واعتبر المجلس الوزاري للأمن الوطني القصف الأميركي "خرقاً للسيادة العراقية"، وأنه "سيدفعنا باتجاه مراجعة علاقاتنا وسياقات العمل أمنياً وسياسياً وقانونياً، بما يحفظ سيادة البلد".
وقال المجلس في بيان صدر عقب اجتماع طارئ عقده مساء اليوم، بشأن تداعيات القصف، إن "الحكومة العراقية إذ تدين هذا العمل، وتعده خرقاً لسيادة العراق، وتجاوزاً خطيراً على قواعد عمل قوات التحالف، ومنها القوات الأميركية، بالانفراد بعمليات دون موافقة الحكومة العراقية، فضلاً عن كونه استهدافاً لقوات عراقية ماسكة لجبهة مهمة على الحدود ضد "داعش"، وهو ما يعرض أمن وسيادة العراق للخطر، ويهدد أيضاً أمن الجميع دون استثناء".
وشدد أن "حماية العراق ومعسكراته والقوات المتواجدة فيها والممثليات هي مسؤولية القوات الأمنية العراقية حصراً، وهي التي تقرر الحاجة إلى الاستعانة بشركائها لا أن يقوم الآخرون، ومهما كانت المبررات، بشكل منفرد وبالضد من إرادة الدولة العراقية ومصالحها العليا"، معبراً عن رفضه لأن "يكون العراق ساحة اقتتال أو طرفاً في أي صراع إقليمي أو دولي".
وأشار إلى أن "هذا الاعتداء الآثم المخالف للأهداف والمبادئ التي تشكل من أجلها التحالف الدولي يدفع العراق إلى مراجعة العلاقة وسياقات العمل أمنياً وسياسياً وقانونياً، بما يحفظ سيادة البلد وأمنه، وحماية أرواح أبنائه، وتعزيز المصالح المشتركة".
بدورها، دانت وزارة الخارجية العراقية قيام القوات الأميركية بقصف مقرات لـ"الحشد الشعبي"، معتبرة ذلك "انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق، وعملاً مداناً ترفضه جميع الأعراف والقوانين التي تحكم العلاقات بين الدول".
وأضافت الوزارة في بيان، أن "الحشد قوة عراقية وطنية كان لها الأثر الفاعل في الدفاع عن العراق، ووحدته، وقاتل بكل تفان وبسالة تنظيم "داعش" الإرهابي، وأوقف امتداده، وحمى البلاد من شرِه، وهو جزء من منظومة القوات المسلحة العراقيّة تأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة"، موضحة أن "العراق بلد مستقل، ولا يمكن السماح بأن يكون ساحة للصراع أو ممراً لتنفيذ الاعتداءات، أو مقراً لاستخدام أراضيه للإضرار بدول الجوار".
وتابعت: "سوف يتم استدعاء السفير الأميركي في بغداد وإبلاغه ما تقدم"، مؤكدة أنه "سيتم التشاور مع الشركاء الأوربيين في التحالف الدولي من أجل الخروج بموقف موحد فيما يتعلق بآليات العمل، ومستقبل وجود قوات التحالف في العراق".
عبد المهدي: أُبلغت مسبقاً بالقصف
وفي السياق، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية عادل عبد المهدي إن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أبلغه بالضربات الجوية التي استهدفت مقر مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية قبل وقوعها،
وأكد عبد المهدي، خلال كلمة ألقاها في جلسة لمجلس الوزراء، أن وزير الدفاع الأميركي اتصل به بعد القصف الذي تعرضت له قاعدة "كي وان" في كركوك، وأسفر عن مقتل متعاقد أميركي وإصابة آخرين، وأبلغه بوجود نية أميركية لاستهداف قواعد تابعة لـ"كتائب حزب الله" بعد ساعات من الاتصال، مضيفاً: "قلت له إن هذا الأمر يعد تصعيداً خطيراً، ولا بد من التشاور في مثل هذه الأمور، لا سيما وأن التحقيقات لم تحدد بعد الجهة التي نفذت القصف".
وأشار إلى قيامه بإبلاغ قادة الفصائل المسلحة في "الحشد الشعبي"، والقيادات الأمنية، بأن "هجوماً قريباً سيحدث"، معتبراً أن الهجوم الأميركي على "الحشد" في مدينة القائم الحدودية مع سورية "يمثل اعتداء آثماً، وستترتب عليه تبعات خطيرة".
وفي غضون ذلك، أبدى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الإثنين، استعداده للتعاون مع منافسيه السياسيين المقربين من إيران للتعاون من أجل طرد القوات الأميركية من العراق.
وقال الصدر في بيان: "حذرنا مسبقاً من مغبة زج العراق في الصراعات الإقليمية والدولية"، مشيراً إلى أن "العراق وشعبه لم يعد يتحمل مثل هذه التصرفات".
ودعا الصدر منافسيه إلى "التعاون وتوحيد الصفوف من أجل إخراج القوات الأميركية بالطرق السياسية والقانونية بأسرع وقت ممكن".
وأضاف الصدر: "وإن لم ينسحبوا سيكون لنا تصرف آخر وبالتعاون معكم"، في إشارة إلى منافسيه، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة تستغل الفساد المستشري في العراق والهوة الكبيرة بين الساسة والشعب".
وشدد بالقول: "لن نسمح أن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات السياسية والعسكرية، وإنما نريد عراقاً قوياً ومستقلاً".
ودعا الصدر الفصائل المسلحة المقربة من إيران إلى الابتعاد عن "التصرفات غير المسؤولة"، مؤكداً على ضرورة أن يكون "زمام الأمر بيد القوات الأمنية حصراً".
واشنطن: سنواصل الرد على استهدافنا
واتّهمت واشنطن، الإثنين، السلطات العراقية بأنها لم تبذل الجهود اللازمة من أجل "حماية" مصالح الولايات المتحدة.
وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين في واشنطن: "لقد حذّرنا الحكومة العراقية مراراً وتشاركنا معها المعلومات لمحاولة العمل معها للاضطلاع بمسؤوليتها عن حمايتنا بصفتنا ضيوفاً".
وذكّر المسؤول بأن الجيش الأميركي والدبلوماسيين الأميركيين يتواجدون في العراق "بدعوة من الحكومة العراقية". وأكد أن "من مسؤوليتها وواجبها أن تحمينا. وهي لم تتّخذ الخطوات المناسبة لذلك".
وقال المسؤول الأميركي "نجري اتصالات حثيثة مع الحكومة العراقية بشأن هذه التهديدات"، مضيفاً "بالتأكيد أبلغناها بأننا سنتحرك رداً على هذا الهجوم الأخير".
من جهة أخرى، أكد ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي أن واشطن لا تسعى إلى تصعيد النزاع مع إيران.
وقال شينكر إن الغارات كانت رسائل لإيران بعد أشهر من "ضبط النفس" الذي مارسته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، موضحاً أن الضربات كانت رداً على مقتل المتعاقد الأميركي المدني الجمعة.
وأضاف "رأينا أنه من المهم ضرب هدف كبير لبعث رسالة واضحة للغاية لهم (الإيرانيين) بأننا نأخذ حياة الأميركيين على محمل الجد". وقال "لقد كان ذلك رداً خطيراً، ولكنه، وكما نعتقد، مناسب". وأكد "لا نريد التصعيد هنا، نريد خفض التصعيد"، وفق ما نقلت "فرانس برس".
وقال المبعوث الأميركي للشأن الإيراني برايان هوك إن واشنطن "ستواصل عمليات الرد على أية هجمات يمكن أن تستهدف المصالح الأميركية"، موضحاً، في مقابلة متلفزة، أن "القوات الأميركية موجودة في العراق بناء على طلب حكومة بغداد".
ولفت إلى إن بلاده "لا يمكن أن تتسامح مع الانفلات الإيراني في العراق والمنطقة"، مشيراً إلى "وجود حاجة لردع أعمال الإرهاب الإيرانية في منطقة الخليج".
في المقابل، قال مسؤولون عسكريون أميركيون إنهم يتابعون الوضع عن كثب تحسباً لأي إجراءات انتقامية، مع احتمال تصاعد حدة التوتر بين واشنطن وطهران نتيجة أي أعمال انتقامية.
وأوضح المسؤولون العسكريون الأميركيون، تحدثوا لـ"رويترز" شريطة عدم نشر أسمائهم، إنهم ليس لديهم شك في أن الجماعة المستهدفة "سترد بطريقة ما" قد تؤدي إلى زيادة جديدة في التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
وأكد مسؤول عسكري: "أعتقد أنهم (كتائب حزب الله) سيردون".
وقال مسؤول عسكري آخر إنه يوجد قلق من احتمال أن تقود الأحداث التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية إلى دائرة من الأعمال الانتقامية.