"الأمير الظريف": ثلاثون عاماً

13 مايو 2020
جاء العمل كاستعراض للطبقات الاقتصادية للمواطنين السود (Getty)
+ الخط -
تصادف هذا العام الذكرى الثلاثين على بث الحلقة الأولى من المسلسل الأميركي "the fresh prince of Bel-Air"، الذي أطلق نجومية ويل سميث، وأنتجه الموسيقيّ الشهير كوينسي جونز، ونتعرف فيه على ويل سميث الذي يلعب نسخة متخيلة من ذاته، واضطر بعد شجار مع أبناء الحي، وبأمر من والدته، إلى ترك فيلادلفيا والانتقال إلى منزل خالته الغنيّة في بيل-اير في بيفرلي هيلز، حسب ما تخبرنا شارة المسلسل. وخلال المواسم الستة، نتعرف على ثقافتين مختلفتين في ظل كوميديا توظف المفارقات والشخصيات النمطيّة.
أهمية المسلسل تكمن في الصورة الجديدة التي قدمها عن العائلة السوداء، فخالة ويل وزوجها غنيان، وعلى درجة عالية من الثقافة، بدآ من الصفر وأسسا حياتهما بنفسيهما؛ محامٍ وأستاذة جماعية يضعاننا على تماس مع القضايا السياسية وتاريخ العبوديّة. الأهم، أن المسلسل لا يحاول تقديم صورة "بيضاء" عن الأسرة الناجحة، فويل يُعامل كابن من قبل خالته وأسرتها بالرغم من الاختلافات والمتاعب التي يقع فيها. ودور الأسرة هنا هو ليس فقط حمايته من الانضمام للعصابات، بل أيضاً تعريفه على التاريخ الأسود في الولايات المتحدة. كما يحوي المسلسل سخرية دائمة من "بياض" كارلتون، قريب ويل، الذي يحاول أن يكون الطالب المجدّ والمتفوق، الذي يريد أن ينافس البيض من أقرانه إلى حد نسيان أصله.

استضاف المسلسل العديد من المشاهير في الولايات المتحدة، الذين قدموا حكمة من نوع ما للأسرة والمشاهدين أو للإضاءة على الأدوار المختلفة في المجتمع حينها. وبغض النظر عن اللون، يكشف لنا الضيف عن جوانب مختلفة من الثقافة السوداء وطبيعة حضورها في أميركا، سواء كان "كوين لاتيفا" أو دونالد ترامب نفسه، كما أن نيل المسلسل شهرة عالميّة، ربما يعود إلى كونه قدم ويل سميث كشاب ملون مختلف عن الصورة النمطيّة. فاللغة الفجة وثقافة الشوارع تتعرض للانتقاد في المسلسل، بل إن ويل سميث نفسه خارج المسلسل، يقدم نسخة "نظيفة" من الثقافة السوداء، فموسيقاه مرحة تلائم الحفلات ولا تنتمي لعالم العصابات، كما أنه يحاول أن يؤدي دور الأب الناجح والمؤدي الذي يستهدف العائلة بأكملها.
لا يدّعي المسلسل ولا صناعه أنهم قدّموا رائعة تلفزيونية، هناك الكثير من الأخطاء والتغيرات العبثيّة بين الشخصيات، إلى جانب الاعتماد أحياناً على النكتة السخيفة، وكسر الجدار الرابع من دون معنى، مع ذلك هناك سحر من نوع ما حول المسلسل. النكات "المهذبة" والإحالات البذيئة القليلة غيّرت من أسلوب تلقينا للثقافة السوداء بشكل عام، خصوصاً أن التسعينيات شهدت صعود راب العصابات، ومقتل توباك شكور وبيغي سمالز، ليأتي المسلسل، حسب جونز، كاستعراض للطبقات الاقتصادية للمواطنين السود، وهو ما أبقى المسلسل "حياً" وفتح أمامه الباب لاكتشاف احتمالات جديدة.
خبر بث المسلسل على نتفليكس هذا العام ووجِهَ بالترحيب بوصفه أسلوباً لاستعادة ذاكرة التسعينيات وأزيائها، كما أن هذا القرار أعاد لويل سميث بعضا من ألقه الذي بدأ يتلاشى. إذ قال في لقاء صحافي إنه بالرغم من كل الأفلام التي شارك فيها، ما زال الجمهور يتعرف عليه بوصفه "الأمير الظريف"، ذا المغامرات والقفشات المضحكة والمحاولات الفاشلة للوقوع في الحب.
ففي المسلسل هو يعيش في ظل انضباط أسرته الجديدة التي تحاول أن تجعل منه رجلاً منتجاً في المجتمع ذا عمل ودخل، لا مجرد متسكع في الشوارع، ليكون نموذجاً يحتذى به للشاب الأسود، ذاك الذي لا ينكر أصوله، بل يتعرف على تاريخها.
في الوقت ذاته، يحاول أن يكون مسؤولاً ومستعداً لأميركا التي تختفي فيها العنصريّة، والتي الآن، وبعد باراك أوباما، تكشفت أمامنا تقنيات جديدة للتميز لم تكن ظاهرة من قبل.
المساهمون