بلابل الحرية

بلابل الحرية

09 يونيو 2015
+ الخط -
ليست هذه المرّة الأولى التي يلجأ فيها المناضل خضر عدنان إلى خوض معركة الأمعاء الخاوية، كقائد صلْب مثل نموذجا فريدا في مواجهة السجان، فقد سبق أن خاضها، حيث استطاع حينها أن ينتصر خضر عدنان، بعد إضراب دام 66 يوما، وبإسناد شعبي كبير أجبر العدو على الخضوع لشروطه والإفراج عنه. 
وقد فتح نجاح هذا الأسلوب الذي لا يستطيعه سوى الرجال آفاقا لتنوع أساليب المقاومة، حتى وصلت إلى سجون سلطة أوسلو التي أعلن المعتقل فيها إسلام حامد الإضراب عن الطعام منذ 58 يوما.
لا شك أنه سبق خضر عدنان، وتبعه مئات من المناضلين في الإضراب عن الطعام، لتحقيق قضايا مطلبية داخل السجون، إلا أنه لم يكن منها فك الإضراب مقابل الإفراج والتنعم بالحرية، حتى نجح بها خضر عدنان.
لذلك، حق علينا أن نقول لخضر عدنان، المعتقل في سجون الاحتلال، وإسلام حامد المعتقل في سجون سلطة عباس:
أيها الأسدان الهصوران الرابضان في عرينكما القابضان على جوعكما، الصامدان خلف ألم الحرمان.
أيها الأسيران البطلان، لستما بحاجة إلى كثير مديح منا، نحن الذين نتنعم بما لذ وطاب، ونتنغم ونطرب بالتصريحات والمطالبات والمناشدات والاستنكارات.
أيها الصامدان خلف القضبان، لن يكسر قضبان سجنكم سوى صمودكم، ولن يشفي غليلكم سوى غلكم، ولن يفك أغلالكم سوى غيظكم.
أيها الصابران في زمن المهاترات، أيها الوطنيون الأحرار في زمن الأدعياء، لا تعولوا سوى
على الوعد الإلهي، بتثبيت ونصر المؤمنين.
خضر عدنان، إنه الأسير الذي أجبر الاحتلال على الإفراج عنه، قبل أن يسجل أكبر رقم قياسي في العالم في تنفيذ أطول إضراب في العالم.
لكن المعتقل في سجون عباس إسلام حامد، ومع بالغ الأسف، يبدو أن شعبنا وقادتنا ينتظرون موته، كي يصنعوا له عرسا يلقون خلاله مزيدا من كلمات المديح والتعظيم والتبجيل، حيث يغيب اسمه عن حملات التضامن الشعبي، خجلا أو خوفا من سياط أجهزة عباس الأمنية.
أيها المناضلان: ألستم معي أنهم جميعهم عاجزون عن ترديد نشيد الحرية الذي به تصدحون.
ففي الوقت الذي تقترب فيه أروحكم من بارئها، وتكاد تسل نفوسكم من أجسادكم سيلاً، فإنهم شعب وفصائل وقادة ومسؤولون يكتفون، وفي أحسن الأحوال، بالصراخ داخل خيمة، ويتركون فضاء العالم. 
فلا يكلف رئيس السلطة، محمود عباس، أو غيره من المسؤولين أنفسهم حمل قضية خضر عدنان العادلة إلى أي محفل في العالم سياسي، أو حقوقي، وهم يجوبون العالم شرقا وغربا، وكيف يفعل وهو يواصل اعتقال إسلام حامد المضرب عن الطعام في سجونه منذ 58 يوماً. 
ولا تكلف مؤسساتنا الحقوقية نفسها تجنيد نفسها في لوبي، أو تكتل، يحمل قضية خضر عدنان إلى مختلف المحافل الحقوقية والدولية، وكيف تفعل، وهي تتناسى قضية إسلام حامد المضرب عن الطعام في سجون سلطة عباس للسبب نفسه، وهو المطالبة بالحرية.
ولا تكلف فصائل المقاومة نفسها مجرد التهديد بدك تل أبيب، وهم يستطيعون، إن لم يتم الإفراج عن خضر عدنان خلال ساعات، وكيف تفعل، وهي لا تهدد بدك مقاطعة عباس في رام الله للإفراج عن إسلام حامد.
ولا يكلف شعبنا نفسه، بكل أحراره، بتنظيم مسيرات إلى حواجز العدو، لا تنفك إلا بفك قيود خضر عدنان، وكيف يفعلون وهم لا ينظمون مسيرات مماثلة أمام أجهزة عباس وسجونه للإفراج عن إسلام حامد.
ولا يكلف إعلامنا، بألوانه كافة، نفسه تنظيم حملات دولية كبرى، لتأمين أكبر لوبي لتوصيل صوت خضر عدنان للعالم لتأمين الإفراج عنه، وكيف يفعلون، وهم يتجاهلون أسير الحرية في سجون السلطة إسلام حامد. 
ولا يكلف مجلسنا التشريعي المنقسم على نفسه بعقد جلسة خاصة للبحث في كيفية تجنيد كل السبل والوسائل لتأمين الإفراج عن أسرى الحرية في سجون السلطة، قبل سجون الاحتلال.
ولا تكلف أجهزة عباس الأمنية في رام الله نفسها أن تهدد بوقف التعاون الأمني الأخوي مع العدو المحتل الذي يواصل قتل خضر عدنان، كل لحظة، إن لم يتم الإفراج عنه، وكيف تفعل وهي تدوس حرية إسلام حامد في سجونها منذ 58 يوماً. 
خضر عدنان، إسلام حامد، عذرا فجميعنا مذنبون، ومقصرون في حق روحيكما اللتين تكادان تسيلان من جسديكما.
فيا خضر عدنان وإسلام حامد، معذرة ومثلي لا يعتذر.
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
عماد توفيق (فلسطين)
عماد توفيق (فلسطين)