قلما تُذكر مدينة بورصة التركية، في ظل تمدد إسطنبول واتساعها لتضم ربع سكان تركيا وشهرتها كأهم الوجهات السياحية والتجارية في البلاد، وكذلك مع تنامي دور مدن البحر الأسود (طرابزون وسينوب وريزة وسامسون وأورودو وغيراسون وآرتفين وبايبورت وغوموشهانة) أو حتى اشتهار أزمير وذيوع صيت أنطاليا، رغم ما للولاية من ميزات، إذ حازت بورصة قبل عامين، ضمن إحصاءات أفضل المدن المناسبة للمعيشة على المرتبة الثامنة والأربعين عالمياً، والمرتبة الأولى بين المدن التركية، وذلك لما تتميز به من رخص المعيشة ووفرة الأماكن الترفيهية الجميلة وتوفر فرص العمل في العديد من المجالات.
لكن بورصة عادت لتجد لها مكاناً على الخريطة السياحية التركية، لما لها من تاريخ وما فيها من أوابد، فهي العاصمة الأولى لآخر الإمبراطوريات الإسلامية "1326 – 1365"، التي تأسست على يد عثمان الأول بن أرطغرل بن سليمان شاه، واستمرت من 1200 حتى قيام الجمهورية التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، عام 1923.
وقليل من يعرف أن بورصة (جنوب إقليم مرمرة الواقع في شمال غرب تركيا) هي مكان دفن السلاطين العثمانيين، وإن شذّ عن القاعدة بعض السلاطين، كسليمان القانوني المدفون بجامع السليمانية في إسطنبول، أو السلطان مراد الأول الذي قضى خلال معركة فتح كوسوفا، عام 1389.
وما يميز بورصة احتضانها أهم آثار الإمبراطورية العثمانية، التي يأتي في مقدمتها، جامع بورصة الكبير المبني على الطريقة السلجوقية، وقد أمر ببنائه السلطان العثماني بايزيد الأول، وشُيّد بين عامي 1396 و1400. وللمسجد 20 قبة ومئذنتان، وهو علامة على فن العمارة العثمانية القديمة، التي استَخدمت كثيرا من عناصر العمارة السلجوقية.
وإن ذكرنا الجوامع في بورصة، فللجامع الأخضر حق ولو بإشارة، فهو جامع قديم ذو طراز معماري عثماني تم البدء بإنشائه عام 1378 بناءً على أمر والي مدينة "بورصة" آنذاك جاندارالي خيرالدين باشا، ولكن عقب وفاته توقفت عملية البناء لفترة وجيزة، إلى أن قام ابنه علي باشا عام 1391، بإصدار قرار لإتمامه، واكتمل بناؤه في العام نفسه، لكن طبيعة بورصة، والتي تعد الأهم في تركيا، قد لا تقل عن إرثها التاريخي وما فيها من آثار عثمانية، فعند ذكر بورصة، يقفز فوراً جبل أولوداغ إلى الذاكرة، والذي يعد معلمها الرئيس، إذ يبلغ ارتفاعه 2.543 متراً، ويُعد من أفضل الأماكن ملائمة لممارسة رياضة التزلج الممتعة والاستمتاع بالجمال الطبيعي، ليكتمل مشهد الجبل بشلالات سياتابات التي تندمج معه لتشكل لوحة مدهشة.
وتأتي قرية أغاتش ضمن روائع بورصة، وتقع في ناحية كارارجابي وتطل على بحيرة ألوبات وبحر مرمرة بإطلالة رائعة، ومن ثم حمامات تومبولداك الطبيعية، فجنة سانساراك الخفية التي تقع في ناحية إيزنيك. كما تمتاز بورصة بكهوف وأديرة، منها كهف أي فايني الطبيعي، ويعود تاريخ وجوده إلى آلاف السنين، وهو ثاني أطول كهف في تركيا. ويحتوي بداخله نهرًا. ومن الأديرة، هناك دير ماديكيون، الذي يعود إلى الحضارة البيزنطية التي سكنت بورصة قبل فتحها من قبل الجيش العثماني.
ولقرية جوليازي حديث آخر، تلك المنطقة السكنية الأثرية المقامة فوق شبه جزيرة موجودة على الساحل الشرقي لبحيرة أولوبات حيث يتداخل نحو 500 منزل روماني قديم مع البناء المعاصر، لتشكل لوحة ضمن جزيرة، يصلك بها طريق وحيد بطول سبعة آلاف متر، وربما يعرف القراء أو المهتمون من جوليازي، شجرتها الضخمة والمعمرة (450 سنة) والتي تدعى "الصنار الباكي".
ومن معالم بورصة، وإن الحديثة، التلفريك المدشن عام 1963 والذي يصل بين مركز المدينة وجبل أولوداغ، على بعد أربعة كيلومترات وبزمن يمتد إلى نحو 12 دقيقة، عبر مقصورات ضخمة تتسع لثمانية أشخاص، ويخطط المعنيون في مدينة بورصة، لتمديد مسافة التلفريك، حتى يصل إلى منطقة الفنادق في جبل أولوداغ، لتغدو المسافة نحو 8.5 كلم ويكون أطول تلفريك في العالم يرتكز على جبل واحد.
وفي مدينة بورصة السياحية العديد من الأسواق التجارية المعروفة والمشهورة لدى الأتراك والسياح الذين يأتون لزيارة المنطقة، إذ تكون من ضمن برنامجهم السياحي زيارة هذه الأسواق، ومنها سوق ظافر بلازا، الذي افتتح رسميا في عام 1996 كأهم مراكز التسوق في بورصة.
ويعرف أيضا باسم المجمع الهرمي لمعماره الزجاجي المماثل لقاعة فنون اللوفر في باريس. يتألف من ثلاثة طوابق ويضم أكثر من مائة متجر، وتجد فيه العديد من الماركات العالمية الشهيرة المحلية والدولية إلى جانب المطاعم والمقاهي المتميزة وصالات السينما. شكله الغريب الذي يتيح لنور الشمس دخوله من كل جانب جعله بحق تحفة معمارية تستحق الزيارة.
وأما لجهة الأسواق القديمة في بورصة، فهناك سوق قوزا هاني، الذي يعتبر من أجمل الأسواق القديمة المغطاة في تركيا، تأسس عام 1490 على يد بايزيد الثاني، وتعرض فيه اليوم الأقمشة الفاخرة والمصنوعات الحريرية الرائعة، ويتوسطه فناء واسع، ويوجد بجانبه فندق صغير و مسجد.
وبقي من أسرار بورصة، مياهها التي تصنف الأنقى للشرب في البلاد، إذ أظهرت دراسة قام بها قسم هندسة البيئة في جامعة كوجاعلي أن مياه الشرب في مدينة بورصة هي الأفضل على مستوى تركيا، بل وتسد ولاية بورصة نحو 80% من احتياجات تركيا من مياه الشرب المعلبة.
اقــرأ أيضاً
لكن بورصة عادت لتجد لها مكاناً على الخريطة السياحية التركية، لما لها من تاريخ وما فيها من أوابد، فهي العاصمة الأولى لآخر الإمبراطوريات الإسلامية "1326 – 1365"، التي تأسست على يد عثمان الأول بن أرطغرل بن سليمان شاه، واستمرت من 1200 حتى قيام الجمهورية التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، عام 1923.
وقليل من يعرف أن بورصة (جنوب إقليم مرمرة الواقع في شمال غرب تركيا) هي مكان دفن السلاطين العثمانيين، وإن شذّ عن القاعدة بعض السلاطين، كسليمان القانوني المدفون بجامع السليمانية في إسطنبول، أو السلطان مراد الأول الذي قضى خلال معركة فتح كوسوفا، عام 1389.
وما يميز بورصة احتضانها أهم آثار الإمبراطورية العثمانية، التي يأتي في مقدمتها، جامع بورصة الكبير المبني على الطريقة السلجوقية، وقد أمر ببنائه السلطان العثماني بايزيد الأول، وشُيّد بين عامي 1396 و1400. وللمسجد 20 قبة ومئذنتان، وهو علامة على فن العمارة العثمانية القديمة، التي استَخدمت كثيرا من عناصر العمارة السلجوقية.
وإن ذكرنا الجوامع في بورصة، فللجامع الأخضر حق ولو بإشارة، فهو جامع قديم ذو طراز معماري عثماني تم البدء بإنشائه عام 1378 بناءً على أمر والي مدينة "بورصة" آنذاك جاندارالي خيرالدين باشا، ولكن عقب وفاته توقفت عملية البناء لفترة وجيزة، إلى أن قام ابنه علي باشا عام 1391، بإصدار قرار لإتمامه، واكتمل بناؤه في العام نفسه، لكن طبيعة بورصة، والتي تعد الأهم في تركيا، قد لا تقل عن إرثها التاريخي وما فيها من آثار عثمانية، فعند ذكر بورصة، يقفز فوراً جبل أولوداغ إلى الذاكرة، والذي يعد معلمها الرئيس، إذ يبلغ ارتفاعه 2.543 متراً، ويُعد من أفضل الأماكن ملائمة لممارسة رياضة التزلج الممتعة والاستمتاع بالجمال الطبيعي، ليكتمل مشهد الجبل بشلالات سياتابات التي تندمج معه لتشكل لوحة مدهشة.
وتأتي قرية أغاتش ضمن روائع بورصة، وتقع في ناحية كارارجابي وتطل على بحيرة ألوبات وبحر مرمرة بإطلالة رائعة، ومن ثم حمامات تومبولداك الطبيعية، فجنة سانساراك الخفية التي تقع في ناحية إيزنيك. كما تمتاز بورصة بكهوف وأديرة، منها كهف أي فايني الطبيعي، ويعود تاريخ وجوده إلى آلاف السنين، وهو ثاني أطول كهف في تركيا. ويحتوي بداخله نهرًا. ومن الأديرة، هناك دير ماديكيون، الذي يعود إلى الحضارة البيزنطية التي سكنت بورصة قبل فتحها من قبل الجيش العثماني.
ولقرية جوليازي حديث آخر، تلك المنطقة السكنية الأثرية المقامة فوق شبه جزيرة موجودة على الساحل الشرقي لبحيرة أولوبات حيث يتداخل نحو 500 منزل روماني قديم مع البناء المعاصر، لتشكل لوحة ضمن جزيرة، يصلك بها طريق وحيد بطول سبعة آلاف متر، وربما يعرف القراء أو المهتمون من جوليازي، شجرتها الضخمة والمعمرة (450 سنة) والتي تدعى "الصنار الباكي".
ومن معالم بورصة، وإن الحديثة، التلفريك المدشن عام 1963 والذي يصل بين مركز المدينة وجبل أولوداغ، على بعد أربعة كيلومترات وبزمن يمتد إلى نحو 12 دقيقة، عبر مقصورات ضخمة تتسع لثمانية أشخاص، ويخطط المعنيون في مدينة بورصة، لتمديد مسافة التلفريك، حتى يصل إلى منطقة الفنادق في جبل أولوداغ، لتغدو المسافة نحو 8.5 كلم ويكون أطول تلفريك في العالم يرتكز على جبل واحد.
وفي مدينة بورصة السياحية العديد من الأسواق التجارية المعروفة والمشهورة لدى الأتراك والسياح الذين يأتون لزيارة المنطقة، إذ تكون من ضمن برنامجهم السياحي زيارة هذه الأسواق، ومنها سوق ظافر بلازا، الذي افتتح رسميا في عام 1996 كأهم مراكز التسوق في بورصة.
ويعرف أيضا باسم المجمع الهرمي لمعماره الزجاجي المماثل لقاعة فنون اللوفر في باريس. يتألف من ثلاثة طوابق ويضم أكثر من مائة متجر، وتجد فيه العديد من الماركات العالمية الشهيرة المحلية والدولية إلى جانب المطاعم والمقاهي المتميزة وصالات السينما. شكله الغريب الذي يتيح لنور الشمس دخوله من كل جانب جعله بحق تحفة معمارية تستحق الزيارة.
وأما لجهة الأسواق القديمة في بورصة، فهناك سوق قوزا هاني، الذي يعتبر من أجمل الأسواق القديمة المغطاة في تركيا، تأسس عام 1490 على يد بايزيد الثاني، وتعرض فيه اليوم الأقمشة الفاخرة والمصنوعات الحريرية الرائعة، ويتوسطه فناء واسع، ويوجد بجانبه فندق صغير و مسجد.
وبقي من أسرار بورصة، مياهها التي تصنف الأنقى للشرب في البلاد، إذ أظهرت دراسة قام بها قسم هندسة البيئة في جامعة كوجاعلي أن مياه الشرب في مدينة بورصة هي الأفضل على مستوى تركيا، بل وتسد ولاية بورصة نحو 80% من احتياجات تركيا من مياه الشرب المعلبة.