سيناء في ذكرى حرب أكتوبر: عمليات الجيش تسرق الفرح

06 أكتوبر 2017
يدفع الأهالي ثمن حرب الجيش في سيناء (إد جيلز/Getty)
+ الخط -
باتت ذكرى حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 مصدراً للحزن لدى أهالي سيناء بدلاً من الاحتفالات، إذ مع بداية الحرب على الإرهاب المحتمل كما قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد العام 2013، دخلت أرض الفيروز، كما يحلو لأهالي سيناء تسميتها، دوامة من العنف أزهقت أرواح المئات من أبنائها، وأدخلت الآلاف خلف السجون وغياهب الاختفاء القسري.
التقت "العربي الجديد" عدداً من أبناء سيناء، ممن شاركوا وكانوا حاضرين في حرب أكتوبر. بعضهم فَقَد أبناء له أو بيوتاً بسبب عمليات الجيش الأخيرة في سيناء، والتي أضرت بالمدنيين أكثر من تنظيم "ولاية سيناء" الإرهابي، إذ أدت العمليات العسكرية إلى تدمير مئات المنازل في مدينتي رفح والشيخ زويد خلال السنوات الأربع الماضية.

الحاج جهاد أبو محمد (اسم مستعار)، وهو أحد المشاركين في حرب أكتوبر، قال لـ"العربي الجديد"، إن "أفعال الجيش المصري معنا في الوقت الحالي قد تدفع بعض ضعاف النفوس للندم على ما قدّمناه قبل أربعة عقود، فليس هكذا يكافأ أصحاب خط الدفاع الأول عن الجمهورية". وأشار الحاج السبعيني، الذي يقطن في مدينة بئر العبد بعد أن رحّله الجيش من قريته في جنوب الشيخ زويد، إلى أنه في ذكرى الحرب بات يستذكر ما حصل به وبأحفاده على يد الجيش جنوب الشيخ زويد قبل عامين، بدلاً من إخبارهم عن بطولات جدهم وأقرانه في حرب أكتوبر وما سبقها من سنوات في فترة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء. وأضاف: "نحن دعمنا الجيش بأرواحنا وأموالنا وممتلكاتنا منذ حرب 1967 وحتى اندحار الاحتلال من أرضنا، إلا أنه للأسف لم يرد لنا الجميل، بل عوملنا بقسوة على مدار أربع سنوات لم نرَ مثلها إبان الاحتلال الإسرائيلي".

في العريش، التقت "العربي الجديد" طبيباً كان يعمل على علاج الجرحى في مستشفى المدينة منذ حرب 1967 وما تلاها من حرب استنزاف بين مصر وإسرائيل، فيما فَقَد نجله الذي قُتل برصاص كمين للجيش جنوب المدينة قبل أشهر. وبعد أن نبّش بذاكرته عما قدّمه للجيش في فترة ما قبل حرب 1973 وبعدها، قال: "لو أن هذه الأرض تتكلم، للطمت الجنود الذين يؤذون أهالي سيناء من دون مبرر منذ سنوات، وكذلك ستفعل مع البعض الذين يتهمونهم بالخيانة، لكن للأسف قادة الجيش نسوا ما قدّمناه في سيناء".
وأشار إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي لم يقوَ على تهجير أهل سيناء من أرضهم، إلا أن جيشنا للأسف فعل ذلك، فأجبر الآلاف على ترك منازلهم التي ولدوا وعاشوا فيها، وقتل من أبنائهم، وأصاب واعتقل الكثيرين"، مضيفاً: "من عايش حرب 73، ويرى ما يفعله الجيش الآن، من حقه أن يصاب بالجنون".


ويستشهد غالبية من التقت "العربي الجديد" بهم، بحديث مدير الاستخبارات الحربية في ذلك الوقت، اللواء فؤاد نصار، أمام الرئيس الراحل محمد أنور السادات والقيادات العسكرية عقب انتهاء الحرب، وقوله: "لم تكن لدينا أقمار صناعية، لكن كانت لدينا هذه الأعين الثاقبة والصادقة من أبناء سيناء، لقد جعلوا المواقع الإسرائيلية كتاباً مفتوحاً أمام القوات المسلحة، فلولا أبناء سيناء ما كانت حرب أكتوبر وما تحررت سيناء".

وتشهد السجون الإسرائيلية حتى الآن على نضال أهالي سيناء، إذ تُغيّب ستة من رجال سيناء الذين اعتُقلوا خلال هذه الحرب وبعدها، وهم موسى عيد الجديعي، وجديع عيد الجديعي، وزاير صالح سالم أبوتليل، وعواد عودة الزميلي، وزيد سليمان سلامة أبو عكفة، ومراحيل سلمان هويشل.

وقال أحد مشايخ سيناء لـ"العربي الجديد"، إن أنشطة أبناء سيناء في حرب أكتوبر والسنوات التي سبقتها، كانت متنوعة، فمنهم من سعى لتنفيذ عمليات بيده، وآخرون احترفوا في نقل المعلومات عن تحركات الجيش الإسرائيلي وقدراته للاستخبارات الحربية، ومنهم من دعم الجيش في تحركاته الاستطلاعية. وأشار إلى أن "سيناء اعتادت أن تحتفل بذكرى الانتصار على مدار العقود الماضية، باللقاءات الجماعية والاستماع لمن شاركوا، وزيارة المجاهدين السيناويين من قبل القبائل والتجمعات الشبابية، إلا أن ذلك اختفى منذ تبدّلت عقيدة الجيش المصري في التعامل مع أهالي سيناء، وعدم حفظ الحد الأدنى من الكرامة لهم".

المساهمون