وأكدت مصادر محلية في عدن لـ"العربي الجديد" أن الهدوء الحذر ساد العديد من مناطق عدن القريبة من المطار، والتي شهدت توتراً بين قوات من الحماية الرئاسية موالية لهادي وقوات أخرى مقربة من الإمارات. وتتولى الإمارات بوصفها عضواً في التحالف العربي، منذ ما يقرب من عام ونصف العام الإشراف على الترتيبات الأمنية والعسكرية في المحافظات الجنوبية لليمن، لكن خلافاتها مع هادي تصاعدت الأيام الماضية على نحو غير مسبوق.
وفي سبيل احتواء التوتر الذي تصاعد في عدن يوم الأحد الماضي، أمر الرئيس اليمني بسحب قوات الحماية الرئاسية التي كانت تفرض حصاراً على مطار عدن الدولي، وأرسل إلى أبوظبي وفداً مؤلفاً من نجله، قائد ألوية الحماية الرئاسية، ناصر عبدربه منصور هادي، ومدير مكتب رئاسة الجمهورية، عبدالله العليمي، في محاولة لاحتواء التصعيد الذي نشأ بين الموالين للرئيس هادي من جهة، وقيادات عسكرية ومحلية مدعومة من الإمارات، من جهة أخرى.
وأكد مصدر محلي قريب من مطار عدن الدولي، لـ"العربي الجديد"، أن طائرة مدنية وصلت الاثنين وأخرى غادرت، وقال إنه لم يتأكد، مما إذا كان نجل الرئيس هادي، قد عاد إلى عدن التي غادرها إلى أبوظبي مساء الأحد، في ظل أنباء عن اتصالات وجهود حثيثة بين الرياض وأبوظبي وعدن ويشارك فيها ممثلون عن قوات التحالف، الذي تقوده السعودية، سعياً لاحتواء الخلافات التي تهدد الاستقرار في العاصمة المؤقتة التي تتخذها الشرعية اليمنية مقراً لها.
وتؤكد مصادر مطلعة في عدن أن حالة من الانقسام تعيشها المدينة، بين القوات الموالية للرئيس هادي وأبرزها الحماية الرئاسية والقيادات العسكرية والسياسية المقربة من الرئيس من جهة، وبين القوات المعروفة بقربها من الإمارات وأبرزها قوات الحزام الأمني، التي تأسست حديثاً بدعم إماراتي، بالإضافة إلى القيادات المحلية، وأبرزها محافظ عدن عيدروس الزبيدي، ومدير الأمن في المدينة شلال علي شائع، واللذان غابا عن اجتماع ترأسه هادي أول من أمس، للقيادات الأمنية والعسكرية.
أما في صنعاء، تواصل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وحلفاؤها من حزب المؤتمر الشعبي، الذي يترأسه علي عبدالله صالح، حملة انتقاداتها الموجهة للمبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إذ جدد القيادي البارز في الجماعة، ونائب رئيس وفدها المفاوض، مهدي المشاط، اتهامه لولد الشيخ أحمد بأنه "مبعوث العدوان"، بعد ساعات من التصريح الذي أدلى به الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، خلال زيارته إلى السعودية، وتأكيده على دعمه الكامل للمبعوث الخاص إلى اليمن، وأنه "يقوم بعمله بشكل مهني ومستقل".
رداً على هذا التصريح، كتب المشاط على صفحته في موقع فيسبوك، أن "من لا يريد السلام هو من يتمسك بولد الشيخ أحمد"، الذي وصفه بأنه "مبعوث العدوان". وقال إنه لا يوجد بينهم (الحوثيين) وبين المبعوث الأممي "أي خلافات شخصية، لكن لأننا أصحاب سلام تأكد عندنا أنه لن يتحقق سلام حقيقي على يديه"، على حد وصفه.
وكان تصريح غوتيريس الداعم للمبعوث الخاص إلى اليمن قد أثار امتعاض الحوثيين، إذ جاء بعد أيام، من رسالة مطولة، وجهها رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" المؤلف باتفاق بين شريكي الانقلاب، صالح الصماد، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تضمنت جملة من الاتهامات لولد الشيخ أحمد بالفشل والانحياز لدول التحالف وغيرها من النقاط. وطالبت الرسالة بـ"عدم التمديد للمبعوث الحالي لفشله في مهمته وعدم حياديته"، كما جاء في نص الرسالة.
وكان ولد الشيخ أحمد قد أطلق خلال الفترة الماضية، تصريحات متفرقة تطالب الحوثيين وحلفاءهم بتقديم رؤية واضحة لتنفيذ الخطوات الأمنية التي تتمسك بها الحكومة الشرعية في ما يخص الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة، الأمر الذي يثير غضب الحوثيين.
وعُين ولد الشيخ مبعوثاً أممياً إلى اليمن، في إبريل/نيسان 2015، خلفاً للمبعوث السابق جمال بن عمر، وبعد حوالى شهر من بدء العمليات العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن ضد الانقلابيين. وخلال ما يقرب من عامين، رعى ولد الشيخ ثلاث جولات من المفاوضات بين الحكومة والانقلابيين، أبرزها مشاورات الكويت إبريل/نيسان وحتى أغسطس/آب العام الماضي، لكن مختلف الجولات فشلت في الوصول إلى اتفاق ينهي الحرب الدائرة بالبلاد، ونجحت في إبرام اتفاقات تهدئة هشة بشكل مؤقت، وسط تبادل الاتهامات بين الأطراف بعرقلة جهود الحل السلمي.