الاتفاق النووي الإيراني المحتمَل: فائدة انتخابية لنتنياهو

11 فبراير 2015
قد يصبح الاتفاق ورقة رابحة لنتنياهو (مناحم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي يصرّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على إلقاء خطاب أمام الكونغرس الأميركي في مطلع الشهر المقبل، رغم معارضة البيت الأبيض، يرى مراقبون أنّ التوصل إلى اتفاق بين الغرب وإيران حول الملف النووي في الفترة الحالية، يخدم دعاية نتنياهو الانتخابية.

وكان زعيم حزب "يش عتيد" (يوجد مستقبل)، يئير لبيد، قد ذكر أول من أمس أنّه إذا كانت دوافع نتنياهو غير انتخابية وتنطلق فعلاً من القلق على مصير إسرائيل، فأنّه حري به أن يُلقي خطابه في أقرب وقت، وفي أوجّ المحادثات الدائرة مع إيران الآن، كي يتمكن فعلاً من التأثير في مجراها، وعدم تأجيل موعد الخطاب إلى مطلع الشهر المقبل.


واعتبر الخبير في السياسة الأميركية والعلاقات الإسرائيلية الأميركية، حيمي شاليف، في صحيفة "هآرتس"، أنّ أمام إدارة باراك أوباما فرصة ذهبية واحدة لضرب فرص فوز نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية القريبة، وذلك عبر تشديد مواقفها تجاه إيران وضمان أزمة في المحادثات معها، قبل أيام معدودة من خطاب نتنياهو المرتقب أمام الكونغرس الأميركي، لأن ذلك "سيعري نتنياهو في الكونغرس" كلياً.

ويطرح شاليف سيناريو يعلن بموجبه وزير الخارجية الأميركي جون كيري أو أي مصدر أميركي آخر، قبل ساعات معدودة من خطاب نتنياهو، أنّ الولايات المتحدة رفضت الشروط الإيرانية، وترفض الخضوع لابتزاز إيران، أو تعريض أمن إسرائيل للخطر، بالرغم من إعلان بعض زعماء إسرائيل عكس ذلك. وعندها تضع نتنياهو في موقف محرج، لأنه لن يبقى له ما يقوله، بخصوص أن الغرب وإدارة أوباما يسارعان للتوصل إلى اتفاق سيئ مع إيران. وبحسب شاليف "سيجد نتنياهو نفسه محرجاً أمام العالم كله وأمام كل ناخبيه في إسرائيل".
وتساءل شاليف "ماذا يمكن لنتنياهو بعدما تزلف للجمهوريين، وخرق البروتوكول المعمول به، وأثار غيظ الديمقراطيين؟ هل سيكتفي بالقول: أوبس.. آسف كنت مخطئاً".

غير أنّ شاليف ينطلق من هذه النقطة للقول إنه يتعين أن نأخذ في الحسبان سيناريو معاكساً كلياً يبدو منطقياً أكثر، خصوصاً بعد تأكيد الرئيس الأميركي قبل أيام "أننا أمام الساعات المصيرية من الوصول الى اتفاق". وبحسب شاليف، فإن تحقيق انطلاقة في المحادثات مع إيران، بالتزامن مع موعد خطاب نتنياهو في الكونغرس، من شأنه أن يطغى على كل الانتقادات التي وجهت إلى نتنياهو وإصراره على إلقاء الخطابه. وقد يتبدل الحال، ويصبح الاتفاق ورقة رابحة في يدي نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية. ويبدو أن نتنياهو يبني إصراره على إلقاء الخطاب على هذا السيناريو، بغية استغلال الوصول إلى اتفاق يصب في مصلحته انتخابياً.

ويرى شاليف أنّه في مثل هذه الحالة سيكون التركيز على مضمون الخطاب وجوهره، وسيعتبر الخطاب شرعياً ومبرراً، خصوصاً أن كثيراً من الإسرائيليين والأميركيين يعتبرون نتنياهو "الخبير في الشأن الإيراني" أو "مستر إيران"، فهو الذي واجه العالم ودخل في مواجهات للتحذير من الخطر الإيراني، وعندها سيعدّ إلقاء الخطاب أمراً مطلوباً وليس مبرراً فقط. وهكذا سيكون خطاب نتنياهو الحدث الأهم، وسيلقى تغطية إعلامية واسعة وفق "كامل التقاليد الهوليودية"، بحسب تعبير شاليف.

ورغم أن نتنياهو كقائد دولة يعتبر، بحسب شاليف، الخطر الإيراني على إسرائيل خطراً وجودياً، غير أنّه كسياسي سيتلقف التوصل إلى الاتفاق كهدية من السماء في معركته الانتخابية.
ولن يعدم نتنياهو الردود الإعلامية كي يتلقى هذه الهدية، بدءاً من بث الهلع مروراً بالمرحلة الثانية من تصوير نتنياهو وهو يقف ويتحدث في عرين الأسد ضدّ الخطر الإيراني، ليصبح بعدها هذا الخطر الموضوع الرئيسي والأساسي للانتخابات الإسرائيلية ولدعاية نتنياهو الانتخابية، عندها لن يتبقى ما يكفي من الوقت مع اقتراب الانتخابات في 17 مارس/آذار، بعد أسبوعين من خطابه، للتساؤل حول فشل نتنياهو في التصدي وإحباط الخطر الذي ظل يحذر منه طيلة الوقت، ولماذا لم ينجح في تفادي الوصول إلى هذه المرحلة، عندما فضل المواجهة مع إدارة أوباما بدلاً من الحوار والمفاوضات، وعندما أفشل فرص الحديث مع قادة أوروبا لأنه لم يرغب في الدخول في مفاوضات جادة مع الفلسطينيين.

في المقابل، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، جيرالد شطاينبيرج، الخبير في السياسة الأميركية، في موقع "معاريف"، إنه لم يعد أمام نتنياهو مناص من الذهاب إلى الولايات المتحدة وإلقاء الخطاب. ويشبه الأزمة الحالية في العلاقات بين نتنياهو وأوباما بالأزمة التي تفجرت عام 1991 بين رئيس الحكومة الإسرائيلي الأسبق يتسحاق شمير وبين الرئيس الأميركي في حينها جورج بوش.
ويتفق البروفيسور إفرايم عنبار، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية على اسم "بيغن سادات"، التابع لجامعة "بار إيلان" اليمينية أيضاً، مع شطاينبيرج، ويقول إن الجمهور الأميركي بالذات يفهم المخاوف الإسرائيلية أكثر من الإدارة الأميركية التي أثارت في السنوات الأخيرة استياء شديدا حتى في صفوف حلفائها في المنطقة بفعل سياساتها غير الحازمة.

وفي هذا السياق، يحاول الدبلوماسي السابق، إفرايم إتينجر، ربط خطاب نتنياهو بالمخاوف العربية من أن حصول إيران على القدرات النووية سيجعلها توفر مظلة نووية للتنظيمات الإرهابية والإرهاب الإيراني لدرجة تمكينها من إسقاط كافة الأنظمة المعتدلة في المنطقة، خصوصاً بعد تورطها في اليمن وسعيها إلى السيطرة عليه، مما قد يضعها على باب المندب الاستراتيجي ناهيك عن سيطرتها على مضيق هيرمز.
المساهمون