حضر إلى لبنان قبل يومين مسؤول استخباري بارز مكلفاً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس. لم يُشر إلى هذه الزيارة إعلامياً، ولا حتى رسمياً، من الطرف اللبناني. الهدف الرئيسي للزيارة يتمحور حول وضع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتحديداً من الناحية الامنية. التقى المسؤول الفلسطيني الأمني بنظرائه اللبنانيين، ليدور النقاش بينهم حول مسألة "الارهاب المتنقل في البلاد العربية"، وخصوصاً أن المخيمات الفلسطينية في لبنان متهمة في هذا المجال.
يقول المسؤول الفلسطيني لـ"الجديد" إن قرار "محاربة الارهاب اتُّخذ دولياً، ومتفق عليه من قبل اللاعبين الدوليين، كروسيا والولايات المتحدة، واقليمياً كالسعودية ومصر وتركيا وايران". لا مجال لكشف المعلومات الامنية الحساسة وطرق تنفيذها. لكن ما يمكن للرجل أن يقوله، هو أن الحوار مع المسؤولين اللبنانيين دار حول معركة يبرود في منطقة القلمون السورية. ويكشف المسؤول الأمني أنه قدّم في هذا السياق لنظرائه اللبنانيين نصيحة بعدم خوض حزب الله والجيش السوري تلك المعركة، "لأن ذلك يعني تفجير الوضع في لبنان". وأقصى ما يتوقّعه الرجل حالياً هو اندلاع "معركة محدودة" هدفها الفصل بين بلدة عرسال اللبنانية، ويبرود السورية، المتاخمة لها.
فضلاً عن ذلك، يشير المسؤول الاستخباري الفلسطيني إلى أنه مكلَّف بوساطة بين خاطفي المطرانين السوريين (يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي)، وراهبات معلولا. وبحسب ما يكشفه لـ"الجديد"، فإن الملف بات "مكتمل العناصر، وتشارك في إنجازه تركيا وقطر، وهو امتداد لملف مخطوفي أعزاز اللبنانيين الذين افرج عنهم أخيراً". من الجهة اللبنانية، فإنّ الملف بيد المدير العام للأمن العام اللبناني، اللواء عباس ابراهيم، "وقد تم تسليمه مفاتيح التفاوض التي ستبقى سرية لفترة ليست وجيزة حتى تنضج المفاوضات، ويكتمل الحل النهائي لهذا الملف الانساني" على حد تعبير محدثنا الفلسطيني.
أما في ما يخص مخيم عين الحلوة، شرق مدينة صيدا، جنوب لبنان، فهناك "نية لتطويقه أكثر فأكثر أمنياً، مع ترجيح دخول الجيش اللبناني إلى حي الطوارئ على مشارف المخيم الأساسي"، وهو الذي يُعتبر معقلاً للإسلاميين المتشددين، مثل جماعة "جند الشام" وبعض عناصر "فتح الاسلام". هو الحيّ نفسه الذي سكن فيه لفترة وجيزة جداً، الشيخ السلفي أحمد الاسير، والفنان المعتزل فضل شاكر، قبل مغادرتهما الى مناطق في شرق لبنان، وذلك بعد حملة القضاء على تيار الأسير في يونيو/حزيران الماضي، وفق ما تؤكده مصادر لبنانية وفلسطينية.
وحين تسأل المسؤول الفلسطيني الاستخباري عن مصير المدنيين داخل مخيم عين الحلوة (يقطنه حوالى 108 آلاف شخص معظمهم من الفلسطينيين)، ومواقف الفصائل داخله من الحملة المحتملة، تأتيك الإجابة سريعاً: "سيُعمل على تنسيق المواقف، وقد أعطينا الجيش اللبناني الضوء الأخضر لبسط نفوذه في أي مكان يراه مناسباً"، على قاعدة أن القيادة الفلسطينية "مع الدولة اللبنانية وتنفيذ قراراتها". وبحسب معلوماته، فإنّ المدنيين "إما يخرجون من المخيم، أو يدخلون إلى عمق أحيائه التي لن تُمَسّ". ماذا لو حشدت القوى الاسلامية لمنع الجيش من الدخول؟ يجيب باسماً: "غالبيتهم موافقون، وكما علمنا من القيادة الامنية اللبنانية، فإن فصائل اسلامية ومشايخ معروفين، ينسقون مع استخبارات الجيش اللبناني، ويزورونهم ويشربون الشاي بالياسمين معهم، وإذا تدخّل أحدهم، فسيكون له طرف من المخيم له بالمرصاد". وعما إذا كان المقصود من كلامه العميد المفصول من حركة "فتح"، محمود عيسى، الملقَّب باللينو، يجيب ساخراً: "مَن هذا اللينو؟ وإن كان فعلاً هناك لينو، فيوجد "ليونز" (أسود) كثر في المخيم".
الرجل الاستخباري البارز يرفض الحديث عن الخلافات الفتحاوية المنعكسة على لبنان، ويلفت إلى أن وضع المخيمات "سيصبح أفضل حالاً عندما تصبح خاضعة للشرعية اللبنانية مع تنظيم سلاح المخيمات وسحب السلاح خارجها". ويكشف أنّ أطراف الحوار اللبناني ــ الفلسطيني لم يتفقوا إلا على هذه النقطة التي "ستُنفذ بموافقة حزب الله الذي يخشى انقلاب الجماعات الاسلامية في المخيم وخارجه عليه ميدانياً". ويختصر قرار الحملة ضدّ إسلاميي عين الحلوة بالقول إن "القرار اتُّخذ، ودقائق ساعة الصفر بدأت عقاربها بالدوران، والمرجح توقفها في مارس/آذار المقبل قبل توقيع اتفاقية الاطار (التي ترعاها واشنطن) أو بعدها، وكل ثانية تمر ستكون صعبة استخبارياً او لوجستياً أو سياسياً.