جرف الصخر المفرّغة من أهلها تستعيد مطالب السيادة مع اغتيال سليماني

17 يناير 2020
المليشيات تسيطر على جرف الصخر(علي محمد/الأناضول)
+ الخط -
يشهد العراق منذ اغتيال قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري الإيراني" قاسم سليماني، ونائب رئيس مليشيات "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، بضربة جوية أميركية مطلع الشهر الحالي، جدلاً محتدماً بشأن اتهامات وجهتها أحزاب ومليشيات مدعومة من طهران للأميركيين باختراق السيادة العراقية، وينسق قادة هذه المليشيات مع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، للخروج بتظاهرة وصفوها بـ"المليونية" للمطالبة بخروج الجنود الأميركيين.

هذه المطالبات دفعت أطرافاً أخرى لمطالبة السلطات العراقية بتحقيق السيادة الداخلية المفقودة في بلدة جرف الصخر بمحافظة بابل (100 كيلومتر جنوب بغداد) التي احتلتها المليشيات وأفرغتها من سكانها منذ نحو 5 سنوات، قبل الحديث عن انتهاكات خارجية للسيادة.

وقال الأمين العام للمشروع الوطني العراقي، جمال الضاري، في تغريدة على "تويتر"، إنّ "جرف الصخر تعد مثالاً صارخاً على الظلم وضياع السيادة الوطنية وهيبة الدولة"، موضحاً أنّ "المليشيات سرقت هذه المنطقة من أهلها، ومنعت حتى رئيس الوزراء من دخولها".

وأضاف أن "من ينتقد الظلم مطالب بأن يعيد الحقوق للمظلومين، وأولهم المبعدون من ديارهم بشكل قسري"، مشدداً على أن "من يريد السيادة عليه أن يحققها داخل بلاده".

وعلى الرغم من تحرير بلدة جرف الصخر من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي عام 2014، إلا أن مليشيات تمنع أهلها من العودة بعدما حولت البلدة الى معسكر يضم سجنا كبيرا بحسب سياسيين وبرلمانيين قالوا إن آلاف المختطفين مودعون في معتقل جرف الصخر الذي تسيطر عليه مليشيات "كتائب حزب الله" العراقية، وفصائل مسلحة أخرى.

وفي وقت سابق، روى رئيس حزب "الحق" العراقي، النائب السابق أحمد المساري، لحظة اختطاف مليشيات تسيطر على بلدة جرف الصخر بمحافظة لوزير الداخلية السابق محمد الغبان 2014 ــ 2016.

وقال المساري إنّ "الغبان الذي كان وزيراً في حكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي اعتقل من قبل فصائل مسلحة تسيطر على بلدة جرف الصخر، حين حاول الدخول إلى البلدة التي كنّا نعتقد أن هذه الفصائل تحتجز فيها آلاف المغيبين الذين اختطفوا خلال سنوات الحرب على يد تنظيم داعش الإرهابي، من محافظات الأنبار (غرباً)، وصلاح الدين (شمالاً)، ومناطق حزام بغداد"، مشيراً إلى تدخل جهات في الدولة العراقية حينها من أجل إنهاء خطف وزير الداخلية الأسبق محمد الغبان.

وعلّق الباحث والكاتب العراقي البارز إياد الدليمي، من جهته، على تكرار السلطات العراقية وقوى وأحزاب داعمة لها حديثهم حول السيادة والانتهاكات المتكررة في البلاد بالقول، "تتذكرون جرف الصخر؟ فيها مئات الآلاف من المدنيين تم تهجيرهم على يد مليشيات إيران، فشلت حكومة المنطقة الخضراء حتى بالدخول إلى المنطقة، تحولت إلى ثكنة عسكرية للمليشيات الإيرانية، وصمة عار كافية لإسقاط العملية السياسية برمتها وليس رئيس الوزراء، ويحدثونك عن السيادة، عجبي!".

ولا تزال الأسر النازحة من جرف الصخر ممنوعة من العودة أو حتى الوصول إلى أطراف البلدة بحسب، حميد الجنابي، وهو أحد الزعماء القبليين في جرف الصخر الذي قال لـ"العربي الجديد" إن جميع محاولات العودة فشلت بسبب بسط المليشيات نفوذها على المنطقة.

كما قال محامون في محافظة بابل، لـ"العربي الجديد"، إنهم تعرضوا للتهديد من قبل مليشيات مسلحة بعد شروعهم برفع دعاوى قضائية ضد الجهات التي تمنع سكان جرف الصخر من العودة إلى منازلهم، مؤكدين أن الضغوط والتهديدات تسببت بإغلاق ملفات شكاوى السكان المبعدين عن منازلهم قسراً.

سياسيون حمّلوا الحكومة السابقة برئاسة، حيدر العبادي، وكذلك السلطات الحالية مسؤولية الصمت عن الكارثة الإنسانية التي تحدث في جرف الصخر.

ووجّه رئيس حزب "الحل"، جمال الكربولي، في نوفمبر/تشرين الأول الماضي جملة تساؤلات للعبادي عن فترة حكمه، من بينها، "متى ستصارح الشعب بأسماء الجهات التي اختطفت وغيبت الأبرياء؟ هل تستطيع تسمية الجهات التي منعت ولا زالت تمنع عودة أهالي جرف الصخر إلى بيوتهم؟"، محملاً العبادي مسؤول الكوارث التي حدثت خلال فترة حكمه.

المساهمون