كلمة السر كانت "الحشوة"، وهي خطة تتلخص بتشكيل قوائم "المرشح الواحد" بحيث تضم مرشحين دورهم دعم المرشح القوي عشائرياً أم مالياً، والاستفادة مما يتمتعون به من حضور اجتماعي محدود غالباً في مجتمعاتهم المحلية لضمان أكبر قدر من الأصوات لصالح القائمة التي ترشحوا عليها ولصالح المرشح القوي فيها، وانسجاماً مع دورهم الذي تثور شائعات أنه مدفوع الأجر، فإنهم لن يقدموا يوم الانتخابات على التصويت لأنفسهم.
إستراتيجية "الحشوة" أنتجها الفهم العميق من قبل المشرعين الذين أقرّوا القانون، وهم يتحدثون عن ما يتضمنه من توجهات إصلاحية ستنعكس إيجاباً على مستقبل الحياة السياسية، ليتضح أن فهمهم للقانون ينصب على مدى تطويعه بشكل انتهازي عبر ممارسات تضمن عودتهم إلى مقاعدهم النيابية سالمين.
الإستراتيجية الانتهازية فرضها قانون القائمة النسبية، الذي تشير جميع التوقعات إلى أن أكثر القوائم المرشحة حظاً لن تفوز بأكثر من مقعدين نيابيين نتيجة لطريقة الاحتساب التي اعتمدها النظام الانتخابي، ما يفقد القوائم الغاية الأساسية من تشكيلها على أسس حزبية وبرامجية، لتختصر غالبيتها بالتطبيق العملي بمرشح يطمح بالمقعد النيابي لاعتبارات الزعامة والوجاهة والنفوذ.
"الحشوة" التي استقرت بشكل سريع مصطلحاً انتخابياً شعبياً، تدلل على فساد غير مجرّم سيحيط بالانتخابات المنتظرة، كما تدلل على اختلالات بالقانون الذي قدم إصلاحياً يمهد الطريق أمام وصول أغلبية نيابية تشكل حكومات برلمانية، ما يبدو أمراً مستحيلاً ستثبته التجربة العملية، وهو ما يجعل تعديل القانون مطلباً مستقبلياً.