لكمة لنتنياهو: تقرير يكشف أسراراً نووية إسرائيلية

16 فبراير 2015
خطوة لم تكن في بال نتنياهو (getty)
+ الخط -
تلقّى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضربة استباقية غير محسوبة، قبل إلقائه خطابه المنتظر أمام الكونغرس الأميركي، قد تؤدي إلى تحويل مسار الجدل في واشنطن على غير ما يهواه نتنياهو، من خلال تركيز الأنظار على أسلحة الدمار الشامل التي تملكها إسرائيل بدلاً من مشروع إيران النووي.

وتوالت الانتقادات الحادة على أعضاء الكونغرس الأميركي، بعد صدور التقرير، لأنهم لم يعقدوا جلسة استماع واحدة لمناقشة برنامج إسرائيل النووي والدور الأميركي في مساعدة إسرائيل على تصنيع ترسانتها من أسلحة الدمار الشامل، بما يخالف القوانين الأميركية نفسها. ونشرت إدارة الرئيس باراك أوباما تقريراً علمياً عسكرياً يعود إلى عام 1987، ويتألف من 386 صفحة تحت عنوان: "تقدير التكنولوجيا المصيرية لإسرائيل ودول حلف شمال الأطلسي".


ولم يكن في ذهن الباحث في معهد أبحاث الشرق الأوسط غرانت سميث أنّ طلبه الذي رفعه قبل ثلاث سنوات للإفراج عن التقرير المشار إليه بموجب قانون "حرية الحصول على المعلومات"، والذي طالما عاندته وزارة الدفاع "البنتاغون"، سيتحقق فجأة. وفي الأسبوع الماضي، أصدرت إحدى محاكم العاصمة واشنطن قراراً يسمح بنشر كل ما يتعلق بإسرائيل في التقرير، وإزالة كل ما له صلة بدول حلف الأطلسي، حفاظاً على أسرار تلك الدول العسكرية.

وقد تكون الصدفة وحدها هي التي خدمت الرئيس الأميركي في صدور قرار قضائي يعكر صفو خطاب نتنياهو المنتظر. وربما يكون الصراع الخفي بين قوى النفوذ في واشنطن هو الذي دفع نحو إصدار حكم القضاء في هذا التوقيت بعد مماطلة طويلة، وفي وقت تخشى فيه إدارة أوباما أن يعمل نتنياهو على تحريض المجتمع الأميركي ضدّ سياساته المسالمة مع إيران.

ويقول خبراء القانون إنّه لو لم يأت القرار القضائي مع هوى الإدارة لما وافق "البنتاغون" على إصداره من الأساس، إذ إن القضاء في مثل هذه الحالات يترك الخيار لمسؤولي السلطة التنفيذية في تقدير ما يمكن الكشف عنه، وما لا يمكن إزالة ستار السرية عنه.
ويكشف التقرير تفاصيل دقيقة حول مساعدة الولايات المتحدة إسرائيل في بناء قنبلة هيدروجينية قبل عام 1987. ويشير إلى أن المنشآت النووية الإسرائيلية تحاكي في تصميمها المنشآت النووية الأميركية. ويبيّن أن المساعدة الأميركية لإسرائيل في ذلك الوقت انتهكت عملياً القانون الدولي ومعاهدات منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، علاوة على انتهاك القوانين الأميركية.

ومن المتوقع أن تُستخدم المعلومات الواردة في هذا التقرير لكبح جماح أعضاء الكونغرس الذين يهاجمون إدارة أوباما، ويستعينون بنتنياهو في ذلك، متهمين الإدارة بالهرولة نحو إيران من أجل توقيع اتفاق بشأن مشروعها النووي، مما قد يقربها من صنع قنبلة نووية تهدد بها أمن إسرائيل. ويرد المدافعون عن الاتفاق المحتمل مع إيران بأن طهران قد وقعت على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، في حين أن إسرائيل من الدول القليلة جداً الرافضة للتوقيع.
وكان قد بدأ التوقيع على المعاهدة التي اقترحتها إيرلندا في 1 يوليو/تموز 1968، ووقعتها حتى الآن جميع دول العالم باستثناء الهند وباكستان وإسرائيل. كما انسحبت منها كوريا الشمالية في عام 2003.


وفي الوقت الذي كان توقيع إيران على المعاهدة هو المبرر القانوني الأقوى للتدخل الدولي في برنامجها النووي ومحاولة فرض الرقابة عليها، فإن رفض إسرائيل للتوقيع يقف حائلاً أمام إيجاد مبرر قانوني للتفتيش على منشآتها النووية. غير أن المبرر الأخلاقي والإنساني يفرض على الدول الكبرى عدم السكوت عن ترسانة إسرائيل النووية، ومعاقبة من ساعدها في الحصول على تكنولوجيا تصنيع تلك الأسلحة.
وتلزم المعاهدة الدولية الدول الموقعة عليها عدم نقل التكنولوجيا النووية إلى دول أخرى وعدم تطوير ترسانتهم من الأسلحة النووية، وعدم استعمال السلاح النووي إلا في حال التعرض إلى هجوم نووي من قبل دولة أخرى. واتفقت الدول الموقعة أيضاً على تقليل نسبة ترسانتها من الأسلحة النووية، وتكريس قدراتها النووية لأغراض سلمية. وبحسب ما كان يردّد محمد البرادعي أثناء رئاسته للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن هناك 40 دولة قادرة على تصنيع أسلحة نووية في حال اتخاذ حكوماتها قراراً بهذا الشأن.
المساهمون