"عاصفة الحزم": الساعات الأولى والحصيلة الكبيرة

27 مارس 2015
الغارات أدت إلى مقتل عدد من المدنيين(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
بلغت الأزمة في اليمن ذروتها، أمس الخميس، بعد التدخل العسكري الخارجي الذي قادته السعودية، في إطار عملية "عاصفة الحزم"، بمشاركة الدول الخليجية، باستثناء سلطنة عمان، إلى جانب 5 دول أخرى، وبغطاء دولي خرقته انتقادات للعملية وجّهتها إيران والعراق وسورية، فضلاً عن تحذيرات من الاتحاد الأوروبي، الذي أعلنت وزيرة خارجيته، فيديريكا موغيريني، أنها "مقتنعة بأن العملية العسكرية ليست حلاً".
وعلى الرغم من أن المواجهة بين الحوثيين والسعودية ليست الأولى من نوعها، بعد الحرب التي دخلتها المملكة ضد الجماعة خلال ما يُعرف بـ"الحرب السادسة"، في أواخر عام 2009، إلا أن ظروف المواجهة الحالية بدت مختلفة، وخصوصاً في ظل عدم اتضاح مدتها أو حدودها وما إذا كانت ستتحوّل إلى تدخل برّي أيضاً، بعد أن نقلت شبكة "سي أن أن" عن مصادر توقعها وصول ما بين 3 و5 آلاف جندي من التحالف الذي تقوده السعودية لتأمين عدن خلال 3 أيام، بالرغم من محاذير هذه الخطوة.

اقرأ أيضاً: هجوم جوي يكسر هدوء صنعاء في اليوم الأول للحرب
 
وعملية "عاصفة الحزم"، جاءت بعد يوم من سيطرة الحوثيين وقوات الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، على معظم المناطق الرئيسية في الجنوب، متجاهلين جميع التحذيرات المحلية والدولية والإقليمية من خطورة هذه المغامرة، وبعد أسابيع من التصعيد الحوثي.
ولم تقتصر تداعيات وأضرار عملية "عاصفة الحزم" على الحوثيين فحسب، بعدما أكدت وزارة الصحة اليمنية، التابعة للحوثيين، سقوط 18 قتيلاً و24 جريحاً من المدنيين، وخصوصاً في الغارات الأولى التي تعرضت لها صنعاء، فيما ترددت أنباء غير مؤكدة عن مقتل عدد من قيادات الجماعة، بينهم عبد الخالق بدرالدين، يوسف المداني، يوسف الفيشي، فيما تحدثت الأنباء نفسها عن إصابة محمد علي الحوثي، الذي أنيطت به، في بداية الانقلاب الحوثي، رئاسة اللجان الثورية التابعة للجماعة.
وأسفرت العملية أيضاً عن تدمير أسلحة ومقرات تابعة للجيش اليمني، يسيطر عليها الحوثيون وقوات محسوبة على صالح.
أما مقدمات انطلاق عملية "عاصفة الحزم"، فكانت قد بدأت مع طلب الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، يوم الثلاثاء الماضي، من مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار يسمح لكل الدول الراغبة في مساعدة اليمن، بتقديم دعم فوري للسلطة الشرعية في بلاده. وتبعه طلب وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين عبد الله، يوم الأربعاء، من جامعة الدول العربية، بـ"تدخل عربي عسكري وسياسي عاجل لإنقاذ اليمن من أزمته الراهنة". وهو الطلب الذي ما لم تتأخر السعودية في تلبيته وقيادة العمليات، وخصوصاً أنه سبق لها أن حذرت من أنه "إذا لم تحل الأزمة اليمنية سلمياً، فستتخذ دول المنطقة الخطوات اللازمة ضد العدوان". كما صبّت التحركات السعودية، خلال الساعات التي سبقت انطلاق "عاصفة الحزم"، في السياق نفسه، بعد الزيارة التفقدية للمناطقة الحدودية التي قام بها وزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان بن عبد العزيز، يوم الإثنين الماضي، تبعها إرسال حشود عسكرية سعودية للحدود مع اليمن، حرص مصدران سعوديان حتى ساعات قليلة من انطلاق العملية على التأكيد أنها "دفاعية تماماً"، ليتبيّن بعد ساعات أنها مقدمة لبدء توجيه الضربات الجوية.
وأكدت السعودية أن عملية "عاصفة الحزم" "ستستمر حتى تحقّق أهدافها"، في الوقت الذي بدا فيه أن اليمن بات يخضع لحصار بحري وجوي وحتى إعلامي عقب قطع المؤسسة العربية للاتصالات، "نايلسات"، بثّ القنوات الحكومية الرسمية بناءً على طلب هادي.
وأعلنت السعودية أن الضربة الجوية الأولى نتج عنها "تدمير الدفاعات الجوية الحوثية بالكامل، وقاعدة الديلمي، وبطاريات صواريخ سام، وأربع طائرات حربية"، مشيرة إلى أن العملية "تمت بأمر العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وبإشراف وزير الدفاع رئيس الديوان الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وبمتابعة ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف".
وبينما كانت الطائرات تقصف أهدافها، أعلن مسؤولون في قناة السويس أن أربع سفن حربية عبرت القناة في طريقها إلى خليج عدن، بهدف "حماية" خليج عدن، بحكم الأهمية الاستراتيجية لموقعه في جنوب البحر الأحمر عند مدخل قناة السويس.
وكانت عملية "عاصفة الحزم" انطلقت بانفجار هائل في العاصمة صنعاء قبل أن تتمدّد عبر غارات جوية في مختلف المدن التي يسيطر عليها الحوثيون، وفي مقدمها صعدة، معقل الجماعة.
واستهدفت الضربة الأولى، والتي اهتزت بسببها العاصمة صنعاء، قاعدة "الديلمي"، المقر الرئيسي للقوات الجوية، حيث تفيد الأنباء بأنه تم تدمير مدرج المطار، وأربع طائرات ميج. وكان الحوثيون يستخدمون القاعدة للطلعات الجوية، ومنها تلك التي استهدفت هادي في عدن. كذلك جرى قصف دار الرئاسة، الذي يقع تحت سيطرة الحوثيين.
وفيما اشتعلت سماء العاصمة بالمضادات الأرضية للطائرات من قبل معسكرات قوات الاحتياط (الحرس الجمهوري سابقاً)، المرابطة في أطراف العاصمة أثناء تحليق الطائرات، أشارت الأنباء إلى أن الغارات دمرت مواقع الدفاع الجوي، التابعة للجيش، في العديد من الألوية، واستهدفت بطاريات صواريخ سام المضادة للطائرات، وكذلك مخازن أسلحة لقوات الاحتياط والمعسكرات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وبالتزامن، أكدت مصادر في محافظة لحج، جنوبي اليمن، أن قاعدة "العند" الجوية، التي سيطرت عليها القوات الموالية لصالح والحوثيين، شمال عدن، تعرضت لقصف من طائرات التحالف. وتحدثت أنباء عن تعرض القاعدة الجوية في محافظة "الحديدة"، غربي البلاد، لقصف لم يُعرف حجم الخسائر الناتجة عنه، حيث بقيت المعلومات والخسائر داخل المواقع العسكرية النظامية الموالية لصالح محل تكتم شديد.
ولعلّ الأهم بعد الضربات التي استهدفت مواقع في صنعاء، هو توجّه الضربات الجوية إلى محافظة صعدة، معقل الجماعة، حيث تقع معسكراتها التدريبية ومخازن الأسلحة. وأفادت مصادر محلية في صعدة، لـ"العربي الجديد"، بأن طيران التحالف العربي حلّق ونفّذ ضربات في "مران"، و"ضحيان"، و"نقعة"، و"الملاحيط"، وهي معاقل لجماعة الحوثي، وتقع بعضها قرب الحدود مع السعودية. وتحدثت أنباء، غير مؤكدة، عن أن هناك قيادات بارزة في جماعة الحوثي قد تكون قتلت في هذه الضربات.
وعلى صعيد القوات الموالية للرئيس السابق، فإن جلّها هي ما تبقى من الجيش النظامي اليمني. وإذا ما تواصلت الضربات التي تستهدف مواقع الجيش، فإن النتيجة ليست استهداف الحوثيين كجماعة، بل من شأن العمليات أن تؤدي لتفكك ما تبقى من قوات نظامية، ليكون اليمن أمام خسائر عميقة، على مستوى كيان الدولة، وإن كانت تعد ضربة حاسمة تقضي على نفوذ الرئيس السابق.

اقرأ أيضاً"عاصفة الحزم": اليمن والخيار الصعب
المساهمون