علماء يطورون خوارزمية يمكنها التنبؤ بالجرائم قبل حدوثها

01 نوفمبر 2018
كانت فيلماً مثل فيه توم كروز وتحولت إلى حقيقة(فيسبوك)
+ الخط -
تخيل عصابة من لصوص البنوك يصلون إلى مكان سطوهم المحتمل، فيجدون الشرطة بانتظارهم، ماذا سيكون شعورك لو أصبح التنبؤ بالجرائم ممكنًا بفضل الرياضيات؟

عمل الفلاسفة والعلماء على دراسة مفهوم "استباق الجريمة"، منذ صدور رواية الخيال العلمي "The Minority Report" لفيليب كيديك في خمسينيات القرن الماضي، التي تحكي عن تنبؤ الجرائم واتخاذ التدابير اللازمة لمنعها، والتي حولت لاحقًا إلى فيلم أدى فيه توم كروز دور البطولة.

ونجح العلماء اليوم بفضل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بالقفز خطوة نحو المستقبل، وانتزاع التنبؤ بالجريمة من صفحات الخيال العلمي إلى الواقع الحقيقي، حيث صرحت شركة PredPol التقنية، بأنها نجحت في تطوير خوارزمية تحليل بيانات، يمكنها اكتشاف الجرائم قبل وقوعها، بنسبة 10 إلى 50% في بعض المدن، وفقًا لموقع "بي بي سي".

واستغرقت الشركة سنوات عديدة في جمع البيانات، عن تاريخ الجرائم، نوعها، موقعها ووقت حدوثها، بالإضافة إلى كم هائل من المعلومات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، ولقنتها لخوارزمية مصممة أساسًا للتنبؤ بالزلازل، فكانت النتيجة برنامجًا يكتشف الجرائم المحتملة في الـ 12 ساعة القادمة، ويحدّث كل يوم لدى ظهور بيانات جديدة.



وأوضح جيف برانتنغام، أستاذ الأنثروبولوجيا والمؤسس المشارك لـ PredPol، أن الخوارزمية الجديدة مستوحاة من التجارب التي تديرها جامعة كاليفورنيا بالتعاون مع إدارة شرطة لوس أنجليس، وأن الذكاء الاصطناعي يتيح تحليل البيانات، استخلاص النتائج، وإقامة روابط بين كمية كبيرة من المعلومات، التي لا يمكن للمحللين البشريين التعامل معها ببساطة.

وتعرض التنبؤات على خريطة مقسمة لمربعات ملونة، يمثل كل واحد منها مساحة 46 مترا مربعا، وتشير المربعات الحمراء إلى المناطق عالية الخطورة، لذا يطلب من ضباط الشرطة قضاء 10% على الأقل من وقتهم فيها، مما سيساعدهم على ردع الجرائم، بنسبة ضعف احتمالية منع التدابير الحالية لها.

ويقول المشككون بالخوارزمية إنها مجرد علم زائف، لأن تحليل بيانات الجريمة لاتخاذ قرارات تخص توزيع الشرطة على الأماكن، ليس بالأمر الجديد، إلا أن شركة PredPol أشارت أن تحليل النقاط الساخنة التقليدي هو مجرد رد فعل على حوادث الأمس، وليس توقع ما سيحدث في الغد، إذ إن الأمر الأخير يتجاوز القدرات الإدراكية الطبيعية للمحلل البشري.

ويقول ألكسندر بابوتا، من مجموعة دراسات الأمن القومي في المعهد الملكي للخدمات المتحدة: "لا يتيح تحليل النقاط الساخنة التقليدي، التمييز بين نوعين من المواقع، الأولى التي تشهد ببساطة كمية كبيرة من الجرائم بشكل دائم، لأنها تجذب المجرمين، مثل الأسواق المزدحمة ومواقف السيارات غير الآمنة، والثانية التي ازداد فيها معدل الجرائم بشكل مؤقت بسبب حدوث جريمة فيها حديثًا، في حين تستطيع التكنولوجيا الآلية فعل ذلك".

ويبدو أن هذا النوع من الخوارزميات أثار اهتمام الشرطة، إذ إنها تستخدم في أكثر من 50 قسم شرطة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، كما أشارت بعض أقسام الشرطة في المملكة المتحدة، إلى أن معدل الجريمة انخفض بمقدار 6% بعد 4 أشهر فقط من تجربتها، وقال ستيف كلارك، نائب رئيس قسم شرطة سانتا كروز: "وجدنا الخوارزمية دقيقة بشكل لا يصدق، من ناحية التنبؤ بالأوقات والمواقع التي يتوقع أن تحدث فيها الجرائم".

وأثارت خوارزمية التنبؤ بالجرائم مخاوف حول التحيز العنصري، حيث لاقت بعض أقسام الشرطة التي تستعملها، انتقادات واسعة من العديد من المجموعات الحقوقية المحلية، القلقة من تهديد الخوارزمية للحريات المدنية وتحفيزها للتنميط العرقي، من خلال جعل الشرطة تركز على أماكن من دون غيرها، لهذا قد يحتاج المواطنون في المستقبل أن يقرروا، ما إذا كان انخفاض معدل الجريمة، يستحق الاعتداء المحتمل على حرياتهم المدنية، في حال إساءة استخدام هذه التكنولوجيا.

 

 

المساهمون