وما عاد رجل السياسة يتحكم في مصائر البشر كما سابقاً، رجال السلطة ونساؤها أصبحوا شبه مديري شركات، يديرون جزءاً من السلطة وجزءاً من الثروة وجزءاً من الإعلام مدة محددة، وفي رقعة صغيرة، ثم ينسحبون بعد سنوات قليلة، مفسحين المجال لآخرين.
لا يقول رجل السياسة الحقيقة للجمهور، لأنها نسبية. إنه ليس طبيباً يكتب للشعب دواء شافياً، بناء على كشف دقيق وتحاليل علمية، لا يملك تشخيصا دقيقاً للواقع، ولا تصوراً واضحاً عن المستقبل. لهذا، كل ما يدعيه رجل السياسة اليوم في الأنظمة الديمقراطية صدقاً مع الجمهور الباقي ادعاء.
يعلمنا تاريخ السلطة، منذ المجتمعات التقليدية، أن رجل السياسة كان في بداية الاجتماع البشري سيد حرب، ثم تحول إلى كاهن، ثم أصبح ملكاً، وهو الآن مجرد منتخب. كان رجل السياسة مقاتلاً يفرض سلطته بالسيف، ثم مبشراً يحكم باسم الآلهة تارة، والسحر أخرى، ثم أصبح ملكاً يحكم الشعب بمساعدة رجلي الدين والحرب. رجل السلطة الآن مجرد منتخب، يحكم بإرادة الناس الحرة، وظيفته إدارة جزء من السلطة، وجزء من الثروة، لفائدة المجتمع، ورعاية نظام قيم متوافق حوله، وفي قلبه المساواة والتعددية وحكم القانون وحقوق الإنسان، وحق كل مواطن في الأكل والشرب والشغل والسفر والتعليم والعيش في سلام.
هذا هو رجل السياسة اليوم، وظيفته إدارة المخاطر المحيطة بالمجتمع، والتقليل منها إلى الحدود الدنيا، وهنا يتنافس المتنافسون أمام صناديق الاقتراع التي لا تعطي لأحد شيكاً على بياض...
ما عادت السياسة تقرر في مصائر البشر، انتهى عصر المبشرين، وجاء عصر الإداريين. أكثر من هذا، دخل على خط إدارة السلطة شركاء آخرون، وفي مقدمتهم السوق وثقافته ونظمه، والشركات والمصالح الكبرى، والمجتمع الدولي الاسم المستعار للقوى الكبرى التي تدير العالم من دوائر صغيرة وشبه مغلقة. العالم يركب على حصان العولمة، والقلة القليلة من تعرف إلى أين يسير بها هذا الحصان.
السياسة تخرج يوماً عن يوم من حيّزها الوطني الضيق إلى الساحة الدولية الواسعة، المنظمات الدولية الكبيرة والصغيرة تقرر، اليوم، في أمور كثيرة في حياة الأمم المتقدمة والمتخلفة على حد سواء. خذ مثلاً "الفيفا"، لا تتحدث هذه المنظمة الدولية التي يعرفها الصغير والكبير باسم دولة أو قارة أو أمة أو عرق أو ديانة الفيفا تتحدث باسم البشرية كلها، وتنظم اللعبة الأكثر شعبية في العالم من دون تدخل من أية دولة. أنظروا كيف تحول جوزيف بلاتر إلى بابا جديد، يتدخل في كل شيء في السياسة والاقتصاد والرياضة والإعلام والإعلان.
ترسم المنظمات الدولية العابرة للحدود القوانين والمعايير والأنظمة والمسموح وغير المسموح به، في الطب والعلم والتغذية والثقافة والعمل والسلاح والدبلوماسية، حتى الأدب والعلوم والإبداع والسينما، صارت لها جوائز ومهرجانات ولجان تحكيم تقول هذا أدب وذاك ليس أدباً، هذه سينما وهذه ليست سينما، هذا اختراع علمي وذلك ليس اختراعاً علمياً.
هل بقي لرجال السلطة ونسائها في الدول والمجتمعات من أوهام حول قوتهم وجبروتهم وخلودهم؟ للأسف، نعم، والقادة العرب والأفارقة في مقدمة هذا الصنف الذي انقرض من العالم إلا من بلادنا. ما زال الحاكم العربي يتصور نفسه نبياً مرسلاً، أو منقذاً مخلصاً، أو هبة من السماء، أو صاحب رسالة خالدة، ما زال الحاكم عندنا خارج قوانين السلطة الجديدة، ما زال صنفاً يقاوم التطور. لهذا يعيش بعيداً عن عصره، وبعيداً عن شعبه، وبعيداً عن حقائق الواقع من حوله. وعندما يجد نفسه أمام امتحانات السلطة القاسية يتوسل بأحد خيارين، إنكار الواقع وتأجيل التغيير وربح الوقت وإلهاء الشعب، أو اللجوء إلى البراميل المتفجرة وسياسة الأرض المحروقة. وفي الحالتين، هذا هروب وليس جواباً. هذا يأس وليس أملاً، هذا مشكل وليس حلاً.
لا يقول رجل السياسة الحقيقة للجمهور، لأنها نسبية. إنه ليس طبيباً يكتب للشعب دواء شافياً، بناء على كشف دقيق وتحاليل علمية، لا يملك تشخيصا دقيقاً للواقع، ولا تصوراً واضحاً عن المستقبل. لهذا، كل ما يدعيه رجل السياسة اليوم في الأنظمة الديمقراطية صدقاً مع الجمهور الباقي ادعاء.
يعلمنا تاريخ السلطة، منذ المجتمعات التقليدية، أن رجل السياسة كان في بداية الاجتماع البشري سيد حرب، ثم تحول إلى كاهن، ثم أصبح ملكاً، وهو الآن مجرد منتخب. كان رجل السياسة مقاتلاً يفرض سلطته بالسيف، ثم مبشراً يحكم باسم الآلهة تارة، والسحر أخرى، ثم أصبح ملكاً يحكم الشعب بمساعدة رجلي الدين والحرب. رجل السلطة الآن مجرد منتخب، يحكم بإرادة الناس الحرة، وظيفته إدارة جزء من السلطة، وجزء من الثروة، لفائدة المجتمع، ورعاية نظام قيم متوافق حوله، وفي قلبه المساواة والتعددية وحكم القانون وحقوق الإنسان، وحق كل مواطن في الأكل والشرب والشغل والسفر والتعليم والعيش في سلام.
هذا هو رجل السياسة اليوم، وظيفته إدارة المخاطر المحيطة بالمجتمع، والتقليل منها إلى الحدود الدنيا، وهنا يتنافس المتنافسون أمام صناديق الاقتراع التي لا تعطي لأحد شيكاً على بياض...
ما عادت السياسة تقرر في مصائر البشر، انتهى عصر المبشرين، وجاء عصر الإداريين. أكثر من هذا، دخل على خط إدارة السلطة شركاء آخرون، وفي مقدمتهم السوق وثقافته ونظمه، والشركات والمصالح الكبرى، والمجتمع الدولي الاسم المستعار للقوى الكبرى التي تدير العالم من دوائر صغيرة وشبه مغلقة. العالم يركب على حصان العولمة، والقلة القليلة من تعرف إلى أين يسير بها هذا الحصان.
السياسة تخرج يوماً عن يوم من حيّزها الوطني الضيق إلى الساحة الدولية الواسعة، المنظمات الدولية الكبيرة والصغيرة تقرر، اليوم، في أمور كثيرة في حياة الأمم المتقدمة والمتخلفة على حد سواء. خذ مثلاً "الفيفا"، لا تتحدث هذه المنظمة الدولية التي يعرفها الصغير والكبير باسم دولة أو قارة أو أمة أو عرق أو ديانة الفيفا تتحدث باسم البشرية كلها، وتنظم اللعبة الأكثر شعبية في العالم من دون تدخل من أية دولة. أنظروا كيف تحول جوزيف بلاتر إلى بابا جديد، يتدخل في كل شيء في السياسة والاقتصاد والرياضة والإعلام والإعلان.
ترسم المنظمات الدولية العابرة للحدود القوانين والمعايير والأنظمة والمسموح وغير المسموح به، في الطب والعلم والتغذية والثقافة والعمل والسلاح والدبلوماسية، حتى الأدب والعلوم والإبداع والسينما، صارت لها جوائز ومهرجانات ولجان تحكيم تقول هذا أدب وذاك ليس أدباً، هذه سينما وهذه ليست سينما، هذا اختراع علمي وذلك ليس اختراعاً علمياً.
هل بقي لرجال السلطة ونسائها في الدول والمجتمعات من أوهام حول قوتهم وجبروتهم وخلودهم؟ للأسف، نعم، والقادة العرب والأفارقة في مقدمة هذا الصنف الذي انقرض من العالم إلا من بلادنا. ما زال الحاكم العربي يتصور نفسه نبياً مرسلاً، أو منقذاً مخلصاً، أو هبة من السماء، أو صاحب رسالة خالدة، ما زال الحاكم عندنا خارج قوانين السلطة الجديدة، ما زال صنفاً يقاوم التطور. لهذا يعيش بعيداً عن عصره، وبعيداً عن شعبه، وبعيداً عن حقائق الواقع من حوله. وعندما يجد نفسه أمام امتحانات السلطة القاسية يتوسل بأحد خيارين، إنكار الواقع وتأجيل التغيير وربح الوقت وإلهاء الشعب، أو اللجوء إلى البراميل المتفجرة وسياسة الأرض المحروقة. وفي الحالتين، هذا هروب وليس جواباً. هذا يأس وليس أملاً، هذا مشكل وليس حلاً.