وقف البترول السعودي يدفع مصر باتجاه حلفاء إيران

07 نوفمبر 2016
يغيب الدعم السعودي للشهر الثاني على التوالي (سيد الباز/الأناضول)
+ الخط -

يبدو الأفق مسدوداً أمام سوق الوقود المصرية، إثر إعلان وزارة البترول المصرية، أمس الأحد، أن "شركة أرامكو السعودية الحكومية لم ترسل إلى مصر حتى الآن، احتياجاتها البترولية وفق العقد المبرم بين البلدين في أبريل/نيسان الماضي، وذلك للشهر الثاني على التوالي". وأوضحت أن "الهيئة العامة للبترول تتعاقد حالياً على شحنات بديلة من السوق العالمية".

في هذا السياق، أفاد مصدر مطلع بالوزارة لـ"العربي الجديد"، بأن "مسؤولين في أرامكو أبلغوا نظراءهم المصريين بصورة غير رسمية، بأن الشركة السعودية لم تتلقّ تعليمات مغايرة لما تلقتها من القيادة السياسية في المملكة، مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بشأن عدم إرسال احتياجات مصر البترولية".

وأضاف المصدر أن "حديث المسؤولين السعوديين يكشف بما لا يدع مجالاً للشكّ استمرار الأزمة السياسية بين البلدين، على خلفية التقارب المصري الروسي في القضية السورية، وتأييد مصر لمشروع قرار روسي بشأن الحرب في حلب عكس رغبة السعودية والدول الغربية".

وكشف المصدر عن أن "وزير البترول المصري طارق الملا، عقد في اليومين الماضيين اجتماعات للجنة الأزمة، التي تضم أبرز المسؤولين في قطاع البترول المصري. وتم استعراض عدد من العروض التي تلقتها الوزارة من دول عربية، بناء على طلبها لسدّ العجز المتوقع من استمرار المنع السعودي. وتبين أن جميع العروض ستكلف مصر مالياً أكثر من الاتفاق المبرم مع السعودية والذي من المفترض أن يمتد خمس سنوات كاملة".

وأوضح المصدر أنه "لا بديل للتعامل مع دول كالكويت والجزائر والإمارات بهذه الأسعار العالية لسد العجز مؤقتاً، وذلك لحين إتمام اتفاق طويل الأجل مع دولة أو دولتين بأسعار أفضل". واستبعد أن "يتم توقيع اتفاقات طويلة الأجل قبل بداية العام المالي المقبل في يوليو/تموز 2017".

وحول خريطة الطريق التي اتفق عليها وزير البترول المصري مع المسؤولين العراقيين الأسبوع الماضي لاستيراد البترول العراقي، نوّه المصدر إلى أن "هناك اتصالات رفيعة المستوى سياسية وتنفيذية لحسم هذا الملف قبل نهاية العام الجاري"، لافتاً إلى "إجراء اتصالات مع أحزاب التحالف الوطني الحاكم، الذي تربطه علاقات قوية بإيران، لتسريع إجراءات توقيع اتفاقات لزيادة حصة مصر في بعض آبار البترول العراقية في منطقة البصرة، وإنشاء شبكات متكاملة لنقل البترول الخام والغاز الطبيعي بين البلدين".



وأكد المصدر وجود عقبات أمام هذه الخطة تتمثل في عدم استقرار الأوضاع السياسية في المنطقة، مما قد يحول دون إنشاء خطوط لنقل البترول الخام تتميز بالكفاءة. وهو ما يحاول الجانب المصري تأجيله والمضي قدماً في توقيع اتفاق لتوريد الشحنات عن طريق البحر، وهو ما يستلزم أيضاً، بحسب المصدر، تحسناً في العلاقات المصرية الإيرانية، مما يعتبر خروجاً عن مقتضيات التعاون الاستراتيجي مع السعودية تحديداً في الوقت الحالي.

من جهته، قال مصدر دبلوماسي مصري بديوان وزارة الخارجية إن "علاقة الشد والجذب بين مصر والسعودية قد تنعكس بالسلب على المنطقة بأسرها، خصوصاً إذا اضطرت مصر للإفصاح عن تحسين علاقتها بإيران بهدف توقيع اتفاقات طويلة الأجل لاستيراد البترول العراقي". ورجّح أن "تكون السعودية راغبة في اختبار مدى إخلاص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظامه لها، وما إذا كانت الأزمات الداخلية ستضطره للتعاون العلني مع جارتها اللدود إيران".

وأضاف المصدر أن "التنسيق بين مصر وروسيا حول سورية، وكذلك اللقاءات السرية التي كانت تعقد بين ممثلين للنظام السوري، وقيادات أمنية مصرية خلال العامين الماضيين، لم تكن غائبة عن أعين السعودية. لكن ما أثار حفيظة الرياض هو إعلان مصر موقفها في مجلس الأمن، وما أغضبها أيضاً هو محاولة مصر الالتفاف على الواقعة وتصوير أن التصويت لمشروع القرار الذي تؤيده السعودية ومشروع القرار المقدم من روسيا يستهدف مصلحة المدنيين السوريين".

وعن سبب التباين بين الموقف السعودي في أزمة سورية وانعكاسها على تصدير المنتجات البترولية لمصر من جهة، وبين موقفها المرن تجاه نظام السيسي في أزمة سخرية الأمين العام السابق للمؤتمر الإسلامي إياد مدني منه، أوضح المصدر أن "هذا السلوك من صميم السياسة السعودية المحافظة، فالرياض لا تجاهر بالصدام مع السيسي، ولم تخرج أية تصريحات رسمية من أي مسؤول سعودي تصف وقف تصدير البترول بأنه عقاب سياسي. والمشكلة هنا أن إياد مدني تخطى هذا الخط الأحمر وأحرج الرياض قبل أن يحرج المنظمة، التي تحرص السعودية على استمرارها قائمة، وتحرص على أن تظل مسيطرة على رئاستها لأطول فترة ممكنة".

وذكر المصدر أن "السعودية تراقب باهتمام شديد ما ستؤول إليه مستجدات المسار القضائي لأزمة جزيرتي تيران وصنافير، المنتظر أن يشهد محطات مهمة في الشهر الحالي"، متوقعاً أن "تتعامل السعودية بمرونة أكبر مع مصر إذا تأكدت من سلامة نوايا الحكومة ورغبتها في عرض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية على البرلمان بأسرع وقت ممكن".