"ملّة السميد"... رفيق السفر

14 مارس 2017
(العربي الجديد)
+ الخط -
تشتهر قرى وبلدات الجنوب اللبناني بالصناعات اليدويّة بأنواعها كافة، وخاصة المتعلقة بالطعام، فبالإضافة إلى اهتمام نساء تلك القرى بإعداد وتحضير المونة من الزيتون والزعتر والحبوب، انفردت قرية دير قانون رأس العين (جنوب لبنان) بصناعة "ملّة السميد" وهي إحدى المأكولات التراثيّة اللبنانيّة، التي انقرضت إلا أن نساء القرية أعدن إحياءها من جديد.

دعد إسماعيل قالت لـ"العربي الجديد" إن "ملّة السميد خبزٌ تراثي خاص بقرية دير قانون رأس العين، تتكون من السميد الناعم، طحين، سمسم، زيت زيتون وملح، وقد يضاف إليها الزعتر حسب الرغبة".
وتعود حكاية خبز "ملّة السميد" إلى أهالي القرية القدماء الذين كانوا يأخذون هذا الخبز أثناء سفرهم مسافات طويلة وخاصة إلى الأراضي المقدسّة لأداء فريضة الحج أو إلى بلاد الشام وفلسطين والعراق، وحازت على لقب "رفيق السفر" لأنها تدوم لأسابيع دون تبريد لعدم احتوائها على أي مواد قد تفسد، مثل السمن أو الزبدة، وتحتوي على كميات ألياف عالية تزوّد الجسم بالطاقة المطلوبة.

وتلفت إلى أن طريقة إعدادها تحتاج وقتاً طويلاً قد يستغرق خمس ساعات، لذلك كانت على وشك الانقراض لأن نساء القرية الكبار في السن لم يعدن يستطعن إعدادها، لذلك قمت أنا وبعض نساء القرية بإعادة إحيائها من خلال جمعية تعاونية نسائية بعد أن تعلمناها وورثناها عن أمهاتنا، وخاصة أنها خبز صحي مفيد وحازت على الجائزة الأولى عام 2007 عن فئة أفضل خبز تراثي لبناني. ويستمّر حتى اليوم الإقبال على شراء هذا النوع من الخبز بسبب فوائده الصحية المتعددة مقارنة بالخبز العادي الذي يأكله اللبنانيون.

وهي عجينة تخبز بالفرن لمدة ربع ساعة، أما سابقاً فكانت تخبز بالتنّور الذي يحفر في الأرض بشكل دائري ويحاط بأغصان البلان وتلقى قطع العجين في وسطه بعد رَقّها بأحجام مختلفة.
وقالت: إن الجيل الجديد لم يكن يعرف هذا الخبز التراثي، ولكن ما أن تذوقه حتى نال إعجابه وصرنا نصدّره إلى القرى المجاورة وبعض الأسواق والسوبر ماركت، مضيفة أن كلمة الملة كانت تطلق على خبز التنور سابقاً، حيث اشتهرت القرية بصناعته أيضاً.

وتعتبر "ملّة السميد" كنزاً من كنوز القرية وتعاونيتها النسائية، لأنها اشتهرت بها منذ عقود طويلة، وتميزت القرية عن غيرها بصناعتها رغم تشابهها وقرى الجوار من ناحية تصنيع العصائر والمربيات والمقطرات.

المساهمون