ألمانيا: توافق الائتلاف الحاكم على اتفاق الهجرة

06 يوليو 2018
الاتفاق أخرج حكومة ميركل من مأزقها (Getty)
+ الخط -
تصاعد الدخان الأبيض في برلين، ليل أمس الخميس، بعدما وافق "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" على اتفاق الهجرة، الذي تمت التسوية بشأنه بين الحزبين الشقيقين في "الاتحاد المسيحي"، يوم الإثنين الماضي، والذي كاد النزاع بين طرفيه يتسبب بانهيار حكومي وبأزمة لولاية المستشارة أنجيلا ميركل الرابعة، فضلًا عن فرط حلف الاتحاد، الذي يجمع بين قطبيه، "المسيحي الديمقراطي" و"الاجتماعي المسيحي"، في بافاريا، مصير مشترك منذ عقود.

ووافق قادة الائتلاف الكبير "غروكو" على حزمة لجوء جديدة، بعدما أدخلت تعديلات بسيطة على اتفاق "الاتحاد المسيحي"، وأهمها الاعتماد على مصطلح "مراكز إجراءات العبور"، بدلًا من "مراكز العبور"، ويبقى الغرض منها العمل على التدقيق بطلبات اللاجئين الذين تقدموا بطلباتهم في بلدان أوروبية أخرى، على أن يبت مصيرهم خلال 48 ساعة.

وبيّن الاتفاق أنه ولغرض إجراء العبور المتفق عليه، يتعين على الشرطة الاتحادية أن تستخدم مرافقها الواقعة بالقرب من الحدود، ما لم يحضر اللاجئون مباشرة إلى مرفق الإقامة الموجود في منطقة العبور، وعليه فإنه من الناحية القانونية يكون اللاجئون لم يدخلوا إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية، وليس هناك من ضرورة لإدخال تعديلات على القوانين السارية في البلاد. وسيبقى من غير الواضح إلى أي مدى ستتاح الفرصة للاجئين المتضررين لاتخاذ إجراء قانوني ضد الرفض، علمًا أن أحزاب الائتلاف تتحدث عن خمس إلى عشر حالات يوميًا.

ومن الجدير ذكره أيضًا أن وزير الداخلية، هورست زيهوفر، عندما سئل من قبل وسائل الإعلام عن الاتفاق، قال إنه "راض تمامًا عن كل شيء من الألف إلى الياء، إنما بخصوص التسمية، فإن مصطلح مراكز العبور يسبب مشاكل وحساسية لشريكنا في الائتلاف، ويفضل المرء التحدث عن إجراءات العبور في مرافق الشرطة".


أما الأمينة العامة لـ"الحزب المسيحي الديمقراطي"، إنغريت كرامب كارينباور، فأكدت أن الحل أرسى النهج الأوروبي المتعلق بالهجرة، وأوضحت أن الائتلاف الحاكم يجمع على هدف تنظيم وإدراة والحد من الهجرة، وأن ألمانيا ستتصرف مع الشركاء الأوروبيين، وليس من جانب واحد وغير منظم وعلى حساب أطراف ثالثة.

بدورها، قالت زعيمة الحزب الاشتراكي، أندريا ناليس، إن حزبها "تمكن من فرض الكثير من خطته المكونة من خمس نقاط، ويمكننا الحديث عن أنه لن يكون هناك أي إجراء أحادي على المستوى الوطني، أو رفض للاجئين على الحدود، وبدلًا من ذلك سيتم إنشاء مراكز تسرع الإجراءات عند الحدود، ولن تكون هناك مخيمات"، مشيرة إلى أنه سيتم تقديم قانون للهجرة في مجلس الوزراء في وقت لاحق من هذا العام.

أما نائب المستشارة، المنتمي إلى الاشتراكي، أولاف شولز، فشدد على أهمية "أن تكون هناك حلول أوروبية بالاتفاق مع الدول الأخرى. ويبقى هنا الخوف من الفشل حاضرًا مع ردود الفعل الأولى السلبية من فيينا وبودابست؛ ما يؤشر إلى عودة الخلاف حول سياسة اللاجئين".

وتضمن الاتفاق، أيضًا، ترحيل اللاجئين من الدول التي لا يوجد معها اتفاق إعادة قبول إلى النمسا مرة أخرى، على أساس اتفاقية يتم إبرامها بين الجانبين الألماني والنمساوي بعد توضيح المسؤوليات بالسرعة المطلوبة. علمًا أن نص الاتفاق بين أطراف الائتلاف بيّن أن مراكز العبور، أو إجراء النقل، ستكون مجهزة بغرف منفصلة في السكن للعائلات والأشخاص الذين يحتاجون إلى حماية خاصة.

وبالنسبة للاجئين المسجلين بالفعل في دولة أخرى، ولكنهم لم يتقدموا بطلب للحصول على اللجوء، فينبغي أن يكون هناك إجراء معجل، بناء على اقتراح من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ويقضي أولًا بتحديد المسؤوليات بشكل كبير وواضح في حالات نصت عليها اتفاقية دبلن، وسيتم تقديم إجراء خاص وسريع، وتوحيد المعايير في لائحة منفصلة، وإنهاء الأمر خلال أيام قليلة، على أن تسرع العملية من قبل وزارة الداخلية، بعد اتفاقات إدراية مع مختلف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وفقًا للمادة 36 من دبلن، لتسريع عمليات العودة وإزالة العوائق المتبادلة التي تعيق ذلك، بعدما كان الأمر يستغرق شهورًا، ويبقى الهدف من ذلك تحقيق نسبة 15% أعلى من حالات اللاجئين المراد إعادتهم عملًا باتفاقية دبلن، بحيث يكون البلد الأول الذي دخله اللاجئ مسؤولًا عن إجراءات لجوئه.

كما أكد الاتفاق دعم ألمانيا للدول الأعضاء الواقعة على الحدود الخارجية للاتحاد لمواجهة تحدياتها الخاصة، وأنها ستسعى لفرض التأشيرة على المستوى الأوروبي، والعمل لعرض مشروع العمالة الماهرة من قبل الحكومة على البوندستاغ هذا العام.


إلى ذلك، يفترض النهج المتفق عليه الآن العمل باتفاقات إعادة القبول مع كل من اليونان وإيطاليا، البلدين الأكثر تأثرًا واستقطابًا للاجئين الواصلين عبر المتوسط، وذلك بحكم موقعيهما الجغرافيين على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. وبعدما وافقت الحكومة في أثينا، يبقى الترقب سيد الموقف لما سيؤول إليه الوضع مع إيطاليا التي باتت حكومتها بيد اليمين الشعبوي، والاتفاق معها غير مؤكد في الوقت الحالي.

الاتفاق لاقى انتقادًا من منظمة "برو أزول" المدافعة عن حقوق اللاجئين، إذ قال المدير التنفيذي للمنظمة، غونتر بوركهارد، "إن أغنى دولة صناعية تضغط بشكل منهجي على مسؤولية احترام حقوق الإنسان للاجئين في الدول الأوروبية الحدودية الأكثر فقرًا، وبخاصة اليونان، التي تعتمد اقتصاديًا على ألمانيا. إن الأنانية القومية تهيمن وتضعف القيم الأوروبية واحترام حقوق الإنسان".