عكست جملة من القرارات والخطابات المتداولة، أمس الإثنين، داخل المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق الوطني"، والمجلس الأعلى للدولة، في ليبيا، صراعات وخلافات حادة قد تهدد مستقبل هذين المجلسين، وسط بروز تحالفات واصطفافات جديدة في طرابلس.
وطالب ثلاثة من أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، مساء الإثنين، وزارء الحكومة والأجهزة الحكومية الأخرى، بما فيها محافظ البنك المركزي، بعدم الاعتداد بقرارات رئيسي المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة، بشأن تعيين رئيس جديد لهيئة الرقابة الإدارية الذي يُعتبر أعلى سلطة رقابية في الدولة.
وبحسب نسخة من الخطاب، حصل عليها "العربي الجديد"، فإنّ الأعضاء الثلاثة هم: أحمد معيتيق، وعبد السلام كجمان، وفتحي المجبري.
ويشير الخطاب إلى تكليف رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي، سليمان الشنطي برئاسة هيئة الرقابة الإدارية، وهو القرار الذي زكّاه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، الأسبوع الماضي.
واعتبر خطاب الأعضاء الثلاثة أنّ قرار السراج "صادر بالمخالفة"، مستندين في ذلك إلى مبدأ الفصل بين السلطات، حيث تناط مهمة تكليف شاغلي المناصب السيادية بمجلس النواب، بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، مشيرين إلى أنّ نصوص الاتفاق السياسي تؤكد على أنّ مهمة إعفاء شاغلي المناصب السيادية "اختصاص أصيل لمجلس النواب بعد موافقة ثلثي أعضائه"، بحسب الخطاب.
ويعكس الخطاب شكلاً من الخلافات الجديدة بين مسؤولي السلطة في طربلس، إذ يأتي بعد أيام من خطاب أصدره عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أحمد امعيتيق، بشأن عدم قانونية تعيين السراج لحميدة بن عمر وزيراً جديداً للصحة، مطالباً كل الجهات الحكومية بعدم تنفيذ القرار.
وبحسب مصادر مقرّبة من المجلس الرئاسي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ "الخلافات الحالية بين مسؤولي المجلس الرئاسي جاءت بعد انحياز المشري للسراج، من أجل إفشال مساعٍ كان يقودها، منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعضاء من مجلسي الدولة والنواب للإطاحة بالسراج، وإعادة تشكيل المجلس الرئاسي، وتكليف حكومة وفاق جديدة، مقابل تعيين السراج لعدد من الوزراء المقربين من المشري، مثل علي العيساوي وزيراً للاقتصاد، ومباركة السراج لتكليف المشري للشنطي رئيساً لهيئة الرقابة".
ويبدو أنّ التحالفات والاصطفافات الجديدة التي بدأت تبرز خلافات بين مسؤولي السلطة في طرابلس، لم تتوقف عند مسؤولي المجلس الرئاسي ومجلس الدولة، فقد دخلت هيئة الرقابة الإدارية على خط التصعيد بعدما طلب رئيس الهيئة الحالي نصر حسن، في خطاب آخر، مساء الإثنين أيضاً، من جميع وزارات الحكومة والهيئات والمصالح العامة عدم الاعتداد بقرارات السراج "لعدم قانونيتها، وصدورها دون إجماع كل أعضاء المجلس"، بحسب ما نص عليه الاتفاق السياسي.
وفي خطاب آخر، طالب حسن المجلس الأعلى للدولة برفع الحصانة عن رئيسه المشري، لتمكين الهيئة من التحقيق معه في قضية تعود إلى زمن تولّي الأخير لرئاسة اللجنة المالية بالمؤتمر الوطني العام السابق عام 2013.
وتحمل خطابات هيئة الرقابة الإدارية ما يمكن اعتباره تهديداً لأوضاع الكثير من الهيئات والمراكز المنشأة بقرارات من السراج، بما فيها تعيينات الوزراء الجدد، إذ أكدت هذه الخطابات أنّ تكليفات المجلس الرئاسي بوظائف قيادية كالوزارات ورئاسة المؤسسات والمصالح والأجهزة والمراكز العامة غير قانونية دون أن يجمع عليها كافة أعضاء المجلس الرئاسي.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أنّ "السراج والمشري يواجهان في المقابل، تحالفات جديدة تسعى للإطاحة بهما، من بينها جهود إعادة عضوي المجلس الرئاسي المقاطعين علي القطراني وفتحي المجبري، لعضوية المجلس"، مؤكدة أيضاً أنّ "شخصيات من مجلس النواب موالية لعقيلة صالح رئيس المجلس، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، تقف وراء مجريات ما يحدث في طرابلس، بهدف إرباك الأوضاع السياسية فيها".
يُذكر أنّ المجلس الرئاسي مؤسسة تنفيذية، بينما المجلس الأعلى للدولة هيئة استشارية، تم تأسيسهما في ليبيا بعد الاتفاق السياسي الذي جرى توقيعه في مدينة الصخيرات المغربية، في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، تحت رعاية الأمم المتحدة.