أصدرت أسرة الصحافي المصري المعتقل، رئيس تحرير موقع "مصر العربية"، عادل صبري، بياناً صحافياً، مساء الثلاثاء، أعربت فيه عن بالغ غضبها واندهاشها من تصريح الكاتب الصحافي مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ونقيب الصحافيين الأسبق، والذي نفى فيه "وجود أي صحافي بالسجن على ذمة قضايا تخص حرية الرأي والتعبير والمهنة"، خلال لقائه وفدًا من الإعلاميين الأفارقة الأحد الماضي.
وكان رئيس المجلس الأعلى للإعلام، قد خرج لينفي وجود صحافيين معتقلين في مصر، ويقول "ليس هناك صحافي واحد في السجون"، بل إنه نفى خلال لقائه رؤساء التحرير الأفارقة "وجود أي صحافي بالسجن في قضية تخص حرية الرأي والتعبير والمهنة"، رغم أن القضايا الكيدية التي أدرجها النظام خلال السنوات الماضية، يحاكم فيها الصحافون بتهم "نشر أخبار كاذبة"، وآخرهم الصحافيان هشام فؤاد وحسام مؤنس، المعتقلان على ذمة القضية رقم 930 لسنة 2019 المعروفة إعلامياً بـ"تحالف الأمل".
وقالت الأسرة "نحن لا نعلم حقيقةً؛ هل مرور عام وأربعة أشهر على حبس رئيس التحرير عادل صبري جعل السيد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يتناسى أن هناك صحافيًا مسجونًا بهذا الاسم. وهل تناسى السيد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن الأزمة بدأت قبل يومين فقط من القبض على عادل صبري، وتحديدًا في 1 إبريل/ نيسان 2018، عندما فرض المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام غرامة مالية على موقع "مصر العربية" قدرها 50 ألف جنيه على خلفية تقرير ترجمه الموقع عن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن الانتخابات الرئاسية المصرية 2018. وبعدها بيومين فقط، في 3 إبريل/ نيسان، تمت مداهمة الموقع والقبض على رئيس تحريره".
وتساءلت العائلة أيضاً "هل تناسى السيد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المذكرة التي قدمتها إدارة موقع "مصر العربية" في اليوم التالي للقبض على رئيس التحرير عادل صبري لتوفيق أوضاع الموقع وفق القانون الجديد والذي لم يكن قد صدر حينها، وقد تضمنت المذكرة طلبًا بسداد الغرامة والمطالبة بالتدخل للإفراج عن عادل صبري؟ وهل اطلّع السيد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام - بحكم وظيفته على الأقل – على تقرير حالة الحريات الصحافية في العالم العربي، لعام 2018-2019، الذي أطلقه اتحاد الصحافيين العرب من قلب القاهرة، في 4 مايو/ أيار الماضي، والذي خلص إلى أن هناك عددا من الصحافيين المصريين مسجونون على ذمة قضايا نشر، من بينهم رئيس التحرير عادل صبري".
وتابعت العائلة تساؤلاتها الاستنكارية "هل يتابع السيد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام التقارير والتصريحات التي تصدرها لجنة الحريات بنقابة الصحافيين بشأن رئيس التحرير عادل صبري باعتباره مسجونًا على ذمة قضية نشر، بخلاف المجهودات التي تقوم بها اللجنة القانونية للنقابة والمحامين المنتظمين في حضور جلسات التحقيق، فهل تدعم نقابة الصحافيين مسجونًا جنائيًا؟".
وأضافت "نحن حتى لم نتحدث عن تناقض تصريح السيد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مع نتائج المؤشر العالمي لحرية الصحافة لعام 2019 المُعد من قِبل منظمة "مراسلون بلا حدود" والذي احتلت فيه مصر المرتبة الـ 163 عالميًا، أو تناقضه مع تقرير لجنة حماية الصحافيين الدولية الصادر في 13 ديسمبر/ كانون الأول 2018 والذي أكد أن مصر من أكثر 4 دول حبسًا للصحافيين في العالم".
واستطردت "هل يعلم السيد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن التهمة الرسمية الأساسية الموجهة لرئيس التحرير عادل صبري هي (نشر أخبار كاذبة)، أي أنه محبوس منذ عام وأربعة أشهر على ذمة قضية نشر بالأساس؟ وهل يعلم السيد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن محكمة جنايات الجيزة قد برّأت رئيس التحرير عادل صبري من تلك التهمة، وأمرت بإخلاء سبيله في 9 يوليو/ تموز 2018، قبل أن نُفاجأ بفتح تحقيق معه من جانب نيابة أمن الدولة العليا في قضية جديدة، في اليوم ذاته الذي كان يُنتظر فيه تنفيذ قرار المحكمة بإخلاء سبيله. وكانت المفارقة أن القضية الجديدة التي تم حبسه على ذمتها تحمل ذات الاتهامات التي قضت محكمة جنايات الجيزة بإخلاء سبيله فيها".
وتساءلت الأسرة أيضاً "هل يعلم السيد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذي ينفي وجود أي صحافي بالسجن على ذمة قضية نشر، أن التقرير الذي نشرته "مصر العربية" واعتبره المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام جريمة تستوجب الغرامة، واعتبره "آخرون" جريمة تستوجب الحبس؛ تضّمن ترجمة لخبر نشرته صحيفة نيويورك تايمز ذكرت فيه أن الانتخابات الرئاسية بها رشاوي، كما تضّمن رد الهيئة الوطنية للانتخابات بنفي وجود أي رشاوي، وتضّمن كذلك آراء نواب البرلمان في العملية الانتخابية، أي أن تقرير "مصر العربية" نشر خبر نيويورك تايمز وفي المقابل نشر أيضًا رد الهيئة الوطنية للانتخابات، وهذه هي المهنية التي اتسمت بها دائمًا وأبدًا صحافة عادل صبري.. فأين هنا الخبر الكاذب أصلًا".
وأخيرًا، أكدت أسرة رئيس التحرير عادل صبري أنها لم تكن لتلتفت إلى مثل هذه التصريحات لولا أنها صدرت عن أحد المسؤولين عن الصحافة والإعلام في مصر، وأحد المسؤولين المباشرين أيضًا عن حبس عادل صبري، وهو الأمر الذي كان يتطلب منّا الرد.
وحملت أسرة رئيس التحرير عادل صبري نقابة الصحافيين مسؤولية الدفاع عنه والسعي الحثيث نحو الإفراج عنه باعتباره رئيس تحرير محبوسا على ذمة (قضية نشر)، خاصة وأن الجميع يشهد له بتقديس حق المهنة، صاحبة الجلالة، التي مكث في بلاطها نحو 30 عامًا، شابًا وشيخًا، تلميذًا ومعلمًا، وأهدته نقابتها إحدى جوائزها يومًا ما.
وكانت محكمة جنايات الجيزة، في 18 يوليو/ تموز الماضي، قد قررت إخلاء سبيل صبري، بكفالة 10 آلاف جنيه، بعد حبسه لأكثر من 3 أشهر على ذمة القضية رقم 4861 لسنة 2018 جنح الدقي.
وأثناء انتظار تنفيذ قرار الإفراج عنه، فوجئ صبري ومحاموه بقرار نيابة أمن الدولة بحبس صبري 15 يوما على ذمة التحقيقات في القضية رقم 441 لسنة 2018 على خلفية اتهامه بالانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون ونشر أخبار كاذبة.
وتعرف القضية رقم 441 بـ"الثقب الأسود الذي يبتلع الصحافيين والحقوقيين في مصر"، بحسب تشبيه الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، وهي منظمة مجتمع مدني.
يذكر أن قوات الأمن كانت قد ألقت القبض على عادل صبري، في 3 إبريل/ نيسان 2018، بعد اقتحام قوة أمنية مقر موقع "مصر العربية"، وتفتيش أجهزة الكمبيوتر بدعوى فحص المصنفات الفنية، واصطحبته إلى قسم شرطة الدقي، بعد إغلاق الموقع وإخراج الصحافيين.
وعلى الرغم من أن الاقتحام قد ربطه البعض بالغرامة التي قررها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام على الموقع وقيمتها 50 ألف جنيه (نحو 2850 دولاراً أميركياً)، بسبب تقرير ترجمه عن صحيفة "نيويورك تايمز" خلال الانتخابات الرئاسية المصرية، تناول ظاهرة شراء الأصوات؛ إلا أن قوات الأمن التي اقتحمت المقر، زعمت أنها تابعة للمصنفات، وأن قرارا صدر بغلق المقر لأنه يعمل دون تصريح.