يلف المزيد من الغموض مصير محادثات جنيف 3 المقرر أن تنطلق بين 9 و11 من الشهر الحالي بين وفدي النظام السوري والمعارضة، على ضوء تصاعد العمليات العسكرية في أكثر من جبهة، ووسط مخاوف من انهيار الهدنة الهشة القائمة بين الطرفين منذ 27 فبراير/ شباط الماضي، فيما تلوح في الأفق ملامح عمليات عسكرية "كبرى" ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بتوافق روسي أميركي.
وبعد الخروقات المتتالية لقوات النظام للهدنة، وآخرها ارتكابها مجزرة دير العصافير في ريف دمشق، شنّت فصائل المعارضة السورية هجومين معاكسين ناجحين على قوات النظام في ريف حلب الجنوبي، وريف اللاذقية الشمالي، وانتزعت منها بعض المواقع الهامة، في وقت تشير فيه العديد من الدلائل إلى أن "قوات سورية الديمقراطية" تكثّف، بدعم مباشر من الولايات المتحدة، تحضيراتها للهجوم على مواقع تنظيم "داعش" في بعض مدن ريف حلب الشرقي والشمالي، بالقرب من الحدود التركية.
وقالت مصادر مقرّبة من "قوات سورية الديمقراطية" إن معركة "منبج الكبرى" ستبدأ خلال أيام، على الرغم من تحذيرات تركيا المتكررة بأنها لن تسمح لقوات كردية بعبور نهر الفرات غرباً، واحتلال المنطقة التي كانت أنقرة تخطط قبل أشهر مضت لإعلانها "منطقة آمنة"، وتمتد على مسافة 100 كيلومتر بين مدينتي جرابلس وأعزاز. وفيما راجت توقعات بأن ترد تركيا على مثل هذه الخطوة بإغلاق قاعدة "أنجرليك" العسكرية في وجه طيران التحالف الدولي الذي يغطي عمليات القوات الكردية، رشحت تسريبات خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الولايات المتحدة ولقائه نظيره الأميركي باراك أوباما، بأن الطرف التركي ربما يكون قد خفّف من اعتراضاته بهذا الشأن إثر ضغوط مارسها الطرف الأميركي، لكن بشرط ألا تصل القوات الكردية إلى مدينة أعزاز التي لا تبعد عن الحدود التركية أكثر من 10 كيلومترات، والتي من المتوقع أن تستقبل موجات كبيرة من النازحين في حال اندلعت العمليات العسكرية في المدن المجاورة، علماً أن المدينة مكتظة حالياً بالنازحين، ولا تستطيع استقبال أية موجات نزوح جديدة، بعد موجة النزوح الأخيرة الوافدة من مدينة تدمر.
وفي إطار الاستعداد لهذه المعركة كما يبدو، كشف مسؤولون أميركيون أن إدارة اوباما تدرس زيادة عديد قواتها الخاصة العاملة في سورية، بغية تقديم المشورة والدعم للقوات التي تقاتل تنظيم "داعش".
اقــرأ أيضاً
وفي خطوة رمزية موازية، ربما تستهدف امتصاص الانتقادات للإدارة الأميركية بتركيز دعمها على القوات الكردية، وتجاهل ما كانت تسميها "المعارضة المعتدلة"، أعلن الجيش الأميركي أنه بدأ تدريب العشرات من مقاتلي الجماعات المسلحة في سورية، في إطار برنامج معدّل يهدف لتجنّب ما سمّاه أخطاءً شابت أول مسعى لتدريب المقاتلين في تركيا العام الماضي.
ومع أجواء التصعيد الميداني، يظهر "تراجع سياسي" إثر التصريحات الأخيرة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي حاول الالتفاف على قرار مجلس الأمن 2254 القاضي بتشكيل "هيئة انتقالية حاكمة تمارس صلاحيات تنفيذية كاملة"، ودعوته بدل ذلك إلى تشكيل "حكومة انتقالية" يكون هو مرجعها. وقد لاحظ معارضون أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا حاول في مواقفه الأخيرة "تدوير الزوايا"، والتلاعب بالألفاظ في موضوع الانتقال السياسي من خلال صياغة جديدة تتحدث عن "انتقال سياسي يشمل آليات حكم موثوق وشامل وغير طائفي".
أما الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية، فقد حذرت من أن يكون اتفاق وقف الأعمال العدائية في سورية يقترب من لفظ أنفاسه الأخيرة، ليصبح بحكم المنتهي، "ما يؤدي لانفجار الوضع إلى مرحلة يصعب فيها السيطرة على الأمور"، مضيفة، في بيان لها، أن "استمرار العملية السياسية سيصبح أمراً صعباً ويضع مصداقية رعاتها على المحك، لممارسة الضغط الحقيقي على نظام الأسد لإجباره على وقف انتهاكاته للاتفاق".
وقال المتحدث باسم الهيئة رياض نعسان آغا، لـ"العربي الجديد"، إن "النظام يُصعّد من خرقه للهدنة ويعود لاستخدام البراميل المتفجرة على نطاق واسع، وهو ما يجعل الهدنة في مهب الريح". ورأى أن المحادثات في جولتها الثانية وصلت إلى طريق شبه مسدود، و"أحكمت روسيا سدّه حين أعلنت أن وزير خارجيتها سيرغي لافروف أقنع نظيره الأميركي كيري بعدم بحث مستقبل الأسد، وربما يخطط الطرفان لأن تكون الوسيلة الوحيدة لتقرير مستقبل الأسد هي الانتخابات الرئاسية في نهاية المرحلة الانتقالية، ويومها يقال للشعب السوري: احتكم إلى صناديق الاقتراع واهزم خصمك إن استطعت، وسيفاجأ الشعب المشرد الغائب بأنه هو الذي هُزم".
وأضاف أن روسيا "تدير سورية من موسكو، وتخطط لجعل الأسد المحارب الأكبر للإرهاب، وقد باتت أهداف الهدنة واضحة بتمكين الأسد من دحر داعش، وسيأتي دور جبهة النصرة بعدها، وهكذا يستعيد الأسد سيطرته على المناطق التي خرجت عن سلطته، فيما تم تقييد الجيش الحر باتفاق الهدنة، ثم بتجفيف مصادر دعمه أو تقليل حجمها، ولن يستطيع أحد انتقاد الأسد حين يحارب الإرهاب".
ووسط هذه التحذيرات من انهيار الهدنة والتي كانت صدرت أيضاً عن بعض الجهات الإقليمية والدولية، مثل قطر والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وحمّلت تلك الدول في بيانات متفرقة النظام السوري مسؤولية ذلك، بسبب استمراره في قصف المدنيين، أعلن "مركز المصالحة" في قاعدة حميميم بريف اللاذقية الذي تديره قوات روسية، عن اتفاق جديد لضم إحدى بلدات محافظة حماة لـ"المصالحة"، وبذلك يرتفع عدد البلدات المنضمة للهدنة إلى 56 بلدة، بينما تستمر المشاورات مع ممثلي بعض المراكز السكنية في محافظتي دمشق ودرعا، ومع القادة الميدانيين لبعض الفصائل المسلحة في حماة. وأوضح بيان للمركز أن "عدد الجماعات المسلحة التي أعلنت التزامها باتفاقات وقف النار هو 44 جماعة".
وما يشير إلى هشاشة هذه الهدنة، ما أعلنته اللجنة السورية لحقوق الإنسان عن مقتل أكثر من 800 شخص خلال الشهر الماضي (شهر الهدنة)، غالبيتهم بنيران قوات النظام السوري، بينهم 117 طفلاً و75 سيدة، و37 شخصاً تحت التعذيب في سجون نظام الأسد ومليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي. كما وثّقت مقتل 73 شخصاً جرّاء قصف الطيران الروسي، و138 على يد تنظيم "داعش"، سواء بالاشتباكات أو إعداماً بتهم مختلفة.
وفي إطار الاستعداد لهذه المعركة كما يبدو، كشف مسؤولون أميركيون أن إدارة اوباما تدرس زيادة عديد قواتها الخاصة العاملة في سورية، بغية تقديم المشورة والدعم للقوات التي تقاتل تنظيم "داعش".
ومع أجواء التصعيد الميداني، يظهر "تراجع سياسي" إثر التصريحات الأخيرة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي حاول الالتفاف على قرار مجلس الأمن 2254 القاضي بتشكيل "هيئة انتقالية حاكمة تمارس صلاحيات تنفيذية كاملة"، ودعوته بدل ذلك إلى تشكيل "حكومة انتقالية" يكون هو مرجعها. وقد لاحظ معارضون أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا حاول في مواقفه الأخيرة "تدوير الزوايا"، والتلاعب بالألفاظ في موضوع الانتقال السياسي من خلال صياغة جديدة تتحدث عن "انتقال سياسي يشمل آليات حكم موثوق وشامل وغير طائفي".
أما الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية، فقد حذرت من أن يكون اتفاق وقف الأعمال العدائية في سورية يقترب من لفظ أنفاسه الأخيرة، ليصبح بحكم المنتهي، "ما يؤدي لانفجار الوضع إلى مرحلة يصعب فيها السيطرة على الأمور"، مضيفة، في بيان لها، أن "استمرار العملية السياسية سيصبح أمراً صعباً ويضع مصداقية رعاتها على المحك، لممارسة الضغط الحقيقي على نظام الأسد لإجباره على وقف انتهاكاته للاتفاق".
وقال المتحدث باسم الهيئة رياض نعسان آغا، لـ"العربي الجديد"، إن "النظام يُصعّد من خرقه للهدنة ويعود لاستخدام البراميل المتفجرة على نطاق واسع، وهو ما يجعل الهدنة في مهب الريح". ورأى أن المحادثات في جولتها الثانية وصلت إلى طريق شبه مسدود، و"أحكمت روسيا سدّه حين أعلنت أن وزير خارجيتها سيرغي لافروف أقنع نظيره الأميركي كيري بعدم بحث مستقبل الأسد، وربما يخطط الطرفان لأن تكون الوسيلة الوحيدة لتقرير مستقبل الأسد هي الانتخابات الرئاسية في نهاية المرحلة الانتقالية، ويومها يقال للشعب السوري: احتكم إلى صناديق الاقتراع واهزم خصمك إن استطعت، وسيفاجأ الشعب المشرد الغائب بأنه هو الذي هُزم".
ووسط هذه التحذيرات من انهيار الهدنة والتي كانت صدرت أيضاً عن بعض الجهات الإقليمية والدولية، مثل قطر والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وحمّلت تلك الدول في بيانات متفرقة النظام السوري مسؤولية ذلك، بسبب استمراره في قصف المدنيين، أعلن "مركز المصالحة" في قاعدة حميميم بريف اللاذقية الذي تديره قوات روسية، عن اتفاق جديد لضم إحدى بلدات محافظة حماة لـ"المصالحة"، وبذلك يرتفع عدد البلدات المنضمة للهدنة إلى 56 بلدة، بينما تستمر المشاورات مع ممثلي بعض المراكز السكنية في محافظتي دمشق ودرعا، ومع القادة الميدانيين لبعض الفصائل المسلحة في حماة. وأوضح بيان للمركز أن "عدد الجماعات المسلحة التي أعلنت التزامها باتفاقات وقف النار هو 44 جماعة".
وما يشير إلى هشاشة هذه الهدنة، ما أعلنته اللجنة السورية لحقوق الإنسان عن مقتل أكثر من 800 شخص خلال الشهر الماضي (شهر الهدنة)، غالبيتهم بنيران قوات النظام السوري، بينهم 117 طفلاً و75 سيدة، و37 شخصاً تحت التعذيب في سجون نظام الأسد ومليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي. كما وثّقت مقتل 73 شخصاً جرّاء قصف الطيران الروسي، و138 على يد تنظيم "داعش"، سواء بالاشتباكات أو إعداماً بتهم مختلفة.