"كعك العيد" يوحّد البلاد العربية

28 يوليو 2014
كعك ومعمول العيد (نيكي خان/واشنطن بوست/Getty)
+ الخط -

تتزين موائد الشعوب العربية في أيام عيد الفطر، كلّ عام، بأصناف متنوّعة من الكعك، قد تختلف من بلد إلى آخر، بل ومن مدينة الى أخرى، ولكنها تصبّ جميعاً في رافد واحد يجمعها، ويتمثل في إحياء عادة قديمة وأصيلة تعود إلى أبعد مما نظنّ. حيث نجد في مصر "الكحك"، وفي الجزائر "الدزيريات"، وفي العراق "الكليجة"، وفي سوريا ولبنان "المعمول" وغيرها، فهناك قائمة طويلة من الأسماء والأنواع التي تعبّر كلّ منها عن هوية بلد عربي وتحمل كلّ منها قصة.

يفضي البحث في تاريخ الشعوب القديمة، إلى العثور على معلومات تؤكد ارتباط صناعة مختلف الأطعمة بالطقوس الدينية منذ عصور ما قبل التاريخ، ولعل أقدم شاهد على صناعة الكعك بشكل خاص، يرجع إلى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، حيث تمّ في مقبرة طيبة إيجاد رسومات هيروغليفية  تدلّ على صناعة الفراعنة لأشكال عديدة من الكعك احتفالاً بيوم تعامد الشمس في مقبرة خوفو، وقد خلطوا الدقيق والعسل والسمن واستعملوا التمر والتين للحشو، وكانوا يزينونه بالزبيب والفاكهة...

ومع مرور الزمن وحلول العصور الإسلامية، استمرّت عادة تقديم الكعك في الأعياد الدينية، وفي عيد الفطر بشكل خاص، وبدأت مع حكم سلالة بني طولون في القرن الثامن ميلادي، وهم أوّل من وزّع الكعك وعليه عبارة " كُل واشكر"، التي تحوّلت فيما بعد إلى اسم نوع من  الحلويات المحشوّة بالفستق، تماماً مثلما تحوّلت عبارة "افطن إليه" التي كان الإخشيديون يكتبونها على الكعك الذي يوزّعونه إلى "انطونلة"، وهو الاسم الذي أطلق على تلك النوعية من الحلوى المحشوة بالدنانير الذهبية، وكانت العبارة لتنبيه من يتناولونه إلى ما تم وضعه داخله.

وقد كان الفاطميون أكثر العرب اهتماماً بكعك العيد، حيث صرفوا عليه ببذخ، وخصّصوا له المصانع والعمّال، وقد حاول صلاح الدين الأيوبي التصدّي لهذه العادة التي شجّعها العثمانيون فيما بعد، لكنّها امتدت من المحيط إلى الخليج ووحّدته، ولو من خلال بضع قطع من الدقيق والسكّر، وبقيت إلى يومنا هذا حاضرة بقوّة، لدرجة أنّه من الصعب على العائلات المسلمة تصوّر عيد الفطر بدون كعك، وبدون إنجاز كميات منه يتمّ توزيعها على الضيوف وتبادل صحونها مع العائلة والأصدقاء والجيران، وكأنها محاولة نفسية لتبادل الفرح في شكل حلوى، وما أحوج العالم العربي إلى الفرح اليوم.

المساهمون