معركة سرت في خواتيمها وعين حفتر على طرابلس

12 أكتوبر 2016
قوات حفتر اقتربت من سرت (عبدالله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -


بعد خمسة أشهر من القتال، يوشك مقاتلو عملية "البنيان المرصوص" التابعة للمجلس الرئاسي، على إنهاء المعركة في سرت شرقي ليبيا، ضد ما تبقى من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في وقت بدأت قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر تحركات عسكرية للسيطرة على العاصمة طرابلس.

ورغم التصريحات المتكررة لمسؤولين عسكريين تابعين للغرفة، عن تمكّنهم من ضرب حصار خانق على مقاتلي التنظيم في آخر معقل لهم في المدينة، إلا أنّ الحياة لم تعد إلى طبيعتها في أجزاء واسعة منها، رغم خروجها من ساحة الحرب، وسط شعور سكانها النازحين إلى خارجها بعدم الأمان.

ويتساءل مراقبون للشأن الليبي، ما إذا كانت معركة سرت ستخلّف مزيداً من المعارك، لا سيما مع اقتراب قوات حفتر من منطقة سرت بعد سيطرته، خلال الأسابيع الماضية على مرافئ النفط، وتشكيل منطقة لا تزيد مساحتها عن 50 كيلومتراً، كنقطة تماس بين قواته وقوات الرئاسي، اللتين خاضتا حروباً عنيفة في السنوات الماضية.

ويرى مراقبون أنّ حفتر لن يقدم على خوض حرب في صحراء سرت، حيث لا تشكل له الكثير من المكاسب، لكنّ يده ربما تمتد للسيطرة على العاصمة طرابلس، من خلال قوات موالية له تعسكر على تخومها الجنوبية والغربية.

ولا يخفى أنّ معركة سرت شكلت لمصراته، القوة العسكرية والسياسية الكبرى في غرب ليبيا، خسارة كبيرة، حيث وصل عدد قتلاها إلى ما يقارب 500 جندي، وأكثر من 2500 جريح. وأجبرت مصراته على إعادة الكثير من قواتها وعتادها العسكري من تمركزاتها في طرابلس، أو نقلها إلى سرت لتعويض ما فقدته خلال المعركة، وهو مؤشر لافت إلى ضعف وجودها في العاصمة، مما يسهل عملية اقتحامها من قبل حفتر، بشكل أكثر سهولة من أي وقت مضى.

ويعوّل حفتر على جيش القبائل في ورشفانة، المشكل من مقاتلين وضباط موالين لنظام الرئيس السابق معمر القذافي، بالإضافة لقوت الزنتان التي أخرجت من مواقعها العسكرية بطرابلس من قبل قوات عملية "فجر ليبيا" نهاية العام 2014، فضلاً عن فصائل مسلحة منتشرة في فشلوم وتاجوراء وقصر بن غشير، وهي أحياء مؤثرة في العاصمة.


وتأتي هذه التحركات العسكرية، وسط أحداث تعكس رغبة "خفية" لحفتر في السعي للسيطرة على العاصمة طرابلس.

فقد طالبت حكومة الغويل، المنبثقة من المؤتمر الوطني السابق والتي لا تزال تتواجد في طرابلس، في بيان، أمس الثلاثاء، عن التشكيلات العسكرية والأمنية المنطوية تحت رئاسة أركان المؤتمر الوطني العام، بضرورة "التأهب والاستعداد للعودة بالوطن إلى حالة الإستقرار والأمان، وإعادة سيطرتها على العاصمة طرابلس".

ويأتي بيان حكومة الغويل بالتوازي مع تصريحات لمسؤولين محسوبين على التيار المعارض لحفتر، من بينهم رئيس "المجلس الأعلى للدولة" عبد الرحمن السويلحي، والذي أعلن أنّ "البيانات الرنانة لا تكفي لمواجهة فوضى السلاح والحنين لدكتاتورية تستحيل عودتها"، مشدداً على أنّ الأمر "يتطلّب قرارات قوية تتبعها إجراءات حاسمة".

وفي جنزور بالضاحية الغربية لطرابلس والمتاخمة لورشفانة، أعلن 13 ممثلاً للمجالس العسكرية في غرب ليبيا وطرابلس، رفضهم لمن "يصور نفسه على أنه منقذ ومخلص ليبيا من مشاكلها وأزمتها الراهنة، من خلال تقويض الأوضاع العسكرية والانقلاب على السلطة"، في إشارة واضحة إلى مساعي حفتر العسكرية، مؤكدين جاهزيتهم للتعامل مع من وصفوهم بـ"الخونة والمندسين".

ويبدو أن هذا الحراك العسكري المعارض لمساعي حفتر أزعج داعميه في شرق البلاد، فقد طالب رئيس أركان قوات البرلمان عبد الرزاق الناظوري "جميع الشباب المنضمين للتشكيلات المسلحة في المنطقة الممتدة من مدينة الزاوية حتى رأس أجدير غرباً بضرورة التخلي عن تشكيلاتهم وترك السلاح"، عارضاً على مسلحي هذه التشكيلات توفير فرص للعمل وبعثات دراسية في الخارج مقابل إلقائهم للسلاح.

ويأتي ذلك وسط انشقاقات تضرب صفوف القوات الموالية لحفتر في جنوب وغرب ليبيا، حيث أعلن قائد جيش القبائل ورشفانة عمر تنتوش رفضه لقرار إقالته الصادر من حفتر، في حين دعا ممثل حفتر في المجلس الرئاسي علي القطراني، في لقاء تلفزيوني، أمس الثلاثاء، أهالي بني وليد وترهونة وورشفانة في المنطقة الغربية إلى "دعم الجيش".

وفي إشارة واضحة لاستعانته برموز ومؤيدي النظام السابق، قال القطراني إنّ "أنصار النظام السابق مرحب بهم، على أن نحتكم إلى صندوق الانتخابات وحصر السلاح في المؤسسة العسكرية فقط"، كاشفاً عن الوجهة العسكرية الجديدة لحفتر بالقول "لأهلنا في طرابلس نقول استعدوا للالتحام بجيشكم لأنه المنقذ الوحيد للجميع".

وفي خضم هذه الأحداث التي لم تعد تخفي رغبة حفتر في دخول العاصمة أو إيجاد موضع قدم له فيها، بقيت مواقف المجلس الرئاسي "متذبذبة" من التحركات العسكرية الأخيرة لا سيما في الهلال النفطي.

المساهمون