بعد الصفعة الأميركية لحليفَيْها... ماكرون وميركل يناديان بأوروبا قوية تعتمد على نفسها
وحاز الرئيس الفرنسي، اليوم الخميس، في مؤتمر "إيكس لاشابيل" بألمانيا، جائزة شارلمان، التي تميّز المنخرطين في "الوحدة الأوروبية". وفرضت عليه المناسبة أن يلقي خطاباً، خصوصاً أن التقلبات السياسية في أوجّها.
ودافع ماكرون، بقوة، في خطابه، عن ما أسماه "السيادة الأوروبية"، في مواجهة مختلف "التهديدات الكبرى"، خاصة القادمة من روسيا والشرق الأوسط والصين.
وشدّد على أنه يجب على الأوروبيين "ألا يكونوا ضعفاء". وتساءل "إن كان يتوجب على الأوروبيين أن يكونوا في وضع من يتلقى ولا يبادر"، قائلاً "هل نريد أن نتلقى؟ وأن نَقْبَل قاعدة الآخَر أو استبداد الأحداث؟ أم علينا أن نختار أن نقرر من أجل أنفسنا، وإذن من أجل سيادة أوروبية؟".
ولاحقت التوترات الأخيرة في سورية، الرئيس الفرنسي، الذي دعا إلى وقف التصعيد بين إيران وإسرائيل.
ومن جهتها، لم تُخف المستشارة الألمانية، التي عادت بالفشل من الزيارة الأميركية، وهو الفشل ذاته الذي طبع لقاء سابقا مع ترامب؛ حُدوثَ شرخ في العلاقات الأميركية الأوروبية، وهو ما عبّرت عنه بالقول: "لقد مضى الوقت الذي كنا نعتمد فيه على الولايات المتحدة من أجل حمايتنا"، وهو ما يعني أن يتوجب على أوروبا "أن تأخذ مصيرَها بيدها"، وهذا هو "تحدّينا من أجل المستقبل".
كذلك، عبّر الرئيس الفرنسي عن امتعاضه من المواقف الأميركية الأخيرة من الاتفاق النووي مع إيران، التي أصابت العلاقات الشخصية الودية التي ربطته مع ترامب، والتي تناقلت وسائل الإعلام عناقات ومصافحات الزعيمين، لكنه حرص، في الوقت نفسه، على ألا يذكر الرئيس ترامب بالاسم ولا الولايات المتحدة الأميركية. وشدد على أن فرنسا وأوروبا انحازتا إلى "خيار بناء السلام والاستقرار في الشرق الأوسط".
وقارن ماكرون موقف بلاده "السياديّ"، مع مواقف قوى أخرى، (مشيراً إلى قناة الولايات المتحدة) "التي قررت عدم احترام التعهدات"، وتعهد بأن فرنسا "لن تتخلى، رغم كل شيء، عن خياراتها الخاصة".
وفي الوقت الذي قام فيه الرئيس الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، بالتهديد بفرض عقوبات إضافية على هذا البلد، وهو ما فُهم منه أنه تهديدٌ لكل البلدان التي تتعاون وتستثمر في إيران، خاصة دول الاتحاد الأوروبي، جاء رد الرئيس ماكرون واضحاً وصارماً، فقال متسائلاً "من هو الذي يتوجب عليه أن يقرر خياراتنا التجارية؟"، قبل أن يواصل: "هل هم من يهددنا؟، ومن يبتزّنا من خلال تفسير أن القواعد الدولية التي ساهموا في تطويرها لا تساوي شيئاً، لأنها لم تَعُد في صالحهم".
ودافع ماكرون أيضاً عن "خيار السلام، وعن الرغبة في أن يعيش العالم في ظل توازنات جيو-سياسية كبرى"، وهو ما يعرف أنه ليس بالأمر الهيّن، خصوصاً بعد إطلاق الرئيس ترامب يد إسرائيل ضد إيران في سورية، وبعد افتتاح السفارة الأميركية في القدس، وأيضاً الضغط من أجل اتفاق جديد مختلف مع إيران.