"كارما"... خالد يوسف يطوي صفحة الأفلام السياسية

28 فبراير 2018
المخرج خالد يوسف (عمرو أحمد /فرانس برس)
+ الخط -
في عام 2009 خاض المخرج خالد يوسف معركة شرسة مع هيئة الرقابة على المصنفات الفنية، بعد رفضها منحه تصريح فيلم "دكان شحاتة" لإصرارها على حذف مشهد النهاية، والذي تضمن مشهدا لفوضى واحتجاجات في الشوارع. لكن خالد يوسف رفض طلب الرقابة وأصر على عرض الفيلم بمشهد النهاية، فقرر علي أبو شادي إحالة الفيلم لوزارة الداخلية حيث أكد خلال تصريحات صحافية له وقتها "إن وزارة الداخلية اعترضت على المشهد في السيناريو منذ البداية"، لتنتهي الأزمة بعرض الفيلم بكامل مشاهده.

لم تكن هذه هي الأزمة الوحيدة للمخرج خالد يوسف مع الرقابة، حيث رفضت الرقابة عرض فيلم "جواز بقرار جمهوري"، وذلك بسبب مشهد ظهور الرئيس الأسبق حسني مبارك في مشهد "غرافيك" له في نهاية الفيلم، لكن بحسب تصريح سابق للناقد طارق الشناوي "إن نجل الرئيس الأسبق علاء مبارك وافق على عرض الفيلم".

أزمات يوسف مع الرقابة وتناول أفلامه قضايا سياسية قدمته للجمهور بأن أعماله جريئة تحمل وجهة نظر معارضة للدولة، وظل المخرج خالد يوسف يسلك طريق المعارضة في مشواره الفني والسياسي، خاصة بعد فوزه بعضوية مجلس النواب وانضمامه إلى تكتل 25-30 وهو "تكتل نيابي معارض" داخل البرلمان.

وبالرغم من ابتعاد خالد يوسف عن الفن بعد ثورة 25 يناير 2011، لكنه قرر العودة للسينما مرة أخرى من خلال فيلم "كارما". إلا أنها هذه المرة عودة بلا معارضة. فقصة الفيلم التي أعلن عنها المخرج خالد يوسف خلال مؤتمر صحافي له مع أبطال الفيلم، تتناول قضية اجتماعية وهي "الفوارق بين الطبقات والعلاقة بين المسلمين والمسيحيين". ورغم مقاربته لقضايا شائكة في هذا العمل، فإنه يبتعد تماماً عن التطرق لموضوع الغضب من الدولة أو إمكانية قيام ثورات أو مظاهرات احتجاجا على تدهور الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار مثلما كان يفعل في الماضي.

تغيير توجهات يوسف الفنية تماهى مباشرة مع تغيير مواقفه السياسية، منذ دخوله مجس النواب وانضمامه إلى صف المطبلين للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من دون أي هامش للمعارضة. إذ اختفت تعليقاته عن قضايا سياسية ووطنية عدة، وأبرزها الانتخابات الرئاسية فحتى الآن لم يعلن يوسف عن أي موقف، واضطر لإصدار بيان يوم 23 يناير/كانون الثاني 2018 ينفي فيه شائعات تحريره توكيلا للفريق سامي عنان. و في مداخلة له مع عمرو أديب يوم 24 يناير 2018 أكد أنه لم يعلن دعمه لأي مرشح رئاسي، وأنه ملتزم بموقف تكتل 25 - 30 والذي لم يعلن بعد موقفه. لكن يوسف برر عدم إعلان أي موقف قائلاً: "إن عدم تأييد المعارضة أيا من المرشحين احتمال وارد، فما يهم المعارضة هو المسار الديمقراطي، الذي يعاني من انسداد في الأفق، وتضييق على حركة الأحزاب، وأمور كثيرة غير مواتية لإجراء الانتخابات بالشكل الذي يحلمون به".

ويبدو أن خالد يوسف أدرك أن الدولة لن تقبل السينما المعارضة مثلما كانت أفلامه في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، إذ عانت الرقابة في السنوات الأخيرة من عهد المخلوع من اهتراء كبير. لذلك عندما سئل في مؤتمر الإعلان عن فيلم كارما هل ستعمل في السياسة بجانب السينما فكانت إجابته "لن أعمل في السياسة مرة أخرى وسأخدم فقط أهالي دائرتي".

إذاً في فيلم "كارما" يبتعد يوسف عن الرسائل السياسية المباشرة، من دون تجييش أو تحريض على قيام ثورات أو فوضى أو احتجاجات مقبلة مثلما فعل في فيلمه دكان شحاتة، ليتناقض ذلك مع تصريح له سابق حول أفلامه التي تنبأت بالثورة حيث قال "إن الفنان وظيفته استشراف المستقبل، وفي الحقيقة عندما أشاهد ما قدمته بعد الثورة في أفلام مختلفة أندهش من التطابق الشديد، في حين أن الغالبية قالوا وقت عرض هذه الأفلام: خالد يوسف بيهذي"، فهل يكتب خالد يوسف نهاية أفلامه المعارضة وتختفي تنبؤاته بثورة حتى لا يُتهم مرة أخرى بالهذيان؟
دلالات
المساهمون