تعمل فلّة، فتاة جامعية، في أحد أكبر المحال التجارية (السوبرماركت) في مدينة رام الله. تقول: "أدرس الصحافة في جامعة القدس/ أبوديس. ويهمني الحصول على راتب يساعدني في تسديد الأقساط الجامعية ويؤمن مصروفي اليومي". تحصل فلة على 6 شواكل في الساعة، وتعمل حتى منتصف الليل، "بما لا يتعدى 6 ساعات، بمعدل 36 شيكل يومياً. وهذا المبلغ يعد قليلاً جداً".
عمل أكثر أجر أقل
لا تختلف حال سهى (24 عاماً) عن الفتاة الجامعية فلة، فهي تتقاضى 300 شيكل شهرياً، أي نحو 2.5 دولار يومياً في إحدى الروضات في قرية سلفيت، بالرغم من حصولها على شهادة من كلية التربية.
لا تختلف حال سهى (24 عاماً) عن الفتاة الجامعية فلة، فهي تتقاضى 300 شيكل شهرياً، أي نحو 2.5 دولار يومياً في إحدى الروضات في قرية سلفيت، بالرغم من حصولها على شهادة من كلية التربية.
الاستغلال الوظيفي، وغياب الأجور المناسبة يلخص واقع النساء العاملات في فلسطين، ولا يقتصر الأمر على الفتيات الجامعيات، بل يطال الجميع. فأم بهاء، أربعينية تعمل في أحد فنادق رام الله، بين 14 و16 ساعة يومياً، بأجر شهري مقداره 1100 شيكل (نحو 270 دولاراً)، أي أقل من دولار لساعة العمل.تساعد أم بهاء بذلك المبلغ أبناءها وبناتها في دراستهم الجامعية. تؤكد أنها لم تجد عملاً أفضل، على الرغم من بحثها منذ عام ونصف العام.
تقول بسمة البطاط رئيسة "وحدة المرأة" في "اتحاد نقابات عمال فلسطين": هناك استعباد لشريحة من الفتيات والنساء العاملات في الأراضي الفلسطينية ومتاجرة بهن، خاصة في القرى، إذ لا يتعدى راتب الموظفة أحياناً 300 شيكل (80 دولاراً) شهرياً، أي خمس الحد الأدنى للأجور في فلسطين". وتضيف لـ "العربي الجديد": "لاشك في أن الحكومة الفلسطينية تتحمل في المقام الأول المسؤولية المباشرة، بالإضافة إلى غياب الاهتمام من قبل الاتحادات وأصحاب المصالح، الذين لا يحركون ساكناً. وتتابع البطاط: "الغريب في الموضوع أن المرأة التي يصل راتبها إلى 300 شيكل، تدفع ضريبة القيمة المضافة مثلها مثل أصحاب رؤوس الأموال، وهذا يعد إجحافاً بحق العاملات".
وتدعو البطاط إلى "تطبيق قانون الضمان الاجتماعي وضبط سوق العمل الفلسطينية، وإلزام أصحاب العمل برواتب محددة للعاملين من خلال المصارف". من جهة أخرى، تشكك البطاط بإحصائية وزارة العمل التي أوردت أن "78% من السيدات العاملات يتلقين الحد الأدنى للأجور، والذي يبلغ 1450 شيكل، أي ما يعادل 470 دولاراً أميركياً، وأن 22% فقط من النساء العاملات يتقاضين نسبة أقل من الحد الأدنى للأجور". وتؤكد أن "هناك نسبة كبيرة من السيدات يعملن بأقل بكثير من الحد الأدنى للأجور. وبعضهن لا تتعدى رواتبهن ثمانين دولاراً في المكاتب والمؤسسات الصغيرة ورياض الأطفال".
استغلال أصحاب العمل
من جهته، يلفت وكيل وزارة العمل الفلسطينية ناصر القطامي إلى أن الحكومة حددت الحد الأدنى للأجور، وبدأت تطبيقه في الأول من يناير/ كانون الثاني 2013، وألزمت جميع المنشآت بتنفيذ القرار. "وما يحصل أن أصحاب العمل يستغلون حاجة العاملات للعمل، فيقومون بالتحايل على القوانين من خلال الحديث عن أجرة عالية شفهياً فقط، والاتفاق مع العاملات على دفع أجرة لا تسد رمقاً، قد تتراوح بين 80 و100 دولار شهرياً".
ويضيف القطامي لـ "العربي الجديد": "لا يمكننا التعامل مع التجاوزات الحاصلة إلا من خلال الشكاوى الرسمية، أو من خلال السجلات الرسمية الموجودة في المنشآت، والعاملات لا يلجأن إلى الشكاوى خوفاً من ضياع فرصة العمل". ويلفت إلى أنه "خلال العام الحالي ستقر الحكومة الفلسطينية قانون الضمان الاجتماعي، إذ إنه بات في المراحل الأخيرة، ومن ثم يتم توقيعه من الرئاسة. وبذلك يكون العمل قانونياً لتوفير حياة كريمة للعمال الفلسطينيين نساء ورجالاً"، كاشفاً أن ما لا يقل عن 250 شكوى بشأن "عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور تم تقديمها من قبل نساء عاملات إلى وحدة الشكاوى في الوزارة. وتم التعامل مع بعضها، وجزء منها تم تحويله إلى القضاء".
في المقابل، يرى رئيس "نقابة العمال الفلسطينيين" شاهر سعد أن قانون الضمان الاجتماعي يحتاج إلى دراسة معمقة، وبعد توقيعه، حيث سيستغرق تطبيقه عاماً ونصف العام على الأقل. وخلال تلك الفترة لا يوجد أي قانون رادع لأصحاب العمل".
وإلى ذلك الحين، تبقى حال العاملات الفلسطينيات معلقة، ويبقى الاستغلال بحقهن على أشده، بإنتظار تبلور إرادة سياسية حكومية فلسطينية، تنصف المظلوم وتضع حداً للظلم.
إقرأ أيضا: إجراءات حكومية لانتشال عمال مناجم الجزائر من مخالب الموت