"داعش" يستعيد أنفاسه في الموصل... ويخطط لجبهة الأنبار

03 ابريل 2017
يتحتّم القضاء على تجمعات داعش في الأنبار(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
منح التعثّر الميداني الذي اعترى جبهة الساحل الأيمن بالموصل، إثر الكشف عن مجزرة الموصل الجديدة، تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) فرصة لترتيب صفوفه داخل المدينة وخارجها. وتشير المعطيات الميدانية إلى أنّ التنظيم بدا أكثر قوة من الأيّام السابقة، بعد أن استطاع تجريد القطعات العراقية من الغطاء الجوي ومن الأسلحة الثقيلة بسبب القتال وسط الأحياء السكنية المكتظّة بالمدنيين، ما تسبب بتباطؤ حدّة المعارك في غالبية جبهات الساحل.

ورغم إحكام القطعات العراقية طوقها على الساحل الأيمن، فإنّ التنظيم لا يبدو سهلاً أبداً، إذ بدأ بتحركات عسكرية خارج المدينة لفتح جبهة جديدة قد لا تقل خطراً عن الموصل، يحاول من خلالها إرباك القطعات العراقية في الموصل للتخفيف عن عناصره فيها. ويحذر مسؤولون من خطورة تحرّكات تنظيم "داعش" في صحراء الأنبار، ومدى قدرته على إشعال معركة جديدة، مستفيداً من الصحراء الكبيرة ومن الحدود المفتوحة مع الموصل ومع سورية، مطالبين بتحركات عاجلة لإغلاق هذه الثغرة الخطيرة.

ويقول ضابط في قيادة عمليات نينوى، لـ"العربي الجديد"، إنّ "معركة الساحل الأيمن دخلت مرحلة جديدة، ستكون أصعب المراحل، إذ إنّ الكثافة السكانية جرّدت القطعات من الغطاء الجوي ومن الأسلحة الثقيلة، الأمر الذي فرض واقعاً ميدانياً صعباً حتّم على القطعات خوض حرب شوارع". وأوضح "مع أنّ القطعات العراقية لها خبرة بقتال الشوارع، لكنّها بالتأكيد ليست سهلة، وخصوصاً أنّ الغطاء الجوي كان يفتح الطريق أمام القطعات، ويسهل عملية التقدّم ويقلل من حجم الخسائر في صفوف القطعات المقاتلة"، مؤكداً أنّ "كل ذلك تسبب بتعثّر في التقدم، وفي المقابل منح التنظيم فرصة إعادة ترتيب صفوفه داخل وخارج المدينة". وأوضح أنّ "التنظيم اليوم محاصر داخل الساحل الأيمن، لكنّه مع ذلك استطاع كسب الوقت، لذا فإنّه اليوم يقاتل بشراسة ويدافع عن مناطق تواجده بشدّة، ما زاد من صعوبة التقدّم للقطعات، الأمر الذي انعكس سلباً على توقيت حسم المعركة". ويبدي "داعش" مقاومة عنيفة في ما تبقى من الأحياء التي يسيطر عليها، إذ يشهد محور حي اليرموك قتالاً عنيفاً. وكانت القطعات العسكرية، التي اخترقت المنطقة قبل عدّة أيام، قد توقفت عن التقدم، ولم تحكم سيطرتها الكاملة على الحي. وتخوض القطعات حرب شوارع في الحي، مصطدمة بعناصر "داعش" المتحصنين في المنازل وبين الأزقة. وشن عناصر التنظيم هجمات انتحارية أسفرت عن مقتل وإصابة 13 شخصاً، معظمهم من الجنود. وأعقب التنظيم الهجمات الانتحارية بهجمات مسلحة مستخدماً الأسلحة النارية المتوسطة والثقيلة وقذائف الهاون.





ويسعى تنظيم "داعش" حالياً للاستفادة من تعثّر معارك الموصل، محاولاً تخفيف الضغط عن عناصره داخل المدينة، ساعياً إلى فتح جبهات قتال جديدة خارج الموصل، والتي قد تكون فرصته لإرباك معركة الموصل. وتؤكد مصادر متطابقة أنّ هدف التنظيم هو محافظة الأنبار، والتي بدأ بنقل قطعات وأسلحة إليها لتكون جبهته الجديدة. وقال قائممقام بلدة الرطبة، غربي محافظة الأنبار، عماد الدليمي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "طبيعة الأرض، والمساحة الواسعة للأنبار، التي تمثّل ثلث مساحة العراق، ووعورة المنطقة، بالإضافة إلى الحدود المفتوحة مع سورية، وتعثّر معارك الموصل، كل ذلك ألقى بظلاله على محافظة الأنبار". وأوضح أنّ "التنظيم يحاول جعل المحافظة حاضنته المستقبلية، وجبهته الجديدة، مستغلاً كل الظروف التي تمنحه هذه القدرة"، مبيناً أنّ "مناطق غرب الأنبار الصحراوية لم تتحرّر حتى اليوم، وأنّ القطعات المنشغلة بمعركة الموصل لا تستطيع العودة إلى الأنبار، لذلك بدأ التنظيم بالتحرّك ونقل أعداد كبيرة من مقاتليه وأسلحته إلى غرب بلدة الرطبة ومناطق العامج والقذف والحسينيات وغيرها من المناطق التي يستطيع التحرّك فيها". وأشار إلى أنّ "نقل المقاتلين والأسلحة إلى الأنبار، يؤشّر إلى عزم التنظيم على فتح جبهة والاستعداد لمعركة جديدة في صحراء الأنبار"، مبيناً أنّه "يتحتّم على الحكومة والقيادات الأمنية عدم تجاهل ذلك، ووضع الخطط الكفيلة بصدّ أي تحرك مريب للتنظيم، والقضاء على تجمعاته في المحافظة قبل اكتمالها".

من جهته، حذّر الخبير العسكري، كمال الشمري، من "خطورة منح داعش فرصة فتح جبهة الأنبار، وتأثير ذلك على مجريات معارك العراق، ومنها الموصل". وقال الشمري، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "تنظيم داعش ليس بالتنظيم السهل، ولديه خبرة في القتال وحرب الاستنزاف. كما أنّ لديه خبرة بالمعارك ويستطيع أن يستفيد من كل ثغرة فيها"، موضحاً أنّه "للأسف فإن القيادات العسكرية العراقية لم تحكم سيطرتها على المحافظات قبل التحرّك نحو الموصل، وقد تركت ثغرات كبيرة فيها". وأشار إلى أنّ "التنظيم استفاد من عدم إحكام القوات العراقية سيطرتها على الأنبار، ومن أنّ حدودها ما زالت مفتوحة مع سورية، من طريبيل وحتى ربيعة. ومنح انتشار قواعد للتنظيم في الصحراء، فرصة لإعادة تجميع قواه ليستعد لمهاجمة مناطق المحافظة". وأضاف أنّ "أي تحرّك عسكري للتنظيم نحو الأنبار ستكون له ارتدادات سلبية على معركة الموصل، وسيجبر القوات العراقية على سحب جزء من قطعاتها من مواقعها في الموصل، الأمر الذي سيربك معركة الموصل من جهة، ويمنح التنظيم فرصة لتحقيق هدفه في الأنبار بسبب قلة القطعات المتواجدة فيها". وحذّر الشمري من "خطورة ذلك، ما يتطلّب مراجعة سريعة من قبل القيادة العراقية، ووضع خطة معاكسة بالاستعانة بطيران التحالف الدولي، ومنع التنظيم من تحريك جبهة الأنبار، وإفشال خطة التنظيم قبل أن يبدأ بها"، مؤكداً "أهمية إرسال قطعات عسكرية لإطلاق عملية للسيطرة على صحراء الأنبار وقطع الطريق أمام مخططات داعش". يشار إلى أنّ المعارك في الموصل تعثّرت بشكل كبير، بعد الكشف عن مجزرة ارتكبت في حي الموصل الجديدة، والتي وقعت نتيجة قصف منازل سكنية، وراح ضحيته مئات القتلى والجرحى من المدنيين.

المساهمون