ملف العضوية الأوروبية لتركيا وقودٌ لمعركة الاستفتاء البريطاني

ملف العضوية الأوروبية لتركيا وقودٌ لمعركة الاستفتاء البريطاني

06 يونيو 2016
التوتر التركي الأوروبي لن يتحول إلى قطيعة (ستيفان روسو/Getty)
+ الخط -
في خضم الحملات المؤيدة أو المعارضة لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، عشية استفتاء 23 يونيو/حزيران، لم يتردّد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في التطرق إلى مستقبل العلاقة بين تركيا وأوروبا، مستبعداً أن تتمكن أنقرة من الانضمام للاتحاد لعقود مقبلة. تصريحات كاميرون، تأتي بعد أيام قليلة من تصديق البرلمان الألماني على قرار يتهم تركيا بارتكاب "إبادة" بحق الأرمن أثناء الحرب العالمية الأولى، على غرار ما فعلت برلمانات وهيئات أوروبية أخرى، كبرلمانيْ لوكسمبورغ وبلجيكا.

وكانت فرنسا في يناير/كانون الثاني 2001، أول دولة كبرى تعترف بـ"الإبادة الجماعية للأرمن"، دون تجريم إنكار "الإبادة"، كما هو الحال في سويسرا و قبرص وسلوفاكيا، التي تجرم أي حالة إنكار في هذا الموضوع. وفي خطوة رمزية، لم يتردد نواب البرلمان النمساوي في إبريل/نيسان 2015، في الوقوف دقيقة صمت في ذكرى الأحداث التي تعرض لها الأرمن، في خطوة هي الأولى من نوعها في هذا البلد الذي كان متحالفاً مع السلطنة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى. لكن لم يتم تبني هذا المصطلح رسمياً.

ولا يقف رئيس الوزراء البريطاني وحيداً عندما يستبعد انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي قبل العام 3000، إذ يعلن أكثر من مسؤول أوروبي أن لا مكان لتركيا في الاتحاد، ما لم تلتزم بالمبادئ الديمقراطية في إدارة الدولة، كما يقول رئيس البرلمان الأوروبي، مارتن شولتس. التصريحات التي أدلى بها شولتس، الثلاثاء الماضي، تعبر بوضوح عن تشاؤمه، شأنه شأن رئيس الوزراء البريطاني: "نحن نلاحظ أن تركيا برئاسة (رجب طيب) أردوغان تسير في طريق إقامة دولة الشخص الواحد". ويضيف شولتس أن الاتحاد الأوروبي مجبر على توضيح الأمر ببساطة لأردوغان: "نحن لن نقبل باحتكار السلطة وجعلها بيد شخص واحد".

ولا تخرج تصريحات كاميرون، أو خطوة البرلمان الألماني عن سياق التوتر المتصاعد بين أردوغان والاتحاد الأوروبي، مع تزايد المؤشرات على إمكانية تراجع الأوروبيين عن فكرة إعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول إلى دول الاتحاد في نهاية الشهر الجاري، وإصرار قادة أوروبا على شرط إيفاء أنقرة لـ 72 معياراً قبل أن يتم إعفاء مواطنيها من التأشيرات. في هذا الصدد، تشترط أوروبا على أنقرة تعديل قوانين مكافحة الإرهاب الذي تعتبره المفوضية الأوروبية واسعاً جداً، ويستخدم لملاحقة جامعيين وصحافيين بتهمة "الدعاية الإرهابية"، وهو الادعاء الذي يرفضه أردوغان.


غير أن كبير المفاوضين الأتراك، وزير شؤون الاتحاد الأوروبي، عمر جليك، يؤكد أن بلاده "لن تجري أي تغييرات في قانون مكافحة الإرهاب لديها، مقابل إلغاء تأشيرة الدخول لمواطنيها إلى الدول الأوروبية"، مشيراً إلى أن تركيا "تواجه هجوماً إرهابياً متعدد الجوانب"، وفقاً لما ذكرته وكالة "الأناضول" التركية. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده في الممثلية الدائمة لتركيا لدى الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل، عقب إجرائه لقاءات منفصلة مع كل من عضو المفوضية الأوروبية المسؤول عن "سياسة التوسع والجوار"، يوهانس هان، ومفوض الهجرة والشؤون الداخلية والمواطنة في الاتحاد، ديميتريس افراموبولوس. ويقول جليك إن التنظيمات "الإرهابية الخطيرة" مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وحزب العمال الكردستاني ومنظمات أخرى، تشن هجوماً موسعاً ضد تركيا. ويضيف: "ينبغي أن لا يتوقع أحد منّا أن نجري أي تغييرات في قانون مكافحة الإرهاب وسط كل هذه الهجمات الإرهابية، لأن ذلك لن يكون نهجاً واقعياً". وفي مقابل التراجع أو التشدد الأوروبي، تهدد أنقرة بالتراجع عن اتفاق وقعته مع الاتحاد للحد من وصول المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا في مقابل تسريع عملية قبول عضويتها في "البناء الأوروبي".

وعلى الرغم من التهديدات التركية بتوجيه رد "قاسٍ" على قرار البرلمان الألماني، والرد غير المباشر لنائب رئيس الوزراء التركي، نعمان كورتولموش، على تصريحات كاميرون، ووصفها بأنها "عار على من قالها"، وفي ظل مخاوف البعض من إمكانية تراجع تركيا عن التزاماتها بخصوص ضبط تدفق المهاجرين من مياهها الإقليمية تجاه دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي العودة لإغراق الشواطئ الأوروبية بقوارب اللاجئين، إلا أن الكثير من المراقبين يستبعدون أن يصل التوتر في العلاقات بين تركيا والمجموعة الأوروبية إلى حد القطيعة الكاملة. وفي المقابل، لا يفرط هؤلاء بالتفاؤل من قرب انضمام تركيا للاتحاد في عام 2020، كما يقول وزير العدل البريطاني، مايكل غوف، الذي يمثل أكثر الأصوات المُؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
 

المساهمون