الأكراد يحاصرون النظام بالحسكة... وواشنطن تحذّر الأسد وموسكو

الأكراد يحاصرون النظام بالحسكة... وواشنطن تحذّر الأسد وموسكو

23 اغسطس 2016
ينزح المدنيون إثر الاشتباكات القائمة في الحسكة (Getty)
+ الخط -
استأنفت المليشيات الكردية في مدينة الحسكة هجومها على قوات النظام السوري ومليشيا "الدفاع الوطني"، ونجحت في السيطرة على مجمل الأحياء والمواقع التي كانت بيد النظام خارج المربع الأمني الذي باتت تحاصره، حالياً، من جميع الجهات تقريباً، وسط موجة نزوح للمدنيين.
وقال الناشط صهيب الحسكاوي لـ"العربي الجديد" إن استئناف القتال جاء بعد انهيار الهدنة التي سعت روسيا إلى عقدها بين الجانبين. وواصلت المليشيات الكردية المتمثلة في وحدات "حماية" الشعب وقوات "الأسايش" هجماتها على قوات النظام، في الساعات الأولى من فجر أمس الاثنين، واستولت على حي غويران، وهو آخر الأحياء العربية التي كانت بيد النظام خارج المربع الأمني، ويبعد نحو كيلومتر واحد عن مركز المدينة.

وأوضح الناشط أن آخر نقطة لا تزال بيد قوات النظام هي حاجز يقع بين الجسرين في نهاية حي غويران، وهو لا يبعد أكثر من 250 متراً عن مركز المحافظة. وأضاف أن المليشيات الكردية فرضت حظراً للتجوّل في الحي، كما سيطرت على دائرة الكهرباء الواقعة بين الجسرين بالقرب من مركز المحافظة، ما يعني أن تلك القوات باتت تحاصر المربع الأمني من كل الجهات.

ووصف الحسكاوي ما جرى بأنه "مسرحية لتسليم المدينة للأكراد بعد تهجير مَن تبقى من سكان الأحياء العربية فيها خلال الاشتباكات الحالية"، مشيراً إلى أن مجمل القتلى المدنيين الذين سقطوا في هذه الاشتباكات هم مواطنون عرب في أحياء النشوة، وغويران، والعزيزية. وبدأت المليشيات الكردية هجومها الجديد، فجر أمس الاثنين، باستهداف مواقع مليشيا "الدفاع الوطني" وقوات النظام في منطقة دوار الباسل، جنوبي حي غويران الذي سيطرت عليه، إضافة إلى حيَي النشوة الغربي والزهور.

وذكرت وكالة "هاوار" الكردية أن 6 من قوات النظام السوري ومليشياتها قتلوا إثر تدمير وحدات "حماية الشعب" الكردية سيارة عسكرية محملة بسلاح "دوشكا" بالقرب من دوار الجندي المجهول في حي غويران، مشيرة إلى أن القوات الكردية تمكّنت من أسر 20 عنصراً آخر من قوات النظام في محيط الحي المذكور.

من جهتها، استهدفت مدفعية قوات النظام المتمركزة في جبال كوكب مواقع مليشيا الوحدات الكردية، في حين حلّقت طائرات حربية تابعة للنظام في سماء المدينة، لكنها لم تشن أية غارة، بحسب الناشط.

وجاء تجدد الاشتباكات بعد فشل اجتماعات منفصلة عقدها عسكريون روس بين الطرفين في مدينة القامشلي في محاولة للتوصل الى تهدئة. وقال الحسكاوي إنه خلال الاجتماعات طالب ممثلو المليشيا الكردية بانسحاب قوات الدفاع الوطني بالكامل من الحسكة، الأمر الذي رفضه هؤلاء، وعرضوا سحب سلاح بعض العناصر فقط مقابل سحب سلاح قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش)، مضيفاً أنه عند هذه النقطة توقفت المفاوضات وتجددت على الأثر المعارك في المدينة.






وذكرت مصادر محلية أن الهدنة التي جرى التوافق عليها قبل انهيارها كانت تقضي ببدء سريان وقف إطلاق النار في الحسكة اعتباراً من الساعة الخامسة من مساء الأحد، وإخلاء القتلى والجرحى من الطرفين ونقلهم إلى مستشفيات القامشلي، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل اندلاع الاشتباكات. ويقوم كل طرف بالانسحاب من المناطق التي سيطر عليها خلال الاشتباكات الأخيرة على أن يعود الطرفان إلى التفاوض، أمس الاثنين، في مطار القامشلي بحضور ممثلين عن إيران وروسيا.

وأوضحت هذه المصادر أنه بينما قامت قوات النظام بالانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها رفضت المليشيات الكردية القيام بالمثل، مشيرة إلى أنها أعادت لقوات النظام
سبعة مواقع فقط من أصل عشرة كانت انتزعتها منها في حي النشوة الواقع جنوبي المدينة.
ونقلت المصادر عن المليشيات الكردية قولها إنها لن ترضخ لأي هدنة، وستواصل القتال حتى يتم طرد قوات النظام من مدينة الحسكة بالكامل، لكنها قد تقبل بأن يظل للنظام بوجود رمزي في المدينة للإشراف على إدارة بعض المؤسسات التابعة للدولة.

من جانبه، هدد محافظ النظام في الحسكة، محمد زعال العلي، بتحويل المدينة إلى "كومة حجر" في حال أصر حزب "العمال الكردستاني" على مواصلة القتال في المدينة، على حد تعبيره. وأضاف العلي في مقابلة مع قناة كردية أنهم "لن يستطيعوا تحقيق شيء، لكن إذا أصروا على القتال فهذه المحافظة ستتحول إلى كومة حجر وتصبح قرية مهجورة نتيجة الفعل وردّ الفعل". وقال العلي إن إمكانات "العمال الكردستاني"، (في إشارة إلى فرعه السوري وحدات الحماية الكردية)، نحن نعرفها جيداً، هم لديهم كوادر كثيرة من الكرد والعرب، والسلاح بين أيديهم، ولدينا إحصائية في هذا السلاح لكن لا يمكن أن يقاس مع إمكاناتنا الهائلة".

في غضون ذلك، تواصل نزوح المدنيين من المدينة خصوصاً من حيَّي غويران ونشوى، فيما يعاني من تبقى من السكان أوضاعاً معيشية صعبة نتيجة توقف الأفران عن العمل وعزوف أصحاب المحلات عن فتح أبواب محلاتهم بسبب الاشتباكات المتواصلة، فيما تشهد المدينة انقطاع شبكة الإنترنت.

على صعيد آخر، حذّر قائد التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الجنرال الأميركي ستيفن تاونسند، نظام الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا من قصف مناطق توجد فيها قوات أميركية في شمال سورية. وقال في تصريح نقلته شبكة "سي أن أن"، إن "الولايات المتحدة ستدافع عن قواتها شمالي سورية في حال قصف نظام الأسد مناطق توجد فيها قوات أميركية". وأضاف، "بلّغنا الروس عن مواقع وجود قواتنا وأخبرونا أنهم بلّغوا بدورهم السوريين، وأود أن أؤكد فقط أننا سندافع عن أنفسنا في حال شعرنا بالتهديد".

ويسيطر المقاتلون الأكراد على ثلثي مدينة الحسكة، فيما تسيطر قوات النظام على الثلث الأخير. وبدأت الاشتباكات التي أوقعت ما لا يقل عن 43 قتيلا بينهم 27 مدنياً، الأربعاء الماضي. وكانت بداية بين قوات "الأسايش" ومجموعات "الدفاع الوطني" على خلفية حملات اعتقال متبادلة، قبل أن تتدخل اعتباراً من الخميس الماضي كل من وحدات "حماية الشعب" الكردية وقوات النظام التي استخدمت للمرة الأولى الطيران الحربي، ما أثار حفيظة الأميركيين الذين يدعمون المليشيات الكردية.