عمرها أكثر من ألف عام، لكنها أصبحت رماداً أسود خلال دقائق بعد أن استهدف الحوثيون المتحف الوطني في مدينة تعز وسط اليمن بقصف صاروخي نتج عنه حريق هائل وقضى على المحتويات.
بالأرقام حوالى 600 مخطوطة تاريخية نادرة كانت بداخل المتحف، وتؤرخ لحقب زمنية مهمة في تاريخ اليمن ومدينة تعز تحديداً، تحولت إلى بقايا رماد. بحسب أحد الزائرين "لقد احترقت ذاكرة المدينة كلها".
المتحف الوطني في المدينة أو كما يطلق عليه المتحف العرضي هو عبارة عن قصر للإمام أحمد حميد الدين، حيث كان القصر مقر حكمه، بعد أن استقرّ في تعز بدلاً من صنعاء التي كانت عاصمةً للأئمة السابقين. افتتح القصر كمتحف بشكل رسمي في العام 1967م، ويحتوي على معروضات تراثية ومقتنيات الإمام أحمد وأسرته، بالإضافة إلى الأسلحة القديمة، والصور التذكارية.
بحسب ما أوضحت مديرة المتحف الوطني، بشرى الخليدي لـ العربي الجديد"، فإنّ هذا المتحف هو الوحيد الذي كان يحتوي على مقتنيات قديمة ومخطوطات نادرة في تعز، وتؤكد أن النيران قد أدت إلى احتراق جميع تلك الوثائق الأثرية، التي تعود لحكام ودول تعاقبت على حكم اليمن في القرون الماضية، ومن بينها عمامة لأحد الملوك.
وتؤكد الخليدي أن هذه المخطوطات الأثرية عمرها مئات السنين ويرجع تاريخها تحديداً إلى زمن الدولة المتوكلية، وتحديداً التواجد العثماني مطلع القرن التاسع. وكان يحتوي المتحف على أقسام متفرقة في بعض أجزائه، توجد فيها لوحات وصور مناضلي الثورة اليمنية ضد حكم الإمامة، وجزء آخر يحتوي على مقتنيات تُعطي فكرة عن اليمن خلال تلك الفترة.
لقد أتت النيران على كل شيء، إضافة إلى المخطوطات والمقتنيات، كان توجد في المتحف أيضاً نماذج كثيرة لملابس يمنية تقليدية نادرة من ذلك الزمن، بالإضافة إلى سلاسل حديدية كان يستخدمها الإمام، كقيود لمعارضيه أو لمن لم يشاركه الولاء والطاعة.
أشياء كثيرة يصعب حصرها كانت تمثل رمزية كبيرة للتاريخ اليمني وتعود ملكيتها إلى العهد الإمامي أبان حكم الإمام أحمد حميد الدين، وبعضها عمرها أكثر من 1000 عام كنسخ القرآن الكريم، وكذلك العمامة الاحتفالية للحاكم وأزواج من المسدسات والأسلحة.
مأمون محمد، أستاذ التاريخ في جامعة تعز يقول لـ"العربي الجديد" إن كلا الجانبين يجب أن تقع عليهم المسؤولية عن تدمير المتحف، ويحث الجميع على تجنب استهداف الأماكن الثقافية والتاريخية. ويضيف "من خلال استهداف الأماكن التاريخية، فإن الأطراف المتصارعة تسير لقتل تاريخنا، وهذا سبب يكفي لأن تتوقف جميع الأطراف المتحاربة وتمتنع عن القتال في أماكن اليمن التاريخية".
اقرأ أيضاً: الستارة.. سر جمال الصنعانيات المهدد بالاندثار