مفاوضات الأيام الأخيرة لـ"النووي" الإيراني

28 يونيو 2015
التقى ظريف وكيري أمس في فيينا (برندان سميالوفسكي/فرانس برس)
+ الخط -
تقترب المهلة المحددة لولادة الاتفاق النهائي بين إيران والغرب من نهايتها يوم الثلاثاء المقبل 30 يونيو/حزيران الحالي، في ظلّ تكاثر الملفات الناجمة عن تداعيات الاتفاق من عدمها، وتأثيراته العالمية، من الداخل الأميركي والإيراني إلى العالم. وجاء لقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف، أمس السبت، لمنح المباحثات دفعة جديدة، قد تؤدي إلى توقيع الاتفاق، وإن لم يكن ضمن المهلة المحددة.

ويواجه كيري ضغوطات داخلية واسعة في هذا الصدد، إذ "نصحه" السياسي الجمهوري البارز جون سنونو، بـ"الانسحاب من المحادثات النووية مع إيران". وحذّر سنونو من أي "تنازلات أميركية إضافية في اللحظات الأخيرة من المباحثات"، مطالباً كذلك بـ"عدم الموافقة على تمديدها". ولمّح سنونو في تصريحات إذاعية، إلى أن "إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما سوف تكسب بانسحابها من المفاوضات، بإزالة مصدر من مصادر الصداع الداخلي الموجع لها ولخصومها، على حد سواء".

وجاءت نصيحة سنونو التي تُعبّر عن رأي شريحة واسعة من السياسيين الجمهوريين، خلال توجّه كيري إلى العاصمة النمساوية فيينا، لإنقاذ المفاوضات من الفشل، بعد أن ترددت أنباء عن صعوبات جوهرية تواجه الاتفاق قبل يوم الثلاثاء. لكن بعض المتفائلين في واشنطن، يرون أن "قرار كيري بالسفر إلى فيينا لم يأتِ إلا لغرض التوقيع على الاتفاق، أو المشاركة في وضع اللمسات الأخيرة عليه، مع وزراء خارجية بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا"، الذين سيتقاطرون إلى فيينا قبل انتهاء مهلة 30 يونيو. ويندرج حديث أفرقاء التفاوض عن "الصعوبات"، في سياق تبرير التنازلات التي اتفق الطرفان على تقديمها لبعضهما في سبيل إنجاح الاتفاق.

ويتواجد في فيينا حالياً وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي بدأ العمل مع نظيره الأميركي على تذليل عقبات الأيام الأخيرة من المفاوضات، وأكدا عقب لقائهما أنه "لا يزال أمامنا عمل شاق للتوصل إلى اتفاق نووي". وقال كيري "لا يزال أمامنا عمل شاق وهناك نقاط معقّدة جداً" لا بد من حلّها، بينما أضاف ظريف "علينا العمل بجدّ لإحراز تقدم". في إشارة إلى صعوبة المراحل الحالية.

اقرأ أيضاً وثيقة: الغرب مستعد لتقديم مفاعلات ذات تكنولوجيا فائقة لإيران

ونقلت وكالة "أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية" عن ظريف قوله، أمس السبت، إن "إيران ستتوصل لاتفاق نووي مع القوى العالمية الست، ما دام الطرف الآخر لا يقدم مطالب مبالغ فيها". وقال ظريف عند وصوله إلى فيينا للجولة الأخيرة من المحادثات "إذا اتخذ الجانب الآخر خطوات إيجابية ولم يتقدم بمطالب مبالغ فيها فمن المؤكد أننا سنتوصل لاتفاق يفيد الجميع".


مع العلم أنه في حال إنجاز الاتفاق سيعمد الجمهوريون إلى استغلاله في الهجوم على الحزب الديمقراطي، ومرشحه للرئاسة (الذي لم يتحدد بعد)، خلال السباق الرئاسي السنة المقبلة، ولكن من المستبعد أن تمتد معارضة الاتفاق إلى مستوى العمل على إفشاله، بعد خروج أوباما من البيت الأبيض، لأن المؤسسات الفعلية الحاكمة تبدو متفاهمة على ضرورة انسحاب الولايات المتحدة التدريجي من المنطقة العربية، وإيجاد قوى بديلة لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وتنظيم "القاعدة" والجماعات الموالية لهما.

وفي السياق، يقول المحرران السياسيان في وكالة "رويترز" جون آيريش ولويس شاربونو، إن "الخلافات الرئيسية التي قد تحول دون توقيع الاتفاق في موعده المقرر، تكمن في إصرار إيران على الرفع الفوري للعقوبات الاقتصادية عنها، عند توقيع الاتفاق، في حين تسعى الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى أن يتدرج رفع العقوبات وفقاً لجدول متزامن مع إيفاء إيران بالتزاماتها، بما في ذلك فتح منشآتها العسكرية النووية وغير النووية، أمام التفتيش الدولي، وورود تقارير إيجابية من جانب المفتشين".

وتوقّع دبلوماسي غربي كبير، تمديد المفاوضات لمدة يومين أو ثلاثة أيام إضافية بعد المهلة المحددة، واعتبر في حديث لـ"رويترز"، أن "الأيام القليلة المقبلة ستكون صعبة جداً". وقال مفاوض إيراني بارز للصحفيين الإيرانيين، إن "المفاوضات الحالية عملية بطيئة وصعبة".

ومن المحتّم على وزراء خارجية الدول الست أن يتوصلوا مع نظيرهم الإيراني، إلى آلية لتمكين إيران من تخفيض مخزونها من اليورانيوم المخصب، ومن المتوقع أن تؤدي روسيا في هذا الصدد دوراً عملياً. ومع ذلك، ستظلّ إيران مطالبة كذلك بتخفيض أعداد أجهزة الطرد المركزي، التي تستخدمها حالياً أو توفير قدر من الشفافية، يكون كافياً لإقناع المفتشين الدوليين بأن طهران لا تعتزم تخصيب المزيد من اليورانيوم سراً. 

ويرى مختصون في الشأن الإيراني أن "المعضلة الأكثر خطورة التي قد تقف حجر عثرة أمام إنجاز الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي، هي إصرار الدول الغربية على تفتيش مواقع عسكرية إيرانية، يقول الإيرانيون إن "لا صلة لها بالمشروع النووي". ويزداد الموقف تعنّتاً من كل الأطراف، بفعل رفض المرشد علي خامنئي أي تفاوض على "دخول المواقع العسكرية"، وإصراره على رفع العقوبات فوراً، لا بالتدرّج".

كما يعتبر الإيرانيون "الإصرار الدولي" بمثابة "تدخّل سافر في أدق أسرارهم العسكرية"، في حين يرى المفاوضون الغربيون، الأميركيون تحديداً، أن "الشفافية الكاملة هي وحدها الكفيلة بإقناع الدول الغربية بأن إيران تخلت بالفعل عن طموح صناعة الأسلحة الذرية، وأنها بحاجة إلى تقديم تنازلات حساسة قد يكون لها صلة بمشاعر الكبرياء والسيادة، من أجل كسب ثقة الغرب بعد عقود من الخصومة وغياب الثقة".

اقرأ أيضاً: خامنئي يجدد رفضه تفتيش منشآت إيران العسكرية