انتهت، مساء اليوم الأحد، العملية الأمنية في مدينة الكرك الأردنية (جنوب المملكة)، بعد اشتباكات بين قوات أمنية خاصة وعناصر خلية مسلحة تحصنوا داخل قلعة أثرية.
وبلغت الحصيلة النهائية للاشتباكات التي استمرت أكثر من تسع ساعات، عشرة قتلى في صفوف المدنيين والأمن (أربعة من قوات الأمن العام، وثلاثة من قوات الدرك، ومدنيان)، إضافة إلى سائحة تحمل الجنسية الكندية، فيما تم القضاء على أربعة "إرهابيين" من أعضاء الخلية، حسب ما أعلنت مصادر أمنية.
وأكدت المصادر في بيان مشترك صادر عن مديرتي الأمن العام وقوات الدرك، وصل "العربي الجديد" نسخة منه، أن "القوة الأمنية ما تزال تقوم بعمليات تمشيط وتطهير للمنطقة ومحيطها، للتأكد من عدم وجود آخرين".
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني في تصريحات للتلفزيون الرسمي الأردني إن "الإرهابيين تعمدوا قنص المدنيين بشكل عشوائي وإجرامي"، متابعاً أن " الأردن يقع في إقليم ملتهب يعجّ بالتنظيمات الإرهابية، لكنه سيبقى قادرا على ترسيخ أمنه واستقراره".
وبدأت الأحدث عند الساعة الواحدة والنصف من ظهر الأحد، عندما داهمت قوات أمنية شقة سكنية في منطقة القطرانة (85 كيلومتراً جنوب عمّان)، التي تتبع لمحافظة الكرك، إثر بلاغ من قبل مواطنين عن وجود رائحة بارود من داخل الشقة، حسب ما أبلغت مصادر أمنية "العربي الجديد".
وبحسب مصادر أمنية ومحلية فإن "القوى المداهمة تعرضت لإطلاق نار من قبل أفراد الخلية الإرهابية، الذين لاذوا بالفرار من الموقع باتجاه مدينة الكرك".
وزادت المصادر أنها "ضبطت داخل الشقة المستأجرة من قبل الخلية منذ أكثر من شهرين أسلحة ومتفجرات، وأحزمة ناسفة، تركوها خلفهم عند فرارهم".
وحسب ما أعلنت مديرية الأمن العام في وقت سابق، فإن "عناصر الخلية لإرهابية انتقلوا من منطقة القطرانة إلى مدينة الكرك، حيث أقدموا في طريقهم على إطلاق النار على إحدى دوريات الأمن، قبل أن يهاجموا مركز أمن المدينة القريب من القلعة الأثرية".
وفي أعقاب الهجوم على مركز الأمن، انسحب المسلحون وتحصنوا داخل القلعة التي تصادف وجود وفد سياحي وزوار بداخلها، وتمكنت وحدات أمنية خاصة من "إخراج جميع العالقين داخل القلعة، والذين بلغ عددهم أربعة عشر شخصاً، قبل أن يتمكن المسلحون من أخذهم كرهائن".
وأرجعت المصادر الأمنية طول أمد الاشتباك مع المسلحين، إلى "طبيعة القلعة، التي تقع في منطقة مرتفعة، ووجود عدد كبير من السراديب والأنفاق بداخلها".
وتبلغ مساحة القلعة نحو أكثر من 25 ألف متر مربع، وترتفع عن سطح البحر قرابة 900 متر.
وشارك في اقتحام القلعة وتمشطيها من عناصر الخلية الإرهابية، قوات خاصة، بينها أمير من أفراد العائلة المالكة، كما أظهرت صور وتسجيلات بثت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتطوع العديد من أبناء المدينة التي يغلب عليها الطابع العشائري، ويعمل غالبيتها أبنائها في الأجهزة الأمنية والعسكرية، للمشاركة في الهجوم على أفراد الخلية الإرهابية، وسط مناشدات لإفساح المجال أمام القوات المهاجمة للتعامل مع الأمر، ودعوات أطلقت عبر المساجد تدعوا المدنيين للابتعاد عن مسرح الأحداث.
وخرج المئات من أبناء المدينة بعد انتهاء الاشتباكات في مسيرة شعبية هتفوا خلالها "بالروح بالدم نفديك يا كرك"، كما أطلقوا هتافات تتغنى بالقوات الأمنية والجيش.
وسبق أن حذر مسؤولون أمنيون من وجود خلايا إرهابية نائمة في المملكة، مرتبطة بجماعات إرهابية خارجية.
ومدينة الكرك لا تقع على خارطة المدن الأردنية الموصوفة بمعاقل للتيارات السلفية الجهادية، على غرار مدينة معان (جنوب المملكة) والزرقاء (شمال شرقي عمّان) وإربد (جنوب المملكة)، رغم أن العشرات من أبناء المدينة التحقوا بالجماعات الإسلامية المسلحة في سوريا والعراق.
وفي أعقاب الاشتباكات، أعلنت العديد من الطوائف المسيحية في الأردن تعليق احتفالاتها بمناسبة الأعياد المجيدة، حداداً على أروح شهداء أحداث الكرك.
ودان مجلس النواب الأردني "الجرائم الإرهابية الجبانة التي استهدفت محافظة الكرك، وأسفرت عن استشهاد عدد من رجال الأمن والمواطنين وسائحة أجنبية"، وقال المجلس في بيان صادر عنه " أن الجرائم محاولة بائسة لزعزعة الأمن والاستقرار، لكنها لن تزيدنا إلا ثباتاً وصموداً وتماسكاً".
كما عبرت جماعة الإخوان المسلمين عن إدانتها لـ "الاعتداءات الإجرامية بحق رجال الأمن العام والمدنيين"، وأكدت الجماعة في بيان وصل "العربي الجديد" نسخة منه، "وقوفها إلى جانب الوطن في هذه اللحظات الصعبة".