هكذا حاول دي ميستورا ضبط سلوك المشاركين بمحادثات جنيف

28 فبراير 2017
دي ميستورا يسير على حبل مشدود (ناصر السهلي)
+ الخط -

مثل ناظر مدرسة يوجّه التلاميذ المشاغبين، بدأ مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، محادثات السلام في جنيف قبل أيام، بتنبيه الأطراف المتحاربة إلى أن تُحسن التصرف وتتعامل مع بعضها البعض باحترام متبادل. لكن وبعد خمسة أيام من انطلاق أحدث محاولة لإنهاء الصراع السوري، لم يظهر تأثير يذكر للقواعد التي سعى دي ميستورا إلى تطبيقها، بحسب وصف وكالة "رويترز".

جاء في أول نقطة بورقة العمل التي وزّعها الدبلوماسي، البالغ من العمر 70 عاما، بهدف عقد اجتماعات تتسم بالتحضّر والسرية "ينبغي لكم احترام توجيهاتي فيما يتعلق بسرية الاجتماعات والوثائق والمحادثات والاتصالات". وتقول النقطة الثانية "عليكم احترام الآخرين الذين يحضرون هذه المناقشات. لا يحق لأحد التشكيك في شرعية الآخرين".

لكن في افتتاح الاجتماعات، يوم الخميس، وهي أول لقاء مباشر بين الجانبين تحت مظلة الأمم المتحدة منذ عام 2014، كانت التوترات بين المشاركين واضحة. وصل وفد الهيئة العليا للمفاوضات، الكيان الرئيسي للمعارضة والتي تحظى بدعم سعودي، متأخرا. وقالت مصادر من المعارضة وأخرى دبلوماسية، إنه كان هناك قدْر من الاستياء بشأن المساواة بين الهيئة وفصائل أصغر في حضور الجلسة الافتتاحية.



ورتبت الأمم المتحدة جلوس وفود المعارضة إلى جوار بعضها البعض، لكن على طاولات منفصلة، لتواجه في الجهة المقابلة رئيس وفد النظام السوري، بشار الجعفري. وبعدما فرغ دي ميستورا من خطابه الذي دعا فيه إلى التعاون، أحجم الحضور عن التصفيق.

ومضى الرجل يصافح جميع الأطراف بعد كلمته الافتتاحية، ولكن وبينما أخذ يحيّي ممثلي المعارضة كان ممثلو وفد النظام قد همّوا بالخروج، ولم يلتفت له أي منهم. ومنذ ذلك الحين، لجأ دي ميستورا إلى التنقل بين المعسكرات المتخاصمة في محادثات غير مباشرة، كما فعل في الجولة السابقة التي جرت قبل عشرة أشهر ولم يحاول الجمع بين الأطراف في نفس القاعة مرة أخرى.

نقص الثقة

أوضح الدبلوماسي المخضرم منذ بداية المحادثات، أن نقص الثقة هو العائق الرئيسي أمام التقدم نحو السلام في سورية، التي أودت الحرب فيها بحياة مئات الآلاف، وتسببت في تشريد الملايين منذ عام 2011. وقلل دي ميستورا من التوقعات بتحقيق انفراجة كبيرة.

وحملت ورقة العمل المؤلفة من أربع صفحات هدفا آخر أكثر تواضعا لوضع أسس لجولات جديدة من المحادثات تتطرق إلى قضايا أعمق، ومنها الحكم والدستور الجديد والانتخابات. وتهيئة مناخ متحضّر كان جزءا من الخطة.

وجاء في ورقة العمل "ينبغي الالتزام باللغة والسلوك اللائقين وتجنب أساليب الهجوم العدوانية والمهينة والتحريضية أو الهجوم الشخصي داخل الاجتماعات وخارجها". لكن التطورات الميدانية جعلت الالتزام بهذه التوجيهات أمرا صعبا.

وعند سؤاله عن دعوة دي ميستورا للالتزام بالاحترام المتبادل، قال مسؤول في المعارضة لرويترز "نحن هنا من أجل احترام احتياجات الشعب السوري".

وفي ظل الإشغال الكامل لغرف الفنادق، اعتبارا من الأسبوع المقبل نظرا لانطلاق معرض جنيف للسيارات في التاسع من مارس/آذار، يتوقع الدبلوماسيون أن يصمد دي ميستورا حتى مطلع الأسبوع القادم على الأقل رغم المناخ غير الواعد. وقال دبلوماسي غربي كبير "إنه يتحدث بأقل قدر ممكن، لأنه تعلّم أن يكون حريصا" ويريد تجنب المواقف التي لا داعي لها. وتابع قائلا "إنه يسير على حبل مشدود، لأن الكل يسعون لمهاجمته".

حاول دي ميستورا، عبثاً، إدارة جلسات المحادثات السورية في جنيف، وفي الوقت نفسه التودّد من الأفرقاء، وهو ما ظهر من خلال كلماته العربية المكسّرة في ختام إحدى الجلسات، قائلاً: "يعطيك العافية، وأتمنى كثير التوفيق، إنشالله"، ثم تابع "أهلا وسهلا بيك" (شاهد الفيديو).