تفاصيل خطة قمة برلين للحل في ليبيا

24 ديسمبر 2019
رؤية سلامة تشكل إطار الحل في ليبيا(غابرييل ماريتشيلو/Getty)
+ الخط -
كشفت مصادر ليبية أنّ كواليس الإعداد لقمة برلين انتهت بوضع خطة جديدة تتماشى مع الرؤية التي طرحها المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، تمهيداً للحل في ليبيا، مبينةً أن الأطراف التي تعمل على الإعداد لقمة برلين على قناعة بأن رؤية سلامة تشكل الإطار الواسع والأقرب لحلول واقعية في ليبيا.

وأكّدت المصادر، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، أن حكومة الوفاق تعاطت مع الجهود الجديدة، فيما أكّد برلماني مقرّب من اللواء المتقاعد خليفة حفتر أن الأخير لا يزال يماطل في القبول بها رغبة منه بإحراز المزيد من التقدم العسكري في عدة نقاط في غرب البلاد، وتحديداً في العاصمة طرابلس بهدف تحسين شروطه التفاوضية.

وكشفت المصادر أنّ "شكل الخطة الجديدة يتمثل في تشكيل مجلسين، الأول عسكري يضم ضباطاً ممثلين لحفتر وآخرين لحكومة الوفاق، والثاني وطني يضم 80 شخصية وطنية ليبية يمكن أن تنوب عن السلطات التشريعية"، التي أفرزها الاتفاق السياسي عبر غرفتين هما مجلس النواب ومجلس الدولة، اللذان يعيشان حالة تشظٍّ في قراراتهما وتحيزهما لأطراف الصراع الحالية.

وحتى الآن، لا يزال حفتر يماطل بتقديم شخصيات عسكرية تمثله لتكوين مجلس عسكري، فيما رشحت الحكومة في طرابلس خمس شخصيات عسكرية تمثلها.

ويناط بالمجلس العسكري مهام الإعداد لتصور لوقف القتال وتحديد النقاط التي تعسكر فيها كلتا القوتين المتصارعتين جنوب طرابلس، تمهيداً لحوار أمني شامل في ليبيا ينتهي بتوحيد المؤسسة العسكرية في البلاد.

وقال البرلماني الليبي، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "حفتر وجد في التطورات الجديدة التي تلت توقيع تركيا اتفاقاً أمنياً وبحرياً مع حكومة الوفاق فرصة للمماطلة أكثر، لكنه يدرك جيداً أن الخطة الجديدة التي تعمل واشنطن على فرضها ستنتهي إلى التطبيق لكنه يحاول كسب الوقت لتحقيق جديد على الأرض"، مبيناً أنه "يحاول حالياً تهديد مصراته لتحييدها عن ساحة الحرب في طرابلس بعدما فشل سابقاً في إنجاز ساعة الصفر التي أطلقها قبل أسبوعين معولاً على خلايا مسلحة نائمة داخل طرابلس لإحداث اختراق في دفاعات الحكومة".

وأشار المصدر إلى أن "حفتر تلقى بشكل واضح من المساعد الخاص للرئيس الأميركي والمدير الأول للتقييم الاستراتيجي لمجلس الأمن القومي فيكتوريا كوتس، شرحاً واضحاً للرؤية الأميركية بشأن الحل في ليبيا وأعلمته بأن قضية حل المليشيات في طرابلس التي يتخذ منها حفتر ذريعة لحربه على العاصمة تم الاتفاق بشأنها مع الحكومة التي ستبدأ فعلياً في تقويض سلطتها وتنفذها في مفاصل الدولة ومؤسساتها".

وكانت الحكومة الأميركية وحكومة الوفاق قد أطلقتا حواراً أمنياً مشتركاً، وفق بيان مشترك منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ممثلتين بوزير الخارجية بحكومة الوفاق محمد سيالة ووزير الداخلية فتحي باشاغا من جانب، وعدد من المسؤولين الأميركيين من جانب آخر، قبل أن تعلن وزارة الخارجية الأميركية نهاية الشهر ذاته عن لقاء ضم وفداً أميركياً على رأسه، فيكتوريا كوتس، لبحث سبل إنهاء النزاع في ليبيا.

وأشارت الخارجية الأميركية، حينها، إلى أن لقاء الوفد الأميركي مع حفتر "استعرض المحادثات الأخيرة مع المسؤولين المقيمين في طرابلس بهدف إرساء أساس مشترك للتقدم بين الطرفين بشأن القضايا التي تفرق بينهما، في سياق التحرك صوب وقف إطلاق النار. وتشمل هذه الجهود الملموسة معالجة المليشيات والعناصر المتطرفة، وتوزيع الموارد بحيث يستفيد منها جميع الليبيين".

من جهة ثانية، كشف مصدر حكومي من طرابلس، أن اللقاء مع حفتر كان بالعاصمة البحرينية المنامة، حيث كان رئيس حكومة الوفاق فائز السراج موجوداً أيضاً في المنامة. وقالت السلطات البحرينية، وقتها، إن السراج "يقوم بزيارة خاصة لمملكة البحرين ولم يكن هناك جدول أعمال لأي مواضيع سياسية"، بينما يؤكد المصدر أن حفتر والسراج لم يلتقيا.

وذكر المصدر أن "الأطراف الليبية أبلغت بضرورة إجراء حوار أمني موسع لتشكيل مجلس أعلى يقود المؤسسة العسكرية وفق اتفاقات ثنائية بين طرفي الصراع في طرابلس والرجمة، توازياً مع الحوار الاقتصادي الذي تقوده أيضاً واشنطن لتوحيد المؤسسات الاقتصادية، كان آخره اجتماع للممثلين عن البنك المركزي في طرابلس والبنك الموازي في البيضاء ومؤسسة النفط في تونس الأسبوع الماضي".

وبالتزامن مع إعلان الخارجية الأميركية عن لقاء الوفد الأميركي بحفتر، أعلن وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، عن عزم الحكومة البدء في تطبيق خطة لضبط الوضع الأمني في طرابلس، بل وجه تحذيراً مباشراً لـ"المجموعات المسلّحة وبعض الشخصيات في عدد من الإدارات، من ابتزاز الدولة والتدخل في مؤسساتها المالية وغيرها"، مطالباً إياها بـ"المراجعة فالأيام المتبقية قليلة جداً".

وعن الحوار الاقتصادي الجاري بين ممثلي المؤسسات الليبية المنقسمة، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مورغان أورتاغوس، السبت الماضي، "لقد أظهر الحوار الاقتصادي الليبي الشامل الأخير في تونس تقدماً بناءً"، مضيفة "إذا ما أعطت الجهات الفاعلة الخارجية لليبيين الوقت والفضاء للتفاعل مع بعضهم البعض".

وحول المجلس الوطني، تتفق المصادر على قرب إطلاق البعثة الأممية للقاءات ستجمع قيادات ليبية من مختلف المناطق في العاصمة السويسرية جنيف، مرجحة أن تكون تلك الشخصيات فد تم اختيارها من القائمة ذاتها التي كانت ستشارك في لقاء غدامس الذي كان من المفترض أن ينعقد منتصف إبريل/نيسان الماضي. ورجحت أيضاً أن تخرج لقاءات جنيف باتفاق على تأسيس مجلس وطني يعلن عن خارطة طريق جديدة تصادق عليها قمة برلين المقبلة.


تحركات مصرية

من جانب آخر، تشارك وزارة الخارجية المصرية في حراك واتصالات دبلوماسية واسعة حول ليبيا، لإحياء عملية التحضير لمؤتمر برلين غير محدد الموعد حتى الآن، وكذا للرد على استفسارات غربية عديدة للوقوف على مستجدات الأوضاع الميدانية حول طرابلس، ومحاولة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين قوات حفتر وقوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا.

وأجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، اليوم الثلاثاء، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، في إطار التشاور المستمر بشأن القضايا التي تهم البلدين وتطورات الأوضاع الإقليمية. وقال بيان الخارجية المصرية إن الوزيرين تبادلا الرؤى حول آخر مُستجدات قضايا المنطقة، وفي مُقدمتها الشأن الليبي، لا سيما في ظل توقيع مذكرتي التفاهم بين الحكومة التركية وحكومة الوفاق مؤخراً.

وتجدر هنا ملاحظة أن الخارجية المصرية لم تعد تذكر مصطلح "حكومة الوفاق" في جميع بياناتها الرسمية، مع الاكتفاء بذكر اسم رئيسها فائز السراج، مجردا من صفته السياسية، في إشارة لعدم اعتراف حكومة عبد الفتاح السيسي بحكومة الوفاق.

كما تناول وزير الخارجية المصري مستجدات الوضع في المشهد الليبي في اتصالات هاتفية مع كل من مستشار المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، للشؤون الخارجية يان هيكر، ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة. وكان شكري قد تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي لويجي دي مايو، منذ 5 أيام، وتطرقا لآخر مستجدات الأزمة في ليبيا.