تعثّر الظهير الحزبي للسيسي: محاذير دستورية وسياسية تعرقل ولادته

تعثّر الظهير الحزبي للسيسي: محاذير دستورية وسياسية تعرقل ولادته

23 ابريل 2018
يحاول السيسي الإطباق على البرلمان والمعارضة معاً (الأناضول)
+ الخط -
تواجه دائرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عقبات دستورية وسياسية ربما تدفع إلى تأجيل إتمام مشروع إنشاء ظهير سياسي واسع للسيسي، إلى ما بعد نهاية الفصل التشريعي الحالي عام 2020، وهو توقيت قد يكون مناسباً من الناحيتين السياسية والتشريعية ليس فقط لإنشاء مظلة حزبية واسعة تضم الأحزاب المؤيدة السيسي، أو ائتلافات عدة بينها، بل أيضاً لتمرير مشروع لتعديل الدستور يسمح بإعادة انتخاب السيسي مرة أخرى على الأقل بعد نهاية ولايته الثانية عام 2022.

وكشفت مصادر سياسية بحزبي "مستقبل وطن" و"المؤتمر" المواليَين للسيسي لـ"العربي الجديد"، أن "اللواء عباس كامل، مدير مكتب رئيس الجمهورية والقائم بأعمال مدير الاستخبارات العامة، تلقى تقارير محذّرة من حدوث أزمة دستورية في حال الإقدام على دمج الأحزاب في مظلة واحدة أو ائتلافات عدة، خلال الفصل التشريعي الحالي، وذلك لأن أي إجراء للدمج سيترتب عليه تغيير الصفة الحزبية لمئات من أعضاء الأكثرية النيابية- دعم مصر".

وأضافت أنه "بحسب المتفق عليه؛ سيمثل أعضاء الأكثرية النيابية قسماً كبيراً من قيادات المظلة الحزبية الموحدة على المستويين الأعلى والوسيط، وهناك عشرات من نواب الأكثرية يتمتعون بعضويتها وهم مستقلون أمام القانون، وليسوا منتمين إلى أي حزب. بالتالي، فإن انضمام العناصر المستقلة المهمة للنظام إلى الحزب الموحد أو أي من الائتلافات الحزبية المقرر تشكيلها، سيؤدي إلى تغيير صفتهم التي يدخلون بها البرلمان، مما يؤدي قانوناً إلى سقوط عضويتهم مباشرة".

وأشارت المصادر إلى أن "التقارير التي عكف على إعدادها قانونيون من داخل البرلمان وخارجه، حذّرت أيضاً من شبهة عدم دستورية في تحويل الأكثرية النيابية بالصورة التي شكلت بها منذ انتخاب البرلمان إلى حزب سياسي، لأن هذا يتطلب إجراءات قانونية معقّدة بتغيير صفة الأكثرية المعتمدة كمجموعة خليطة من المستقلين والحزبيين، إلى كتلة برلمانية لحزب جديد، أو عدة كتل للائتلافات الحزبية الكبيرة. وسيتم نشر قرار التحويل في الجريدة الرسمية وفقاً للائحة مجلس النواب. الأمر الذي قد يسمح بالطعن على دستوريتها، لمخالفة ذلك الإجراءات المنصوص عليها في لائحة المجلس وقانون الانتخابات".



وتطرقت التقارير أيضاً إلى مشكلة خلوّ قانون الأحزاب السياسية بصورته الحالية من أي نصّ يسمح بدمج الأحزاب إدارياً ومالياً، مما يعني أن الحل الأسهل هو هجر جميع الأحزاب القديمة وتشكيل حزب كبير أو ائتلافات حزبية جديدة، مما سيخلّف مشاكل على مستوى قواعد الأحزاب القديمة، وربما يسمح لقياداتها الذين لن تعتمد عليهم السلطة في تكويناتها الجديدة بالاستقلال بها والاستفادة من مواردها المالية.

وارتباطاً بتلك المشكلات الثلاث؛ بدأ المستشار القانوني للسيسي محمد بهاء أبوشقة ومجموعة قانونية صغيرة من مساعديه بحث الحلول التشريعية والعملية لها، وعلى رأس المقترحات تأجيل اتخاذ الخطوات التنفيذية لدمج الأحزاب حتى نهاية الفصل التشريعي الحالي، لتكون إجراءات الدمج جاهزة للتنفيذ المباشر خلال العطلة البرلمانية التي ستشهد إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، على أن يتم تحديد الصفة الحزبية لمرشحي الأكثرية النيابية على أساس الأوضاع الجديدة بعد الدمج.

ويحقق هذا المقترح هدفاً آخر هو إعطاء الفرصة لدائرة السيسي، ممثلة في الاستخبارات العامة والحربية والرقابة الإدارية لتنسيق الخطوات التنفيذية لإتمام عملية الدمج، في ظلّ عدم تحديد عدد الأعضاء المرجو ضمهم حتى الآن، ولم يتم تحديد المقار الحزبية المستغلة والأماكن الأخرى المملوكة لقيادات الأحزاب في المحافظات الرئيسية لبحث إمكانية استغلالها كمقار للحزب الكبير أو الائتلافات.



والهدف الأهم للإرجاء على المستوى السياسي، هو حسم المنافسة المستعرة حالياً بين قيادات الأحزاب الصغيرة على المناصب القيادية المنتظرة في الحزب الكبير. وهي منافسة تدور بالأساس بين القيادات الذين كانوا يعملون في السابق ضباطاً بالجيش أو الشرطة، بينما يتوارى بصورة ملحوظة رجال الأعمال وبصفة خاصة الذين كانوا ينتمون إلى الحزب الوطني الحاكم في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. فالمرجح أن يبتعدوا من صورة الصف الأول، مع إبقائهم مصدراً أساسياً للدعم المالي والحشد الجماهيري.

وبحسب المصادر، إن "خلوّ الأحزاب الصغيرة من الشخصيات السياسية الشهيرة أو ذوات الباع في العمل العام أدى إلى ازدحام بين الراغبين في تولي المناصب القيادية مستقبلاً، لا سيما أن بعض الأحزاب تعتقد أنها تملك رصيداً جماهيرياً أكبر من غيرها وبالتالي لا ترحّب بالاندماج معها، مفضّلة إقامة حوار جديد مع أحزاب صغيرة أخرى. الأمر الذي تتداخل فيه اعتبارات شخصية وعائلية وقبلية عدة، وهو ما قد يدفع دائرة السيسي إلى تعديل جزئي للخطة الأصلية، فيتم دمج الأحزاب في حزبين كبيرين أو ثلاثة، لا في حزب واحد، تلافياً للمشاكل البينية، ولضمان كفاءة الإدارة، مع استمرار ارتباط الإدارتين بدائرة السيسي الاستخباراتية - الرقابية مباشرة.
وكشفت المصادر ذاتها أن "المقترحات القانونية المتداولة لا تقتصر على طريقة إخراج الظهير السياسي الجديد، بل تشمل أيضاً تعديل قانون الأحزاب لتقليل عددها من حوالى 125 حالياً إلى نحو 25 فقط، فتتضمن تعديل شروط استمرار إشهار الأحزاب لضمان حصولها على دعم مالي من الدولة، فضلاً عن تصعيب شروط إشهار الأحزاب الجديدة".

ومن تلك المقترحات، زيادة عدد التوكيلات المطلوبة لإشهار أي حزب جديد من ألف توكيل موزعة على 10 محافظات، لتصبح 10 آلاف توكيل موزعة على 15 محافظة على الأقل، ومنح لجنة الأحزاب السياسية المشكلة برئاسة النائب الأول لرئيس محكمة النقض سلطة الرقابة الدورية على الأحزاب لإزالة شروط استمرار الحزب إذا انخفض عدد العضويات العاملة فيه إلى ما دون عدد التوكيلات المطلوبة عند التأسيس.

وسبق لـ"العربي الجديد" أن نشرت في فبراير/ شباط الماضي تقريراً عن اتجاه السيسي إلى إعادة تشكيل ظهيره السياسي، ممثلاً في "جمعية سياسية تضم ائتلاف الغالبية النيابية "دعم مصر"، الذي يضم نحو 320 نائباً من بينهم 100 ممثل تقريباً لسبعة أحزاب تديرها مباشرة دائرة السيسي، خطوةً أولى لإنشاء حزب كبير تنضوي تحته الأحزاب السبعة الممثلة في البرلمان وبعض الأحزاب الصغيرة الأخرى، أو إنشاء بضعة ائتلافات حزبية كما صرح رئيس حزب الوفد واللجنة التشريعية بالبرلمان بهاء أبوشقة مطلع الشهر الحالي".

والأحزاب المرشحة للانضمام حتى الآن، هي السبعة المكوّنة لائتلاف دعم مصر البرلماني؛ مستقبل وطن، وحماة الوطن، والمؤتمر، ومصر بلدي، والشعب الجمهوري، والحرية، ومصر الحديثة، وأحزاب أخرى هي: المحافظون برئاسة رجل الأعمال أكمل قرطام، الذي تتراوح علاقته بدائرة السيسي بين الشد والجذب بسبب طموحه السياسي، وفرسان مصر الذي يديره عدد من العسكريين القدماء، و30 يونيو، وحقوق الإنسان والمواطنة، ونهضة مصر. وجميعها أحزاب مؤيدة السيسي وفاشلة في الوجود الشعبي، كما سيتم ضم جميع النواب المستقلين بالائتلاف للحزب.

ووفقاً للمصادر، إن "دور المعارضة في الخطة الجديدة سيكون لأحزاب الوفد والمصريين الأحرار، والغد الذي يرأسه المرشح الرئاسي الصوري الخاسر موسى مصطفى موسى والذي تعبّر تصريحاته الأخيرة عن سعيه إلى مكاسب حزبية بعد الدور الذي أداه في الانتخابات، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الذي يضم عدداً من أعضاء لجنة الخمسين ويمثله أعضاء بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، والتجمع اليساري الذي فقد شعبيته وحركيته على الأرض ويقتصر نشاطه حالياً على إصدار صحيفة الأهالي الأسبوعية، والعربي الناصري الذي ما زالت تواليه بعض الكوادر القديمة في المحافظات".