عصيان سجن حماة المركزي... تحدي الموت والتنكيل

04 مايو 2016
يعاني المعتقلون من أوضاع صعبة في السجون(جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
يواصل مئات السجناء السوريين اعتصامهم في سجن حماة المركزي، بعدما أفشلوا محاولة قوات النظام اقتحام السجن الذي سيطروا عليه بالكامل تقريباً، منذ مساء الأحد الماضي، واحتجزوا العشرات من عناصر الشرطة، بينهم ضابط واحد، فيما نفت وزارة الداخلية التابعة للنظام السوري سيطرة سجناء على سجن حماة المركزي. يقول الناشط أبو يزن النعيمي، لـ"العربي الجديد"، إن السجناء لا يزالون يسيطرون على السجن بالكامل باستثناء قسم يسمى (المتفرقات)، وأغلب المحتجزين فيه من الشبيحة"، على حد قوله. ويوضح أن استمرار السيطرة تأتي "بعد المحاولة الفاشلة من جانب قوات النظام لاقتحام السجن"، مشيراً إلى أنها "ألقت خلال محاولة الاقتحام حوالي 30 قنبلة مسيلة للدموع، وأطلقت أعيرة نارية، ما تسبب بإصابات وحالات اختناق بين المعتقلين".
ويلفت النعيمي إلى أن السجناء يحتجزون 30 عنصراً أغلبهم من الشرطة العاملة في السجن بينهم ضابط واحد برتبة ملازم أول، نافياً وجود ضباط برتب عالية كما تردد في بعض الأخبار، ومشيراً الى أن عناصر النظام ينتشرون على سطح السجن. ويقدر النعيمي وجود أكثر من 800 سجين في السجن. ويوضح أن العصيان بدأ في قسم معتقلي "الإرهاب"، وذلك احتجاجاً على إحالة خمسة من نزلائه إلى سجن صيدنايا في دمشق تمهيداً لإعدامهم، إضافة إلى نقل 30 من المعتقلين السياسيين إلى دمشق حيث يخضعون هناك لمحاكمة تعسفية.



من جهته، يقول مركز حماة الإعلامي، إن السلطات تلجأ إلى أسلوب المراوغة في محاولاتها السيطرة على السجناء من خلال الحوار مع المعتقلين الذين طالبوا بالإفراج الفوري عن السجناء السياسيين، ولا سيما الذين لم تصدر بحقهم أحكام قضائية، وإعادة 30 سجيناً سبق أن رحلوا إلى دمشق، إضافة إلى إلغاء قرار تحويل خمسة سجناء إلى سجن صيدنايا. ووفقاً للمركز، فإن قوات النظام، المدعومة بعناصر الأمن، تستعد لتكرار محاولة اقتحام السجن. وقد عمدت إلى قطع الطرقات المحيطة بالسجن، فضلاً عن انتشار كبير لعناصرها في محيط السجن وعلى أسطح البنايات. بدورهم يشير ناشطون إلى إن قوات النظام قطعت الطريق المقابل لسجن حماة من جهة دوار السجن ودوار المنطقة الصناعية، وسط انتشار مكثف لقوات النظام على باب السجن مدعومة بمصفحة وعربة مثبّت عليها رشاش ثقيل.
في غضون ذلك، يقول مدير الهيئة السورية لفك الأسرى، فهد الموسى إنّ سلطات النظام داخل السجن حاولت التفاوض مع المعتقلين، وقدمت وعوداً بالبدء بإخلاء سبيل المعتقلين الذين لا يزالون يخضعون للمحاكمات مع استمرار محاكمتهم وهم طلقاء، وهو ما قوبل بتشكيك كبير من جانب المعتقلين بناءً على خبرتهم السابقة مع سلطات السجن. ويدعو الموسى "جميع الفصائل والقوى الثورية والسياسية والمدنية والشعبية في مناطق المعارضة للقيام بعصيان مشابه في سجنهم الكبير التي وضعتهم به القوى الدولية وليتمردوا على سجانيهم من كل الدول التي تدعي صداقتهم"، على حد قوله. ويلفت الموسى، وهو سجين سابق كان معتقلاً في سجن حماة، في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنه يوجد في سجن حماة المركزي 830 معتقلاً معرضين لشتى أنواع القتل والتعذيب، اختاروا الوقوف في وجه المحكمة الميدانية وعدم التضحية بخمسة من زملائهم.
ويعاني السجناء في ما يسمى قسم "الشغب والإرهاب" في سجن حماة، من ظروف إنسانية وصحية متردية، جراء انتشار الأمراض المعدية في صفوف المعتقلين، أبرزها مرض السل الذي ينتشر بسرعة كبيرة بينهم بسبب انعدام العناية الصحية وتقديم الدواء اللازم. يذكر أن عصياناً مماثلاً قام به المعتقلون داخل سجن حماة المركزي منتصف شهر أغسطس/آب 2015، حيث اعتصم أكثر من 1200 معتقل داخل السجن، عقب احتجاز قوات النظام 50 سجيناً في إحدى زوايا السجن، والتفنن بضربهم وتعذيبهم، ما دفع بقية السجناء لإعلان حالة العصيان. كما شهد السجن مجزرة مطلع شهر أغسطس/آب 2011، قامت بها قوات الأمن ضد المعتقلين السياسيين، أودت بحياة عشرات الأشخاص، وذلك إثر عصيان من قبل السجناء.
ويقع سجن حماة المركزي في حي القصور على أطراف مدينة حماة، قرب الطريق المؤدي إلى مدينة سَلَمية في ريف حماة الشرقي، وهو محاط بأكثر من أربعة حواجز ومتاريس كبيرة للنظام. وتشرف على السجن، بشكل ظاهري، قيادة شرطة حماة، بينما تشرف عليه عملياً أجهزة الاستخبارات التي تتحكم بكل ما يجري في السجن. وهناك مبنى صغير بالقرب من السجن يضم مجموعة مكاتب لضباط من الأفرع الأربعة المتحكمة بحماة وهي أمن الدولة، والأمن العسكري، والأمن الجوي، والأمن السياسي، وهي لجنة رباعية تقوم بالتحقيق مع السجناء وتعذيبهم بحسب مركز حماة الإعلامي.
وحول طبيعة سجن حماة، والاعتصامات المتكررة فيه، يقول الصحافي السوري رامز أبو الجود، إن السجن يضمّ كل أنواع المعتقلين، بمن فيهم السياسيون والجنائيون والموقوفون بشكل مؤقت. ويوضح أنه يُحَوَّل إلى السجن، عادةً، المعتقلون الذين في طريقهم للإفراج عنهم، أو السياسيون الذين عليهم أحكاماً طويلة، لذلك لا يخضع السجن لتشديد كبير على غرار سجون النظام الأخرى التي لا أحد يعرف ماذا يجري داخل جدرانها، وفي أقبيتها، حيث يموت المعتقلون هناك بالعشرات، دون أي ضجيج. ووفقاً لأبو الجود فإن أغلب المعتقلين في سجن حماة محتجزون دون تهم محددة. ويشير إلى أن المعتقلين السياسيين تم نقل معظمهم إلى السجن في العام 2011 من سجن صيدنايا، قبل أن يزّج النظام بأعداد إضافية في فترات لاحقة.
ويقبع في سجون النظام مئات الآلاف من المعتقلين منذ بدء الثورة في العام 2011، على خلفية المشاركة في التظاهرات المناوئة للنظام، فيما وثّقت تقارير حقوقية موت الآلاف منهم تحت التعذيب.