فصائل جنوب سورية.. هل تدفع ثمن تفاهم روسي أميركي؟

31 يوليو 2017
أميركا أوقفت الدعم عن المعارضة السورية بالجنوب(محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -
بدأت تظهر إلى العلن نتائج اتفاق "خفض التصعيد" في المنطقة الجنوبية من سورية، مع بروز ترتيبات أميركية، تحاول تركيز الجهد العسكري لمحاربة تنظيم "داعش" من دون قوات النظام. وتبدو فصائل الجنوب في وضع عسكري وسياسي حرج في ضوء التطورات الأخيرة، حيث لا يمكنها مواجهة الإرادة الأميركية الهادفة إلى تبريد جبهات القتال مع قوات النظام في خطوة تسبق فرض حل سياسي.

وفي هذا الصدد، قال فصيل "جبهة ثوار سورية"، إن غرفة عمليات "الموك"، التي تديرها الولايات المتحدة من عمان وتتولى عمليات التوجيه العسكري، قطعت الدعم العسكري عن فصائل "الجبهة الجنوبية" في سورية، طالبةً تركيز الجهد العسكري في المنطقة في المرحلة المقبلة على تنظيم "داعش"، وليس على قوات النظام السوري.

وأوضح قائد الفصيل التابع لـ"الجيش السوري الحر"، أبو الزين الخالدي، في تصريحات صحافية، أن الفريق الأميركي في الغرفة أبلغهم بقرار وقف الدعم منذ 15 يوماً، "مبرراً ذلك بإعادة ترتيب الفصائل بعد اتفاق تخفيف التصعيد جنوبي البلاد".



وأضاف أنه تم إبلاغهم أيضاً بأنه ستكون هناك "اندماجات ومهام جديدة للفصائل"، تتعلق بالحل السياسي والاتفاق، وأن الدعم سوف يتواصل بعد الانتهاء من هيكلة الفصائل، لافتاً إلى أن غرفة العمليات تستدعي في الوقت الحالي قادة الفصائل العسكرية للتباحث بأمور الهدنة، وبحث المستجدات، مؤكداً أن "قتال قوات النظام السوري لم يعد مطروحاً، وسيتجه الجهد نحو تنظيم داعش".

وأشار الخالدي إلى "تسريبات بتشكيل جهاز أمن داخلي وحفظ الحدود، وإمكانية تشكيل جيش وطني، مستقبلاً، يمثل المعارضة في جميع مناطق الجنوب السوري.


وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت قبل أيام إنهاء برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الخاص بتسليح "فصائل المعارضة السورية"، والذي أطلقته الوكالة في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما. ولكن بشار الزعبي وهو قيادي بارز في الجبهة الجنوبية، أكد في حديث مع "العربي الجديد"، أن المعارضة السورية المسلحة "تقاتل تنظيم "داعش" منذ وقت طويل"، وفق قوله، مشيراً إلى أن الدعم "لم يتوقف حتى الآن"، رغم التصريح الرسمي من الإدارة الأميركية.

وفي هذا الإطار، قالت مصادر محلية إنه يجري التحضير لعملية تنظيم كبيرة لأبرز فصائل المعارضة في الجنوب السوري، وذلك بهدف زيادة فاعليتها العسكرية، وللمساعدة في تطبيق اتفاق "خفض التصعيد" الذي توصلت إليه الولايات المتحدة، وروسيا، والأردن يوم 7 يوليو/تموز الماضي، وينص على إيقاف القتال في درعا والسويداء والقنيطرة.

وبينت المصادر أن الهدف الأساسي من عمليات الدمج "هو حصر قيادة الفصائل الجديدة بيد عدد من الضباط المنشقين ذوي الخبرة في العمل العسكري المؤسساتي، والسيطرة على فوضى السلاح"، مشيرة إلى أن "إعادة الهيكلة هذه قد تفضي إلى تقليص عدد الفصائل في الجنوب من نحو خمسين فصيلاً في الوقت الحاضر إلى أقل من سبعة، تتلقى وحدها الدعم العسكري والمالي من غرفة "الموك".

وحول التوزع الجغرافي للكيانات الجديدة بعد الدمج، أوضحت المصادر أنه "سيكون هناك فصيلان في ريف درعا الشرقي، وواحد في ريفها الغربي، إضافة إلى رابع في محافظة القنيطرة"، فضلاً عن إمكانية وجود عسكري داخل مدينة درعا نفسها، مشيرةً إلى أن ذلك "سيترافق مع تشكيل قيادة مشتركة، وتمثيل سياسي، ومكتب إعلامي"، وفق المصادر.

وأوضحت المصادر أن الخطة تتضمن عزل "هيئة تحرير الشام"، مشيرة إلى أن الهيئة المذكورة "لن تكون مشمولة بمشاريع الدمج المزمعة"، مبينةً "سوف تواجه مع بعض الفصائل المتشددة الأخرى" خيار الانضمام لفصائل الجبهة الجنوبية بأسماء جديدة أو حل نفسها أو الرحيل نحو الشمال السوري. ولفتت إلى أن "الفصائل الإسلامية ليس لها وزن كبير في الجنوب السوري".

وتشكلت الجبهة الجنوبية نهاية عام 2014، من اجتماع حوالي 54 فصيلاً في "الجيش السوري الحر"، وتعتبر التشكيل الأبرز في الجنوب السوري، وكان يتلقى الدعم من غرفة "الموك" على مدى سنوات، وخاض معارك ضد قوات النظام، و"حزب الله" اللبناني، ومليشيات إيرانية.

وكان 11 فصيلاً عاملاً في الجنوب السوري أعلنوا قبل أيام الاندماج ضمن تشكيل واحد، وتحت مسمى "الجبهة الوطنية لتحرير سورية"، وهي: فرقة المغاوير، ولواء أحباب عمر، ولواء الرعد، وفرقة القادسية، ولواء أحرار الجنوب، ولواء مغاوير الجنوب، ولواء أحرار المسيفرة، وألوية شهداء دمشق، ولواء أسود بني أمية، ولواء شهداء الكرك.

من جهة أخرى، قال رئيس الدائرة الإعلامية للائتلاف الوطني السوري، أحمد رمضان، إن "ما حدث في إدلب يضع الفصائل العسكرية المعارضة أمام مسؤولية وطنية للانخراط ضمن إطار جيش وطني موحد، تكون مهمته الأساسية الدفاع عن المناطق المحررة من اعتداءات وهجوم قوات النظام وحلفائه، وتحرير المناطق التي احتلتها المنظمات الإرهابية".

وطالب رمضان، خلال مؤتمر صحافي عقده الجمعة الماضي مع الرئيس الأسبق للائتلاف هادي البحرة؛ الدول الداعمة والصديقة بـ"تقديم الدعم اللازم لإعادة تنظيم الفصائل العسكرية المعارضة، ضمن إطار وطني موحد ومنظم ليكون جزءاً أساسياً من التحالف الدولي ضد الإرهاب، ويكون قوة قادرة على حفظ أمن المواطنين في المناطق المحررة، وتأمين سلامة المنشآت العامة لتمكين الإدارات المدنية من القيام بأعمالها، وضمان عدم عودة المنظمات الإرهابية إليها بعد تحريرها"، وفق قوله.



وتحاول الولايات المتحدة وروسيا تبريد جبهات القتال بين قوات المعارضة والنظام في سورية، وتوجيه الجهد العسكري نحو محاربة تنظيم "داعش"، و"هيئة تحرير الشام" في إطار خطة تستهدف إعادة السيطرة على الجغرافية السورية تمهيداً لفرض حل سياسي على جميع الأطراف.

وتقتسم أطراف عدّة السيطرة في جنوب سورية، والمتاخم للحدود مع فلسطين المحتلة، والأردن، حيث يسيطر النظام على كامل محافظة السويداء، وأجزاء من درعا والقنيطرة، فيما تسيطر المعارضة على قسم من درعا والقنيطرة، ويسيطر "جيش خالد" المبايع تنظيمَ "داعش" على بلدات وقرى في ريف درعا الغربي.

ويسود هدوء شبه تام تتخلله خروقات محدودة في مناطق الاشتباك بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام في محافظة درعا، منذ إقرار الاتفاق الروسي الأميركي الأردني، والذي لم تكن إسرائيل بعيدة عنه.

ويأمل الأردن أن تنتهي "حالة الفوضى" عند حدوده الشمالية، وتسعى عمان إلى القضاء على "جيش خالد" عن طريق المعارضة السورية المسلحة التي تجد نفسها في وضع لا تحسد عليه، خاصة أن انقطاع الدعم عنها في هذا الوقت يشكّل ضغطاً لا تستطيع مواجهته، فالخيارات محدودة للغاية أمامها وهي تواجه تهديدين مباشرين لها، هما: النظام المتحفز لإخضاعها، و"جيش خالد" الباحث عن دور في جنوب سورية، وهو يترنح في الشرق.